بدء الحوار الوطني الفلسطيني ... رعاية عربية وتفاؤل رغم «الألغام»
«الوزاري العربي» يجدد الدعم... وأشتية يطالب بـ «إعادة الوهج للقضية» والدعم المادي
برعاية مصرية وعربية، انطلقت جلسات الحوار الفلسطيني بين الفصائل الفلسطينية في محاولة لترتيب البيت الداخلي قبل الانتخابات التي ستجري في مايو المقبل وستكون الأولى منذ 2006.
انطلقت جلسات الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة، أمس، لبحث إنهاء حالة الانقسام بين فرقاء المشهد والتوافق على آليات إجراء الانتخابات، وذلك بمشاركة 12 فصيلًا فلسطينيًا، وتحت رعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إذ تلقي مصر بثقلها مدعومة بتأييد عربي وأوروبي خلف حلحلة الأزمة الفلسطينية تمهيدًا لإطلاق مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاحقًا، وسط جهود عربية لإعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة العمل العربي.ويترأس وفد حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، أمين سر لجنتها المركزية جبريل الرجوب، بينما يترأس وفد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، رئيس مكتبها السياسي صالح العاروي، ويترأس وفد حركة "الجهاد الإسلامي" عضو المكتب السياسي نافذ عزام، في الحوار الذي يأتي بعد قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 15 يناير الماضي بتنظيم انتخابات عامة هي الأولى منذ نحو 15 عامًا.مصادر فلسطينية قالت، لـ "الجريدة"، إن جلسات الحوار التي تستمر يومين، ستناقش عدة قضايا في مقدمتها إجراء الانتخابات العامة بداية من مايو المقبل، وآليات إجراء الانتخابات من الناحية القانونية والفنية، فضلاً عن مناقشة آلية الإشراف القضائي وهي نقطة محل خلاف بين الفصائل وحكومة الرئيس محمود عباس، بينما قالت مصادر مصرية، إن دور القاهرة يقتصر على توفير المناخ اللازم لإنهاء الفصائل الخلاف الفلسطيني وصولا إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، إن الاجتماعات التي تجرى في القاهرة برعاية مصرية كريمة، "ستتناول مخرجات اجتماع الأمناء العامين والاتفاقيات والتفاهمات الثنائية التي تمت حول إجراء الانتخابات الفلسطينية"، داعيا إلى ارتفاع صوت الوحدة فوق كل الأصوات.بدوره، أبدى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، ترحيب الحركة بحوار القاهرة، في ضوء انفتاح "حماس" على "حوار شامل يفضي إلى ترتيب بيتنا الداخلي، وينهي الانقسام، ويؤسس لنظام سياسي يقوم على أساس مبدأ الشراكة والتعددية السياسية"، داعيا جميع قيادات الفصائل المشاركين في الحوار لتحمل المسؤولية التاريخية، واتخاذ كل ما يلزم لعبور مرحلة "هي الأخطر على قضيتنا".من جهته، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي بحركة "فتح"، لـ "الجريدة"، إن جولة الحوار الفلسطيني تأتي استكمالا لعدد من التحركات الفلسطينية بما فيها قرارات دعوة الرئيس محمود عباس لإجراء الانتخابات، والتي ستكون الأولى منذ 2006، أي بعد أربع دورات انتخابية معطلة، مما يجعل إجراء الانتخابات ضرورة في حد ذاتها لأن المشهد السياسي تغير تماما في فلسطين بعد كل هذه السنوات وظهرت أجيال جديدة من حقها انتخاب قياداتها السياسية.وأشار الرقب الذي ينتمي إلى تيار القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان إلى وجود ألغام كبيرة في مواجهة جولة حوار القاهرة أهمها الإشراف القضائي على الانتخابات، إذ تتهم حماس وعدد من الفصائل المحكمة الدستورية بالموالاة للرئيس عباس، ويخشى الجميع من أن تتغول المحكمة على العملية الانتخابية وتسقط قوائم بحجة التمويل الأجنبي، كإبعاد ومنع التيار الإصلاحي في فتح بقيادة محمد دحلان، كذلك وضع الأجهزة الشرطية ومدى نزاهتها الانتخابية، إذ توجد قوة شرطية في غزة تخضع لحماس وأخرى في الضفة تخضع لفتح.