الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يواجه «العزل الثاني» وخطر اتهامات جنائية
بعد عام على تمرير مجلس النواب قرار عزله الأول، تبدأ غداً في مجلس الشيوخ المحاكمة الثانية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتحديد إن كان قد حرّض بالفعل على هجوم دامٍ استهدف مقرّ الكابيتول في 6 يناير الماضي.وسيختبر أعضاء مجلس الشيوخ سابقة مثيرة للجدل عندما يجتمعون لاتّخاذ قرار بشأن عزل رئيس لم يعد في منصبه، ولا يزال يشكّل مركز ثقل في حزبه ولو من دون سلطة كان يمنحه إياها البيت الأبيض.ورغم استبعاد إدانه مجلس الشيوخ ترامب بتهمة التحريض على التمرّد، التي يعتبرها الديمقراطيون محاولة انقلاب على أيدي إرهابيين من الداخل وأخطر هجوم منذ الحرب الأهلية في ستينيات القرن التاسع عشر، فإن انتهاء ثاني محاكمة يخضع لها بهدف عزله لن يعني إسدال الستار على نزاعاته القانونية، فقد يتم قريباً توجيه اتهامات جنائية له، فضلاً عن الدعاوى المدنية العديدة المرفوعة ضدّه.
وقطب العقارات السابق، الذي يعيش حاليا بعيدا عن الأضواء في مقر إقامته الفخم في فلوريدا، ليس غريبا عن النظام القضائي، فطالما اعتاد جيش من محاميه الدفاع عنه ومهاجمة خصومه خلال جلسات استماع لقضايا مدنية. وبما أنه عاد مرة جديدة إلى كونه مجرّد مواطن دون الحصانة الرئاسية، يواجه احتمالا غير مسبوق بأن يتم توجيه تهم إليه.وبات حالياً مستهدفاً بتحقيق جنائي واحد على الأقل، يقوده مدعي مانهاتن سايرس فانس، الذي يكافح منذ شهور للحصول على عائدات ترامب الضريبية عن ثماني سنوات.وفي يوليو، أمرت المحكمة العليا محاسبي ترامب بتسليم الوثائق المالية إلى فريق فانس. وتقدّم محاموه بالتماس بشأن حجم الوثائق المطلوبة لم يتم البت فيه بعد.وبحسب وسائل إعلام أميركية، استجوب محققون من مكتب فانس مؤخرا موظفين من "دويتشه بنك"، المصرف الذي طالما دعم الرئيس السابق ومنظمة ترامب. كما تحدثوا إلى موظفين من بينهم وسيط التأمين الذي يتعامل معه ويدعى "آون".وحققوا كذلك مع محامي ترامب الشخصي السابق مايكل كوهين، الذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، بعدما أقر بأنه دفع أموالا لإسكات السيّدتين اللتين يشتبه بأنهما أقامتا علاقات مع ترامب.وقال المحامي السابق في شهادة أدلى بها للكونغرس إنّ ترامب وشركته ضخّما وخفضا قيمة أصولهما بشكل كاذب، من أجل الحصول على قروض مصرفية وخفض ضرائبهما.
خطر السجن
وتحقق النائبة العامة في نيويورك لتيتا جيمس، وهي ديمقراطية، بالتهم ذاتها. واستجوب فريقها نجله إريك تحت القسم رغم معارضة محامي ترامب، وحصلوا على وثائق بشأن بعض أملاك العائلة. وبينما تحقيقها مدني، فإنّها أفادت مؤخرا أنها في حال عثرت على أي أدلة على نشاط جنائي، وفي حال دين ترامب، فقد يواجه خطر السجن. وعلى خلاف الجرائم الفدرالية، لا يمكن للرئيس إصدار عفو بشأن إدانات الولايات.وفي حين يهدف الديمقراطيون إلى حظر ترامب من تولي أي منصب فدرالي في المستقبل، يدفع الرئيس السابق وحلفاؤه بأن المحاكمة بحد ذاتها غير دستورية؛ إذ بإمكان مجلس الشيوخ إدانة رئيس في منصبه وإزاحته من السلطة، لكن لا يمكنه القيام بذلك تجاه مواطن عادي.وستسمح هذه المقاربة لفريق الدفاع عنه وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بتجنّب مهمة الدفاع عن التغريدات والانتقادات اللاذعة الصادرة عن ترامب قبيل أعمال العنف.وستحتاج إدانة ترامب إلى أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، مما يعني أنه سيتعيّن على 17 جمهوريا الانشقاق عن صفوف باقي أعضاء الحزب والانضمام إلى جميع الديمقراطيين البالغ عددهم 50 سناتورا، في سيناريو يبدو مستبعدا في الوقت الراهن.شخصيات العزل
وأصرّت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي شكّلت فريقاً من 9 ديمقراطيين لإدارة إجراءات العزل وتوجيه التهم لترامب، على ضرورة إجراء المحاكمة، معتبرة أن الفشل في إدانته سيضر بالديمقراطية.وتبدّل عدد من الشخصيات الأساسية في الإجراءات المرتقبة بمجلس الشيوخ عن تلك التي سلّطت عليها الأضواء في آخر محاولة لعزل الرئيس السابق في ديسمبر 2019. كما أن التهم مختلفة هذه المرة من استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس إلى "التحريض على التمرّد".وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن تصريحات ترامب حول تزوير نتائج الانتخابات وهجوم الكابيتول كلفت دافعي الضرائب 519 مليون دولار، مبينة أن هيئات الدولة اضطرت لإنفاق أموال إضافية من الميزانية، للرد على أعماله وأنصاره، وشملت النفقات رسوم المحكمة في العديد من الدعاوى، وتعزيز الإجراءات الأمنية لمسؤولي الانتخابات، وإجراء أعمال إعادة الإعمار بعد الهجوم على مبنى الكابيتول.وكان ترامب كتب أمس الأول على منصة "غاب" للتواصل الاجتماعي، المفضلة لدى انصاره، إن "المزاعم التي تلاحقه بشأن التورط في أحداث الكونغرس لا يمكن إثباتها".ونشر الرئيس الأميركي السابق رسالة من أحد محاميه، ويدعى ديفيد سشوين، إلى أحد أعضاء الكونغرس، وفيها نفي ما قال إنها مزاعم تلاحق موكله، ورفض لطلب ترامب الشهادة في البرلمان، تحت القسم.