محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب «دستورية»... ودفاعه ضعيف

الرئيس الجمهوري السابق كان على وشك الصراخ أثناء استماعه لمرافعة محاميه

نشر في 11-02-2021
آخر تحديث 11-02-2021 | 00:06
تصويت مجلس الشيوخ على دستورية محاكمة ترامب أمس الأول (رويترز)
تصويت مجلس الشيوخ على دستورية محاكمة ترامب أمس الأول (رويترز)
انتقلت المحاكمة الثانية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى المرحلة التالية بتصويت مجلس الشيوخ المنقسم، إلى حد كبير، على دستورية هذه الخطوة غير المسبوقة الهادفة إلى معاقبته بتهمة التحريض على الهجوم على مبنى الكونغرس في 6 يناير الماضي.
في ختام عملية تصويت جرت في أول أيام محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المتّهم بـ "التحريض على التمرّد"، صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية 56 سناتوراً مقابل 44 لمصلحة اعتبار المحاكمة دستورية، وبالتالي المضيّ قدماً في إجراءات عزله حتى بعد أن انتهت ولايته وغادر البيت الأبيض وعاد مواطناً عادياً.

وانضم 6 فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين إلى الديمقراطيين للتصويت لمصلحة إجراء المحاكمة، وهو عدد أقل بكثير من المطلوب لضمان الإدانة وهو 17 جمهورياً.

وفي اليوم الثاني من المحاكمة التاريخية، عرض المدعون الديمقراطيون التسعة حججهم أمس في محاولة لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بضرورة المضي قدماً بعزل الرئيس السابق.

وبعد رفض المجلس محاولة محامي ترامب إسقاط المحاكمة بدعوى أنه لا يمكن عزل رئيس سابق، استهلّ المدّعون الديمقراطيون الإجراءات بعرض تسجيل فيديو صادم يتضمّن تصريحات نارية للملياردير الجمهوري ومشاهد لاقتحام مناصريه مقرّ الكونغرس في 6 يناير الماضي، وتحطيم أبوابه، ودخولهم عنوة إلى قاعة مجلس الشيوخ في إطار أعمال شغب أسفرت عن سقوط خمسة قتلى.

وشكّل عرض الفيديو، الذي شمل مشهد مقتل المتظاهرة آشلي بابيت برصاص شرطة مجلس النواب، ذروة الجلسة الأولى، وشاهد أعضاء مجلس الشيوخ، الذين اضطروا يومها إلى إخلاء مقرهم للجوء إلى مكان آمن، مقتطفات من خطاب ترامب في ذلك اليوم، وهجوم أنصاره بُعيد ذلك.

وتظهر اللقطات الحشود الغاضبة تطلق شعارات مؤيدة لترامب، وتتجول في أروقته بحثاً عن برلمانيين، وتحاصر الشرطة قبل أن تتمكن للمرة الأولى من تعطيل جلسة في الكونغرس كانت مكرسة للمصادقة على فوز بايدن.

مرافعات استهلالية

وقبيل ذلك، قام الطرفان بمرافعات استهلالية، شدد فيها الديمقراطيون على أن ترامب انتهك القسم الرئاسي بمحاولته التشبث بالسلطة بعدما خسر الانتخابات الرئاسية أمام جو بايدن في نوفمبر.

وقال قائد فريق الادعاء الديمقراطي جيمي راسكين لأعضاء مجلس الشيوخ، بعد عرض التسجيل المصور: "إذا لم تكن هذه جريمة تستدعي المساءلة، فلا يوجد شيء من هذا القبيل".

وبكى وهو يروي كيف أن أقاربه الذين أحضرهم إلى مبنى الكونغرس في ذلك اليوم ليشهدوا التصديق على نتيجة الانتخابات اضطروا إلى الاحتماء في مكتب قرب أرضية مجلس النواب، قائلاً: "لقد اعتقدوا أنهم سيلقون حتفهم".

وحذر المدعي الديمقراطي جو نيغيوز من أنه "في حال لم يتدخل الكونغرس لمواجهة هذه الجريمة الهائلة المرتكبة في حق الجمهورية فهذا سيشجع رؤساء مقبلين على استخدام سلطتهم من دون الخوف من المساءلة".

وعلى عكس عرض الديمقراطيين العاطفي، هاجم محامو ترامب العملية، وقالوا إن الإجراء جهد حزبي غير دستوري للقضاء على مستقبل ترامب السياسي حتى بعدما غادر البيت الأبيض بالفعل.

وشدد المحامي ديفيد شوين على أن مجلس الشيوخ لا يملك صلاحية محاكمة ترامب بعد خروجه من السلطة، محذراً من أن هذه الإجراءات "ستمزق الولايات المتحدة، وستزيد من الانقسامات وستضعف مكانتها في العالم".

