رغم إغلاق معظم مبنى الكابيتول وخضوع واشنطن لتدابير أمنية مشددة من الآلاف من قوات الحرس الوطني، بدأ مجلس الشيوخ الأميركي أمس، محاكمة تاريخية هي الثانية من نوعها بحق الرئيس السابق دونالد ترامب، وصفها فريق الدفاع عنه بأنها "عمل سياسي وقح" بدافع الانتقام، في حين اعتبره المدعون الديمقراطيون أنه حرّض بإرادته على تمرد عنيف.وتتبع محاكمة ترامب قواعد تعود لعام 1868 لمحاكمة الرؤساء الأميركيين لكنها تعتمد جدولاً زمنياً مقتضباً أتى نتيجة اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين ويشمل إجمالاً 30 ساعة تقريباً موزعة على جلسات يومية.
وتفاوض الحزبان حول إطار المحاكمة وستقام الجلسات في فترة بعد الظهر باستثناء مساء الجمعة والسبت؛ كي يتمكن أحد محامي ترامب من احترام عطلته اليهودية.وستبدأ الجلسات في كل يوم بحلف يمين وبدعوة إلى الهدوء. ويطلب من أعضاء مجلس الشيوخ لزوم الصمت "تحت طائلة دخول السجن".وكرس اليوم الأول لنقاش قانوني، فمحامو ترامب يعتبرون أنه لا يمكن محاكمته في إطار إجراءات عزل لأنه غادر السلطة. إلا أن الديمقراطيين بزعامة جايمي راسكين يؤكدون أن هذا الإجراء استخدم لمحاكمة وزير سابق وينبغي نزع أهليته للترشح وتوجيه رسالة رادعة إلى الرؤساء المقبلين، الذين قد تسولهم نفسهم أن يحذوا حذوه.وأتيحت ساعتان لكل طرف لتقديم حججه وسيصوت أعضاء مجلس الشيوخ بعد ذلك للقول، إن كانوا يريدون أن تستمر المحاكمة. وبما أن الديمقراطيين يسيطرون على مجلس الشيوخ من غير المرجح أن تتوقف.واعتباراً من ظهر اليوم سيكون أمام كل من الادعاء والدفاع 16 ساعة موزعة على يومين كحد أقصى لعرض حججهما.وسيكون أمام أعضاء مجلس الشيوخ أربع ساعات الاثنين لطرح الأسئلة كتابياً على الطرفين. وسيتولى الادعاء والدفاع الكلام مدة ساعة لكل منهما لطلب استدعاء شهود أو أدلة إضافية أو الاحتجاج عليها. وسيعود لأعضاء المجلس البت في ذلك خلال تصويت بالأغلبية البسيطة.وتبقى نتيجة هذا التصويت مفتوحة على احتمالات عدة حتى لو أن الجمهوريين والديمقراطيين ولأسباب مختلفة، يفضلون التقدم بسرعة في المحاكمة، مما قد يحملهم إلى الدفع باتجاه التخلي عن طرح عناصر جديدة.وفي حال اتفاق الأعضاء على الانتقال إلى المرحلة الأخيرة للمحاكمة سيكون أمام الادعاء ساعتان لتقديم مرافعته، فيما سيتاح الوقت نفسه للدفاع للرد عليه. وقد ينسحب عندها أعضاء مجلس الشيوخ فترة لإجراء مداولات، ثم الانتقال إلى الحكم.وبموجب الدستور، ينبغي الحصول على تأييد ثلثي أعضاء المجلس أي 67 سناتوراً لإدانة ترامب وهو عدد يصعب الوصول إليه. لكن في حال أدين ينبغي على أعضاء المجلس التصويت مجدداً لكن بغالبية بسيطة لتجريده من أهلية الترشح للانتخابات.وفي حين اعتبر الديمقراطيون أنّ ترامب ارتكب "انتهاكاً للدستور هو الأخطر" في تاريخ الرئاسة الممتد 232 عاماً، بتحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس، اعتبر الفريق القانوني له، أمس الأول، أن المحاكمة انتهاك للدستور ومن "العبث" تحميله مسؤولية أعمال العنف.وفي مرافعة جاءت في 78 صفحة، كتب المحامون ديفيد شون وبروس كاستور ومايكل تي فان دير فين، أن "على مجلس الشيوخ أن يرفض بسرعة هذا العمل السياسي الوقح" لأن "من الواضح أن هذا ليس ما أراده واضعو الدستور ولا ما يسمح به الدستور". وأضافوا أن "الاستجابة لتعطش الديموقراطيين في مجلس النواب لهذه المسرحية السياسية، خطر على الديموقراطية والحقوق التي نعتز بها".واستخدم المحامون نبرة حادة في المرافعة، مؤكدين أنه "من العبث" القول، إن ترامب حرض حشداً لارتكاب جريمة عنيفة، واعتبروا أن الذين هاجموا الكابيتول قاموا بذلك من تلقاء نفسهم.ووسط استمرار المخاوف من هجمات يشنها متطرفون، لا يزال 6 آلاف عنصر من الحرس الوطني منتشرين في واشنطن، ما يضيف إلى صورة عاصمة لا تزال متوترة.وبينما رفض الرئيس جو بايدن التطرق إلى مسألة ما إذا كان ينبغي إدانة ترامب أو حرمانه من تولّي أيّ منصب عام في المستقبل، أفادت شبكة "سي إن إن" أمس بأنه من المتوقع أن تطلب وزارة العدل من 56 مدعياً عاماً عينهم الرئيس السابق تقديم استقالاتهم.وحدد مسؤولو وزارة العدل موعدا لاتصال مع المدعين في جميع الأنحاء لمناقشة الانتقال الذي من المتوقع أن يستغرق أسابيع. ولفتت الشبكة إلى أن تغيير المدعين يعد أمراً روتينياً، وتحكمه في الغالب التوجهات السياسية. وفي عام 2017، طلب المدعي العام آنذاك جيف سيشنز من 46 مدعياً عينهم الرئيس الأسبق باراك أوباما تقديم استقالاتهم. وسُمح لعدد قليل منهم بالبقاء فترة وجيزة، لكن معظمهم اضطروا إلى المغادرة على الفور.
دوليات
جدول مختصر لمحاكمة ترامب و30 ساعة تحدد مصيره
10-02-2021