وتابع الرقب: "الأخطر هو مطالب البعض بعدم الاعتراف بمرجعية اتفاق أوسلو، وهو موقف الجهاد الإسلامي، وهو أمر سترفضه فتح بشكل واضح وصريح، خاصة أننا جميعا ننتظر موقف الإدارة الأميركية الجديدة من عملية السلام المؤسسة على اتفاق أوسلو، كذلك وضع أهالي القدس من الترشح والتصويت، وهو أمر يمكن حله عبر بوابة التصويت الإلكتروني".وكشف الرقب عن رغبة صادقة في نجاح جولة الحوار الفلسطيني الحالية، وأن تؤدي إلى مسار ينهي الانقسام الفلسطيني ويؤدي إلى إجراء الانتخابات ويقول الشعب كلمته، محذرا من أن فشل جولة الحوار ستؤدي إلى انتكاسة جديدة وإحباط عميق بين صفوف الشعب الفلسطيني، داعيا لتأجيل الحديث عن برنامج سياسي جديد يتناسب مع المتغيرات إلى ما بعد الانتهاء من الاتفاق على آليات إجراء الانتخابات ومن ثمة عقدها. بدوره، رأى أستاذ النظم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور جهاد الحرازين، أن جولة الحوار التي تستضيفها القاهرة تأتي في سياق الجهود المصرية التي بُذلت وبدعم عربي للوصول إلى حالة من التوافق الفلسطيني، وتحقيق اختراق بملف المصالحة الوطنية الذي تجمد منذ عام 2017، لذلك كان لابد من لقاء وطني يجمع الكل الفلسطيني".وأشار الحرازين، في تصريح لـ "الجريدة" إلى أن "اجتماعات القاهرة تسعى للاتفاق على الخطوات الواجب اتخاذها، ووضع خريطة طريق توصل للهدف المنشود المتمثل بتحقيق الوحدة الوطنية، وإنهاء الفصل الأسود من تاريخ القضية الفلسطينية، لذلك المطلوب من الفصائل المجتمعة هو الوصول إلى توافق حول عدة قضايا مهمة منها المحكمة المشرفة على الانتخابات وضمانات قبول النتائج، لذا لا أتوقع أن يتم مناقشة قضية أخرى غير قضية الانتخابات، خاصة أن المتغيرات الدولية تتطلب موقفا فلسطينيا موحدا ورؤية وطنية مدعومة بموقف عربي جامع وشامل وداعم للحق الفلسطيني".في الأثناء، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية وزراء الخارجية العرب الذين عقدوا في القاهرة أمس أول اجتماع لهم خلال ولاية الرئيس جو بايدن، إلى "دعم الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الاحتلال الاسرائيلي".وقال اشتية في كلمة بداية اجتماع الحكومة أمس في رام الله "ندعوهم للتمسك بمبادرة السلام العربية في مواجهة سياسة التوسع الإسرائيلية وإعادة الوهج للقضية الفلسطينية وتوفير الدعم المادي لتعزيز صمود أهلنا على أراضيهم".وعن لقاء وزراء الخارجية العرب قال انه سيناقش بندا واحدا على جدول اعمال هو تقديم الدعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وانطلاق جلسات الحوار بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة، واصفاً ذلك بـ "الحدثين المهمين".وقال إن "الانتخابات بوابة لتجديد حياتنا الديمقراطية على أسس الحرية والتعددية والشراكة السياسية وتشكل مناعة وطنية لمواجهة التحديات".وكان الوزراء العرب عقدوا اجتماعاً تشاوريا قبيل الاجتماع الذي دعت اليه مصر والاردن لتبادل الرؤى حول مشروع قرار سيصدر عن الاجتماع لدعم القضية الفلسطينية. إلى ذلك، اتفق وزراء خارجية مصر والأردن والعراق، على "أهمية التوصل لحلول سياسية للصراعات التي تعاني منها دول سورية واليمن وليبيا، ووقف التدخلات الخارجية في شؤونها، لكي تتمكن من الحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها، فضلا عن تبادل الرؤى حول القضية الفلسطينية وعملية السلام، والاتفاق على تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة".