بعدما هزّت فرنسا سلسلة من فضائح الاعتداءات الجنسية على القصّر، وأدت إحداها إلى استقالة مدير معهد الدراسات السياسية في باريس الثلاثاء، تبدو السلطات عازمة على التحرّك «سريعاً» بهدف تغيير القانون الذي يعاقب على هذه الجرائم وسط مجاهرة عدد من الضحايا براوياتهم.

وكان مدير معهد الدراسات السياسية فريديريك ميون «51 عاماً» الذي قدّم استقالته مساء الثلاثاء، تحت الأضواء منذ بدء «قضية دوهاميل» في بداية يناير.

Ad

وعلى نطاق أوسع، تُلقي سلسلة من الشبهات والاتهامات بارتكاب اعتداءات جنسية على قصّر أو جرائم اغتصاب، بظلالها على الأوساط الفكرية والفنية الفرنسية إذ إنّها تطال وجوهاً بارزة ضمنها.

وكان الباحث في العلوم السياسية أوليفييه دوهاميل، الرئيس المستقيل للمؤسسة الوطنية للعلوم السياسية التي تشرف على معاهد الدراسات السياسية في البلاد، قد اتهمته ابنة زوجته باغتصاب شقيقها التوأم حين كان مراهقاً.

وفصلت كاميل كوشنير، ابنة برنار كوشنير، اعتداءات زوج والدتها في كتاب صدر في 7 يناير بعنوان «العائلة الكبيرة».

وألقى طلاب المعهد اللوم على مديرهم لإنكاره العلم بأفعال أوليفييه دوهاميل، فبعد الإعراب عن دهشته إبّان الكشف عن الأمر، عاد ميون ليقرّ بتلقيه عام 2018 تنبيهاً من قبل وزيرة ثقافة سابقة بالتهم التي تستهدف دوهاميل، ما أثار دعوات إلى استقالته.

وقال لوقا لـ«فرانس برس»، وهو أحد الناشطين ضمن التحرّك الداعي إلى «استقالة ميون»، «أشعر بارتياح كبير بعد ستة أسابيع من التعبئة واكتشاف خفايا قضية ميون-دوهاميل».

وفتح نشر كتاب كاميل كوشنير الباب أمام المجاهرة بقضايا تتعلق بسفاح القربى، وأدى إلى بروز عدد من الشهادات، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي في منشورات متبوعة بهاشتاغ «#MeTooInceste».

ويتتابع منذ بداية العام في فرنسا بروز اتهامات لشخصيات عامة بالاغتصاب أو الاعتداء الجنسي، ما أدى إلى فتح تحقيقات قضائية.

وبعد أسبوع من صدور كتاب «العائلة الكبيرة»، ظهر إلى العلن أنّ الفنان كلود لوفيك كان قد اتهمه فنان آخر بالاعتداء الجنسي عليه «كان سنّه يتراوح بين 10 أعوام و17 عاماً» وعلى شقيقيه، ونددد لوفيك بما وصفه بأنه «تشهير ولافتراء».

كما واجه الممثل ريشار بيري شكوى في نهاية يناير تقدّمت بها ابنته كولين بـ«الاغتصاب والاعتداءات الجنسية»، تعود وقائعها إلى الثمانينيات. ونفى الممثل ذلك رسمياً.

وفي 21 يناير فتح تحقيق بـ«اغتصاب قصّر» و«التواطؤ في اغتصاب قصّر» بحق المنتج التلفزيوني جيرار لوفين وزوجه، وقد نفيا «بشدة الاتهامات الانتهازية».

والأربعاء، وضِع رئيس المركز الوطني للسينما دومينيك بوتونا، قيد التوقيف بعد شكوى بشأن الاعتداء الجنسي ومحاولة الاغتصاب.

وفي يناير 2020، وصفت الكاتبة فانيسا سبرينغورا في كتابها «الموافقة»، السيطرة التي عانت منها على يد الكاتب غابرييل ماتزنيف، التي كانت على علاقة به في سن المراهقة.

في الأسابيع الأخيرة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه يريد «تعديل» قانون حماية الأطفال ضحايا العنف الجنسي.

وفي نهاية يناير، نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، أعقبه بتغريدات، يخاطب فيه الضحايا قائلاً «لن تكونوا وحدكم بعد اليوم أبداً».

وقال «نحن هنا، نستمع إليكم، ونصدّقكم»، مضيفاً أنّ «الصمت الذي يشيّده المجرمون والجبن المتعاقب ينفجر أخيراً».

وأبدت الحكومة الفرنسية هذا الأسبوع استعدادها للتحرّك «بسرعة» لتعديل القانون الذي يعاقب الجرائم الجنسية بحق القصّر.

والثلاثاء، قالت الحكومة إنها «تؤيد» أن يعدّ أي فعل من أفعال الوطء الذي يرتكبه شخص بالغ على قاصر دون الـ15 عاماً، جريمة، وذلك دون إمكانية التشكيك بموافقة الضحية.

وقال وزير العدل الفرنسي إريك دوبوند-موريتي على قناة «فرانس-2» الثلاثاء إنّها «نقطة تحوّل» في المجتمع بشأن هذه المسائل «التي تقودنا إلى تغيير القانون»، وأضاف «إننا بصدد خرق» الجدار «ولا سيما الإيديولوجي، الذي كان يحرم الضحايا من الكشف» عما تعرضوا له.