طهران تستقبل غريفيث بالشروط وتدفن «وساطة ماكرون»

فيصل بن فرحان : الدول الأكثر تأثراً بتهديدات إيران يجب أن تكون طرفاً بأي اتفاق دولي معها

نشر في 09-02-2021
آخر تحديث 09-02-2021 | 00:05
ظريف مجتمعاً بالمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن والوفد المرافق له في طهران أمس (أ ف ب)
ظريف مجتمعاً بالمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن والوفد المرافق له في طهران أمس (أ ف ب)
استقبل المسؤولون الإيرانيون المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث برؤية "تضمنت شروطاً"، من أجل المساهمة في دعم جهود إحلال السلام بالبلد العربي، في حين أوصدت طهران باب توسط باريس من أجل إحياء الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، رفضاً لدعوتها إلى توسيع الاتفاق ليضم قوى إقليمية مثل السعودية.
مع توجه الإدارة الأميركية الجديدة إلى اعتماد مقاربة ترتكز على معالجة جل النقاط الساخنة في المنطقة، من أجل تحقيق توازن إقليمي مستدام، أطلع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث على "رؤية مشروطة" من أجل المساهمة في حل الأزمة اليمنية، حيث تدعم بلاده جماعة "أنصار الله" الحوثية المتمردة.

وقال ظريف للمبعوث الأممي، لدى استقباله في طهران أمس، إن "الحل في اليمن يمكن عبر الوسائل السياسية، وليس فرض الحرب"، مضيفاً أن "طهران مستعدة لدعم أي دور فاعل للأمم المتحدة لحل الأزمة".

من جهته، رأى غريفيث أن "الاطلاع على وجهة نظر طهران لحل الأزمة وإحلال السلام والاستقرار، يتمتع بأهمية بالغة"، مضيفاً أن "حل الأزمة اليمنية يمر عبر وقف إطلاق النار، وبدء حوار سياسي، وإرسال المساعدات الإنسانية".

وتزامنت زيارة المسؤول الأممي غير المسبوقة إلى طهران لاستشراف سبل إنهاء الحرب في البلد العربي مع تباهي سكرتير مجلس "تشخيص مصلحة النظام" محسن رضائي بنفوذ بلاده الخارجي، قائلا: "إن أعداء إيران يعلمون أن طهران تحكم على 500 مليون شخص في 25 دولة، يتداولون 800 مليار دولار سنوياً".

مطالبة أميركية

في غضون ذلك، دعت واشنطن، المليشيات الحوثية إلى الوقف الفوري لهجماتها العسكرية على السعودية وداخل الأراضي اليمنية، بعد تصعيدها لاعتداءات تشنها بطائرات مسيرات "درون" على المملكة واستئنافها الزحف باتجاه مدينة مأرب آخر معاقل حكومة الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور في شمال البلاد.

ودعا بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، أمس، الحوثيين إلى وقف الهجمات "التي لا تجلب إلا المزيد من المعاناة للشعب اليمني".

وأشار البيان إلى بدء الإدارة الجديدة خطوات تهدف لإنهاء النزاع، من بينها إلغاء تصنيف إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب "أنصار الله" جماعة إرهابية.

وأضاف: "بينما يتخذ الرئيس بايدن خطوات لإنهاء الحرب، وتؤيد السعودية تسوية تفاوضية، تشعر واشنطن بقلق عميق من استمرار هجمات الحوثيين".

وحثت واشنطن "الحوثيين على الامتناع عن زعزعة الاستقرار، وإظهار الالتزام بالمشاركة البناءة في جهود غريفيث لتحقيق السلام".

واختتمت الخارجية الأميركية بالقول: "حان الوقت الآن لإيجاد نهاية للصراع" المستمر منذ 7 سنوات.

وعقب مرور أسبوعين على توليه المنصب، أعلن بايدن، أنه سيوقف مبيعات الأسلحة المتعلقة باليمن، ووقف دعم بلاده للأعمال التي تؤدي إلى استمرار الحرب.

تصعيد وزحف

وبعد ساعات من دعوة واشنطن لضرورة وقف الهجمات، صدت دفاعات "تحالف دعم الشرعية"، الذي تقوده السعودية في اليمن، "درون" حوثية مفخخة باتجاه المملكة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم قوات "التحالف" تركي المالكي بأن القوات المشتركة تمكنت من "إحباط هجوم ممنهج ومتعمد لاستهداف الأعيان المدنية والمدنيين بالمنطقة الجنوبية للسعودية".

