في تغيير لاستراتيجيتها السابقة، هددت إيران للمرة الأولى، على هذا المستوى، بإنتاج قنبلة نووية، بينما تخوض مبارزة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هدفُها التوصل إلى أرضية لمفاوضات شاملة تتضمن عودة الطرفين إلى الاتفاق النووي، وإضافة مسائل جديدة إليه، مثل أنشطة إيران الإقليمية وبرنامجها الصاروخي.

وكان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي للشؤون الخارجية، ألمح قبل أيام إلى أن فتوى الولي الفقيه التي تحرّم إنتاج وحيازة الأسلحة النووية، والتي كانت طهران تعتمد عليها هي فتوى متحركة وتخضع لشروط.

Ad

لكن هذه المرة، جاء الكلام بطريقة أكثر مباشرة، وعلى لسان أحد وزراء حكومة حسن روحاني المعتدلة، فقد قال وزير الاستخبارات الإيرانية محمود علوي، في مقابلة على التلفزيون الرسمي، إن بلاده قد تلجأ إلى إنتاج سلاح نووي، إذا استمرت الضغوط عليها.

وعقب تحذير وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، قبل أيام، من أن طهران قد تكون على بعد أسابيع من حيازة مواد إنتاج سلاح نووي، قال علوي: «رغم وجود فتوى دينية صريحة من قبل المرشد الأعلى للثورة تحرّم إنتاج القنبلة النووية، وأن إيران لن تتجه نحو إنتاجها، فإن هذا الوضع قد يتغير، فعندما تحاصَر القطة الحرة في زاوية محددة، قد يتغير ويختلف سلوكها تماماً، لذلك عندما يتم دفع إيران ومحاصرتها في زاوية محددة، فأي سلوك أو تصرف تتخذه، حينها، لن تكون هي المسؤولة عن تبعاته، لكن الذين دفعوها بهذا الاتجاه هم المسؤولون».

وأثار كلام علوي تساؤلات وانتقادات عديدة عن سبب إدلائه بهذه التصريحات، في حين أن الحكومة الإيرانية كانت تصر دوماً على أنها متمسكة بفتوى المرشد الأعلى.

وأكد مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن كلام علوي لم يكن زلة لسان، بل ستعتمده طهران في حال أصرت واشنطن على عدم رفع العقوبات واستمرار الأوروبيين بمجاراتها.

وقال المصدر إن توتراً كبيراً ساد آخر اجتماع للمجلس، مساء الخميس الماضي، فقد تم التطرق إلى تصاعد الضغوط على طهران مع مراهنة أطراف إيرانية على أنه يمكن الوصول إلى صيغة تفاهم مع الغرب عبر المفاوضات. كما جرى استعراض تقارير تحذر من أن الصينيين والروس يمكن أن يجاروا إدارة ترامب السابقة، وأن تعود طهران إلى فترة العزلة الدولية.

وأضاف أن تهديدات أوروبية وصلت إلى طهران بإمكانية تفعيل «بند الزناد» في الاتفاق النووي، إذا خرجت إيران من الاتفاق النووي، أو نفذت تهديداتها في 21 الجاري بالخروج من البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية، ومنع مفتشي المنظمة الدولية للطاقة الذرية من دخول البلاد دون تأشيرات وحرية التفتيش.

وحسب المصدر، فقد تقرر أن يصدر موقف عن الخارجية الإيرانية يتضمن تهديداً بتصنيع سلاح نووي، إذا استمر الأوروبيون والأميركيون في ضغوطهم، أو إذا حصل هجوم على منشآت طهران النووية من أي جهة كانت.

وتابع: «إلا أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف رفض الإدلاء بالتصريح، وقال إنه لن يسمح لأي دبلوماسي يعمل بالخارجية بترديده، منبهاً إلى تأثيراته السلبية على الساحة الدولية، ولهذا السبب فقد تقرر أن يدلي وزير الاستخبارات بالتصريح».

وظاهرياً يقف المسار الأميركي- الإيراني عند من سيقوم بالخطوة الأولى، إيران عبر عودتها عن انتهاك الاتفاق من خلال تخفيض التزاماتها ببعض بنوده، وأبرزها زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، أم واشنطن التي تقول طهران إنه يجب أن ترفع العقوبات التي فرضتها بعد خروجها بشكل أحادي من اتفاقية عام 2015؟

لكن «رويترز» قالت إن المسار قد لا يكون في انسداد. ونقلت عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن إدارة بايدن تبحث مجموعة من الأفكار، بما في ذلك خيار يتخذ فيه الجانبان خطوات صغيرة دون الالتزام الكامل وفق ما أسماه «الأقل مقابل الأقل» كخطوة مؤقتة، وذلك في محاولة لـ «كسب الوقت» قبل موعد 21 الجاري الذي هددت طهران فيه بوقف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم تُرفعَ عنها العقوبات.

وتحدثت المصادر عن إمكانية موافقة واشنطن على منح قرض لطهران مقابل تخليها عن بعض الانتهاكات.

من ناحية أخرى، أوضح المصدر أنه خلال اجتماع الخميس كشف وزير الاستخبارات، أن أحد كبار الضباط في «الحرس الثوري» كان العميل الداخلي الذي سهّل عملية اغتيال العالم النووي العسكري محسن فخري زاده.

وحسب المصدر، فإنه رغم أن «الاستخبارات» كانت قد كشفت قبل شهرين عن تحركات مريبة لبعض الأشخاص في منطقة اغتيال زادة، لكن هذا الضابط الذي هو برتبة لواء قام بتغطية جميع تحركات المنفذين، وتأمين المكان الذي تم فيه إخفاء الأسلحة والطائرات دون طيار التي نفذت بالعملية.

وقال إن الحرس الثوري كان يريد التكتم على هذا الأمر، لكن بسبب استمرار الضغوط على الوزارة، فإن الوزير كشف عن الموضوع في مقابلته مع التلفزيون.

طهران- فرزاد قاسمي