عن ماذا نكتب؟ عن السادة المسؤولين الذين قال لهم السيد الخجل- صديقهم سابقاً- ماذا فعلتم بي؟!
عن أولئك الذين يظهرون وهم أقل من الشاشة- أو الجهاز- يستخفون بعقول الناس؟!عن الوجوه التي تهتز كلما شاهدت الكلمات وهي تكشف الحقائق والفضائح!عن السادة النواب وهم يقطعون الوقت بالسراب ويضعون مستقبل الشعب تحت عباءتهم... وما أوسع العباءات؟!عن الكثير والكثير ممن وضعوا "ميكافيلي" مرشداً روحياً لهم! أم نكتب عن الذين يحبون بلادهم وهم لا يجدون أبواباً لصرخاتهم؟!قد نتوقف أحياناً ونفكر بالصادقين والأوفياء الذين عرفناهم، ممن كانوا هنا، أو عن الذين سمعنا وقرأنا عن سيرتهم، ممن أحبوا البلاد في الحزن والفرح، الذين كانوا يتفوهون بكلمات القلب، يتفوهون باللآلئ، لا بالغبار! يأخذنا الزمن للأمس، باحثين عن تلك الوجوه التي تركت في السماء سيرة مضيئة، نمر بها، نتوقف أمام أحدها، وكأننا نريد أن نحدثه عن هذا الزمن! وجه نتوقف عند سيرته، قائد ومؤسس ومربّ ومثقف حقيقي، الشيخ مبارك العبدالله الجابر، الفارس المضيء مثل نجمة في سماء العرب، لنقول له إن العرب حولوا الصلاة لصفقة مع "الأعداء"، يا من كان قلبك يصلي لله من أجل الوطن، وفي دمك تاريخ طويل من العزة، وسيرتك لم تدنس يوماً أيها الصادق، لهذا قد لا تعلم الآن أن علاقتنا بك هي علاقتنا بالوطن والآباء والأجداد والتاريخ والشعب. نتصفح التاريخ ليظهر وجه د. أحمد الربعي، وبصوتنا المتأرجح بين الحزن والمرارة، نريد أن نقول له إن الكثير- ممن انتخبهم الشعب- أصبحوا يصنعون الطموح على قياسهم لا قياس الشعب، وأن اللعبة أصبحت بين المصالح والغرائز التي أظهرت الصورة المعيبة للوجوه، وأن المواقف العرجاء كشفت الكثير في طريقنا، وأن الكثير من الأصوات على المنابر، تُعلّق في المساء على الجدار بمظهرها وكلماتها الرثة!وأنت تعرف في المواقف كيف ينكشف العراة، وما أكثرهم الآن- أمام ووراء عيوننا- يترنحون كذباً، ولا يخجلون حتى من وجوههم! نذهب وصوت الشعر كان كبيراً صوت فهد العسكر- وقصائده المعلقة على القلوب- ونخجل أن نخبره ألا يستغرب عندما تباع عظامه على رصيف النسيان! وأن الشاعر "الإنسان" لم يعد صالحاً لهذا الزمن، فالكثير من الشعراء أكملوا مسيرتهم على وقع خُطى "السياسيين"، تخيل؟!، بل أصبحوا بأصواتهم الخشبية خدماً تحت الثياب.. وأن هناك أيضاً من يبهجه أن يبقى عالقاً بسروال السياسي المشبوه! ويمر بذاكرتنا "عوض الدوخي" ذلك الفنان الذي يضيء القمر بصوته، "صوت السهارى"، الذي كانت بحة اليامال أغنية داخل أغنية، يمكنها أن تعيد صياغة السواحل.. لنقول له إن الغناء لم يعد يخرج من الروح، بل من أبواب المال- وعباءة السلطة- التي لا تفرق بين الأغنية المبتذلة والبائسة، بعد أن ظهر من يعتقدون أن الغناء توارث صيحات، ولا مانع من استخدام الأغاني علفاً، بأصوات الببغاوات، وكلمات الرؤوس الصدئة! وعن الفن يضيء وجه "عبدالحسين عبدالرضا" التاريخ الطويل والعريق، ونخجل أن نخبره بأن المسرح الآن ذابل وحزين- وربما فارغ- لأن هناك من أصبح شبيهاً بمهرج سرك رديء يترنح هبلاً، وأن الكوميديا التي كانت تكشف وتقدم طرحاً جاداً وحقيقياً، وتخلع ثياب الأحداث، خلعت ثوبها الآن وشوهت وأصبحت مبتذلة! دون الحاجة لذكر "صقر الرشود" سيد المسرح الذي كان لـ"حفلته" صوتٌ حرٌ جريء، مازال هذا الصوت حياً، سيبقى، حتى إن كثرت المسرحيات التي لم تكن أكثر من ظلال باهتة! عن ماذا نكتب؟ وهناك من الانتهازيين من يعتقدون أنهم "أبناء الكل بـ الكل"، وبسلوكهم، يحاولون تحطيم أحلامنا، وآمالنا، ممن يقتنصون الفرص الحلال والحرام أيضاً، ويغلقون الأبواب أمام طموح الناس، دون أن يدركوا أن التاريخ لا يرحم، وأن الناس لا تنسى، ولا ترحم أيضاً، ومهما حاولوا محو الأحداث أو محو الكثير من ذاكرتنا، تاريخ طويل من النضال، تاريخ طويل من الثقافة والفن، التاريخ لا يمحى ولا يغفر، والناس أيضاً ومهما حاول البعض السعي نحو محو الذاكرة والأمس، فإن الأمس لا يمحى، وأن من لا أمس له فهو بلا غد! عن ماذا نكتب.. أيها السيد الخجل؟!
مقالات
أيها السيد الخجل
11-02-2021