الخليج وثقافة الديمقراطية (11) الفساد الخليجي معوقاً
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
الفساد وثقافة الديمقراطيةللباحثين والكتاب الخليجيين مقالات ودراسات مستفيضة حول تفاقم ظاهرة الفساد في المجتمع الخليجي وتأثيراتها الخطيرة على المواطن وعلى التنمية وسبل مواجهتها واحتوائها، إضافة إلى العديد من الندوات عبر العقود الماضية، وفِي هذه السنة ينظم "منتدى التنمية الخليجي" في لقائه السنوي الحادي والأربعين ندوة عن (تأثير الفساد على التنمية المستقبلية في دول الخليج) وهناك أوراق بحثية جيدة مقدمة.الفساد وثقافة الديمقراطية لا يتعايشان معاً في بيئة واحدة لأنهما مفهومان متعارضان، لا يمكن لقيم الحرية والمساواة والعدل وتكافؤ الفرص والمواطنة وسيادة القانون والشفافية والرقابة والمساءلة أن تحيا في مجتمع ينتشر فيه الفساد بلا مساءلة، فالغالب منهما ينفي الآخر حتما، والفساد يقتل ثقافة الديمقراطية، إضافة إلى مخاطر فساد زواج السلطة بالتجارة فإن للفساد الخليجي ألواناً أخرى: تشريعياً، عنصرياً، إدارياً، مالياً، قيمياً، إعلامياً، وهناك فساد ثقافي اجتماعي يكافأ من السلطة، كما في تغريدة لا تخلو من السخرية للمفكر القطري عبدالعزيز الخاطر: "أي باحث في علم الفيروسات لا يساوي شيئاً في مجتمعاتنا أمام شاعر متملق يحظى بالأولوية والتكريم. لا يمكن أن نستخلص لقاحاً لمرض لكن يمكن أن نطرز مجلدات في المدح ومكرمة السلطان!". وكان تعليقي الساخر: "لماذا العناء في استخلاص اللقاح في مجتمع منعم بالريع الذي يجلب أفضل اللقاحات العالمية؟!"، فرد قائلاً: "هذا تبرير مقبول لمجتمعات الخليج، لكن ما التبرير للدول العربية الكبرى؟! المشكلة ليست في الريع المادي بقدر ما هي في الفكر الريعي". هذا يلخص معضلة التأزم العربي كله أمام الولوج إلى عالم الحداثة وقيم الحرية والديمقراطية. إنها بعبارة أخرى "غلبة العقلية الريعية غير الإنتاجية على مراكز الإنتاج في الوطن العربي وعلى الاقتصاد العربي في مجمله" طبقاً للمفكر الاقتصادي الفذ الدكتور حازم الببلاوي.وهذا هو أس الفساد الخليجي الذي لم يكتف بإفساد مجتمعه، بل تجاوزه إلى المجتمعات العربية الأخرى.أخيراً: ليس معنى كل ذلك تحميل "الريع" المسؤولية، فهو "نعمة من المولى محمودة" أشبع الخليج بعد جوع، وآمنه بعد خوف، ومكنه أن يحتل الصدارة الدولية بعد أن كان طرفاً مهمشاً، لكن المقصود نقد أسلوب إدارتنا لهذه النعمة التي مهما شكرنا المولى عليها فلن نفيه حقه. * كاتب قطري