وقال شوين: "ترامب لم يحرّض أحدا على القيام بأفعال مخالفة، وما يريدون حقاً تحقيقه هنا باسم الدستور هو منعه من الترشح لمنصب سياسي مرة أخرى، لكن هذه إهانة للدستور بغض النظر عمن يستهدفون اليوم".

وكتب السناتور الجمهوري بيل كاسيدي، الذي صوت لمصلحة استمرار المحاكمة، في تغريدة أن الديمقراطيين "لديهم حجج دستورية أقوى بكثير" من محامي ترامب.

وترامب هو أول رئيس أميركي يواجه محاكمتين بغية عزله. فقد برئ عام 2020 من تهمة استغلال السلطة. وهو أول رئيس يحاكم بعد خروجه من البيت الأبيض.

ويستند فريقه بشكل واسع على حجة إجرائية مفادها أنه لا يمكن محاكمة رئيس سابق. ويشددون على أن ما قاله ترامب خلال تظاهرة السادس من يناير لا يشكل أمرا بمهاجمة الكونغرس.

ويأمل الديمقراطيون حرمان ترامب من تولي المناصب العامة مرة أخرى، لكن النتيجة تشير إلى أنهم يواجهون خلافات طويلة الأمد لتأمين أغلبية الثلثين في المجلس المؤلف من 50 مقعداً للجمهوريين ومثلهم للديمقراطيين.

مرافعة كاستور

وفي هذا اليوم التاريخي، أجمع الديمقراطيون والجمهوريون على أمر واحد ألا وهو أنّ أداء محاميه بروس كاستور كان دون المستوى، ولدى خروجهم من قاعة مجلس الشيوخ لم يتردّدوا في السخرية من مرافعته الاستهلالية.

وكان بروس أول من اعتلى المنصة للدفاع عن ترامب، لكنّ مرافعته حفلت باستطرادات وإطنابات لا حصر لها، إذ لم يتوان عن وصف أعضاء مجلس الشيوخ بأنهم "أشخاص غير عاديين وموضع افتخار" لناخبيهم، كما أغدق على مستمعيه بالاستعارات المبهمة من مثل "بوابات السدود ستُفتح" و"رقّاص الساعة السياسية".

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصدرين، لم تسمّهما، أنّ ترامب نفسه كان على وشك الصراخ أثناء استماعه لمرافعة محاميه. وسرعان ما استحالت مرافعة كاستور مادة للسخرية والتندّر على شبكات التواصل الاجتماعي، لدرجة أنّ أحد مستخدمي الإنترنت تساءل عمّا إذا كان قد حصل على شهادته الجامعية من "ماكينة لتوزيع العلكة".

وقال السناتور الجمهوري جون كورنين، إنّ هذا المحامي الذي انضم إلى فريق الدفاع عن الرئيس السابق في اللحظة الأخيرة، "تكلّم من دون أن يقول شيئاً، لقد سمعت الكثير من المحامين يترافعون ولم يكن من أفضلهم".

وأعربت السناتورة الجمهورية ليزا موركوفسكي عن "صدمتها" من أداء كاستور، الذي كان لفترة طويلة مدّعياً عاماً لإحدى مقاطعات ولاية بنسلفانيا، وقالت: "لم أفهم إلى أين يريد الوصول".

وفي حين أكد السناتور ريتشارد بلومنثال أنه "سيعيد قراءة النص للعثور على فقرة واحدة متماسكة"، اعتبر السناتور آدم شيف أنّ "حجج الدفاع كانت ضعيفة ومعقّدة، على أقلّ تقدير".

لكنّ كل هذه الانتقادات لم تزعزع ثقة كاستور بنفسه، إذ قال للصحافيين إنّ "اليوم كان جيّداً" وإنّه "لن يغيّر أيّ شيء" في أسلوبه خلال الجلسات المقبلة.

إجراءات استثنائية

وفي ظل مخاوف على نطاق واسع من احتمال لجوء بعض المتطرفين اليمينيين الموالين لترامب للعنف، جرت أول أيام المحاكمة في ظل داخل مبنى الكونغرس والمناطق المحيطة به. وتم تأمين جميع أفراد فريقي الادعاء والدفاع عن طريق حراسات خاصة.

وبعد مرور أكثر من شهر كامل على اقتحام الكونغرس لا يزال الآلاف من أفراد الحرس الوطني يقومون بدوريات في الجزء الخارجي المحيط بمباني مجمع الكابيتول، الذي يحيط به سياج حديدي يرتفع مترين، ويعلوه الكثير من الأسلاك الشائكة.

وبينما تمت إزالة بعض التدابير الأمنية والحواجز التي وضعت لتأمين تنصيب بايدن في الشهر الماضي، فإن التدابير الأمنية المعززة للكابيتول- مثل سياج الأسلاك الشائكة- ستظل قائمة في المستقبل المنظور.

إجراءات أمنية مشددة وحراسات خاصة لفريقي الادعاء والدفاع
back to top