وأمس الأول، أعلن "التحالف" تدمير 4 طائرات مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه المملكة، في حين قتل 3 مدنيين وأصيب 3 بنيران صاروخ بالستي حوثي أطلق على مدينة مأرب اليمنية.

كما استأنف المتمردون هجومهم على مدينة مأرب الغنية بالنفط، أمس.

واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين بعد توقف دام لعدة أسابيع، بحسب مصادر حكومية، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى من الجانبين.

وقال مصدر عسكري حكومي إن الحوثيين "دفعوا بتعزيزات كبيرة" إلى مأرب، مضيفا أن "المواجهات تبعد أكثر من 10 كيلومترات عن مأرب" من الجهة الغربية.

وأضاف: "صدت القوات الحكومية خمس هجمات من مختلف المحاور".

كما شهدت محافظة الجوف المتاخمة للحدود السعودية معارك عنيفة بعدة نقاط بين المتمردين والقوات الحكومية.

ومنذ نحو 7 سنوات، يأمل اليمنيون الوصول إلى سلام يفضي إلى حل أزمة بلادهم، التي دفعت الملايين إلى حافة المجاعة في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.

ترحيب ورفض

وتأتي التطورات بشأن النزاع بجنوب الجزيرة العربية، في وقت أوصدت السلطات الإيرانية الباب بشأن عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتوسط من أجل إعادة بايدن للاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 ودعوته إلى ضم قوى إقليمية مثل السعودية وإسرائيل له، لتلافي الأخطاء التي أدت إلى انسحاب ترامب منه عام 2018.

وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية سعيد خطيب زاده إن طهران ترحب بإعلان واشنطن رغبتها في إصلاح أخطاء الحكومة السابقة، لكنه اعتبر أن الاتفاق النووي ليس بحاجة إلى وسيط، مؤكداً أنه على واشنطن الوفاء بالتزاماتها ورفع العقوبات التي أعاد ترامب فرضها بعد انسحابه.

وأضاف زاده "اننا لا نعير أهمية للكلام، بل إن الأساس هو العمل".

كما وصف وزير الخارجية الإيراني، موقف حكومة بايدن من الاتفاق النووي بأنه "لا أساس له ومتناقض"، قائلاً إن "حكومة بايدن لم تقرر بعد ما تريد فعله، كلامهم غامض. لا يزال لديهم الوقت لتصحيح تصريحاتهم".

من جهة ثانية، شدد ظريف على أن بلاده ترحب بأي جهود كويتية أو قطرية لتفعيل الحوار مع دول المنطقة، لكنه شدد على أن الحوار يجب أن يكون إقليماً بدون الدول الغربية.

وجاءت تصريحات ظريف بعد أن تمسك المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس الأميركي جو بايدن بشروطهما للعودة الى الاتفاق النووي، رغم أن مسؤولاً في إدارة بايدن حاول في وقت لاحق الإشارة الى أن بايدن يطالب طهران بوقف تخضيب اليورانيوم.

ولاحقاً، جدد وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، رفض المملكة للتهديدات الحوثية.

اعتبر أن الدول الأكثر تأثرا بـ«تهديدات إيران» يجب أن تكون طرفا في أي اتفاق دولي مستقبلي حول تسوية الخلافات مع الجمهورية الإسلامية.

وشدد بن فرحان، في كلمة ألقاها خلال اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، على أن «النظام الإيراني يهدد أمن واستقرار الدول العربية عبر ميليشياته»، مشيراً إلى الهجمات التي استهدفت المملكة أخيرا.

وفي السياق، قال قائد القيادة الأميركية الوسطى، كينيث ماكينزي، إن بلاده تحرك قواتها في المنطقة حسب الحاجة، وتبني شراكات في وجه إيران.

الحوثيون يواصلون التصعيد وظريف يرحب بأي جهود كويتية أو قطرية لتفعيل الحوار الإيراني - الخليجي

أعداء إيران يعلمون أن طهران تحكم على 500 مليون شخص في 25 دولة محسن رضائي
back to top