وسائل التواصل الاجتماعي هي أدوات للخراب الاجتماعي، في الكثير منها لا نقرأ سوى تفاهات تعكس حالة فراغ ثقافي رهيب، ربما عندنا في المجتمعات الريعية النفطية الثرية في أموالها اليوم والفقيرة بمستقبلها، تظهر السطحية أكثر من غيرها، تصبح إصراراً على تداول سخافات اجتماعية يمثل جسد المرأة حيزاً كبيراً منها، قد يكون هذا غريزة شبق جنسي مريض هو نتيجة حرمان وقمع اجتماعيين عتيقين تأصلا في تراث المحرمات "التابو"، فهنا انقلبت فجأة ودون عمل ونضال جديين بيوت الطين إلى عمارات ومولات وبقيت الأفكار خرابات. غير هذا يتم في العديد من تلك أدوات التواصل - وليس كلها - نقل أسخف الأخبار الاجتماعية... تزوج ابني "باركو لي"، أو صورة أكلة شهية بتعليق "تفضلوا"، نتفضل على ماذا غير تفاهة خبرك، رحم الله زيداً، عيد ميلاد عبيد... وما شأننا إن تزوجت أو طلقت أو ذهبت في ستين داهية، فلان يبارك لرفيقه مناسبة معينة، لماذا لا تتصل تلفونياً به وبها من دون نشر تغريدة أو مناسبة فيسبوك أو واتساب خاوية، لماذا تخبرنا وتبشرنا بأنك موجود على أرض الملل ودمك خفيف، ندري من دون تفاهة خبرك.
وسائل التواصل الاجتماعي نعمة حين يكون الخبر والتعليق من المحرمات القاتلة في الإعلام الرسمي، يأخذ تداول الفكر الحر فيها حكم تداول الهيرويين وبقية المخدرات المجرمة، حدث هذا حين كتبت علينا صدفة الميلاد أن نولد في ساحة من مربعات دولة تسلطية في قوانين نشرها وممارساتها الاستبدادية. وسائل التواصل هذه أدوات تعبير رائعة للمنبوذين الذين لفظتهم أوطانهم بسبب آرائهم، فهم يتواصلون مع شعوبهم وينشرون ما لا يمكن نشره في الإعلام الخادم للسلطة، لكن في الوقت ذاته قد يكون هذا الإعلام الافتراضي أداة وصول للسلطة كي تلاحق المطارد الهارب من جحيم الاستبداد لتتم ملاحقته وخنق صوته.وسائل التواصل الاجتماعي مثلها مثل كثير من تقنيات العلوم، تشتت الأذهان، تسطح الوجود، تغيب الإنسان عن وجوده الأصيل، وهو الوعي بالزمان - المكان، وأن وجوده متناهٍ، فلماذا نمسح هذه الحقيقة بحروف "صباح الخير... يوم سعيد... جمعة مباركة"؟!
أخر كلام
وسائل تواصل الملل
11-02-2021