اغتيل، قبل أيام، في لبنان الناشط السياسي والإعلامي لقمان سليم، صاحب موقع "هيا بنا"، بخمس رصاصات أطلقت على رأسه، الاتهام وجه من قبل بعض الكتاب اللبنانيين إلى حزب الله، باعتبار أن لقمان تخصص في نقد الحزب، حزب الله بدوره أنكر الجريمة وطالب بتحقيق فيها، لكن حسب تقرير "واشنطن بوست" كان سليم مصدر إزعاج لدولة الحزب منذ زمن طويل، وما يثير الشكوك حول دور الحزب أن جواد نصرالله، ابن حسن نصرالله، كتب مغرداً بعد الجريمة أن خسارة البعض، في الحقيقة، هو ربح غير متوقع، مسح التغريدة وأعاد صياغتها بشكل آخر. آخرون موالون للحزب لم يترددوا في تعبيرهم عن فرحهم للاغتيال بموقع "فيسبوك" بعبارات إن "حزب الله رمى القمامة في الخارج".الاغتيال السياسي هو إرهاب كامل الدسم، عملية الاغتيال ليست أمراً جديداً في التاريخ اللبناني، لم أكتب تاريخ الدولة اللبنانية لأنها (الدولة) غائبة عن المشهد من عقود طويلة، ولبنان، تاريخياً، هو أرض حريات التعبير ونافذة الفكر الحر في عالم عربي يتشح بشعار أبدي عنوانه "اخرس... وقدس الدولة (أي السلطة)".
في لبنان غابت الدولة وكان محكوماً عليها بالغياب الحتمي منذ بدايات تأسيسها وصياغة ميثاقها الوطني الذي وزع السلطة حسب الهويات الطائفية والدينية، وحلت مكانها دويلات، أقواها اليوم، دولة حزب الله، الذي تستند مشروعيته الواقعية إلى نضاله بتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، وأنه – مع حركة أمل - يمثل الأغلبية الشيعية المسحوقة، إلا أن مشروعية الواقع هذه تمددت لتحل مكان دولة "خيال المآته" الرسمية.اغتيال سليم لم يكن أول الاغتيالات السياسية، ولن يكون آخرها، فقبله تاريخ دموي ممتد لاغتيال البشر من الرئيس رفيق الحريري وجبران تويني وسمير قصير، وقبل كل هؤلاء كان هناك كمال جنبلاط، والقائمة طويلة لا تعرف أين تبدأ وأين ومتى تنتهي؟ خطورة اغتيال سليم أنه قتل لأنه عبر عن رأيه، ومارس حرية النقد من نافذة أرض الحرية في عالم "اخرس" العربي، هنا لم يعد هناك استثناء لبناني في تلك القطعة الجميلة، وإنما أصبح حال لبنان مثل حال الشقيقات العربيات (نستثني تونس). الفرق في "الخصوصية" اللبنانية أن القاتل المجهول ليس هو المؤسسة الرسمية أو "وكيلها" حين يكون الاغتيال خارج إقليم الدولة السيادي، إنما يمارس من دولة الواقع بالداخل.
أخر كلام
لم يعد لبنان استثناءً
09-02-2021