رهان «تسلا» على «بتكوين»... مغامرة جريئة أم مخاطرة غير محسوبة؟

نشر في 11-02-2021
آخر تحديث 11-02-2021 | 00:03
No Image Caption
تواصل العملة الرقمية الأشهر والأكثر قيمة "بتكوين" تفوقها على نفسها، بكسر مستوياتها القياسية يوماً بعد آخر، لكن الهوس بها هذه المرة يأتي مدعوماً بأسباب أكثر وضوحاً ومحفزة تماماً بخلاف الموجات الصعودية السابقة.

العملة الرقمية التي ارتفعت قيمتها بأكثر من الضعف منذ أن بلغت قمتها الشهيرة قرب 20 ألف دولار قبل 3 سنوات (انتهى الأمر على نحو سيئ بعد تسجيلها خسائر حادة لاحقاً)، تستمد قوتها الآن من مستثمرين مشاهير وشركات كبرى.

وللتحديد أكثر، فإن إشارات الملياردير إيلون ماسك وتغريداته الأخيرة عن "بتكوين" ساعدت في قيادة الاتجاه الصعودي خلال الأسابيع القليلة الماضية، ثم جاء إعلان شركته "تسلا"، هذا الأسبوع، باستثمار 1.5 مليار دولار في العملة الرقمية، كأحدث إشارة على التوجه المتزايد للاعبين الرئيسيين نحو العملة المثيرة للجدل.

وقالت الشركة إن استثمار هذا الرقم في عملات من "بتكوين" بهدف المزيد من المرونة وتحقيق التنويع وتعظيم العوائد النقدية، مشيرة إلى أنها ربما تقبل العملة الرقمية كوسيلة للدفع. وارتفعت "بتكوين" بعد الإعلان مباشرة أكثر من 12 في المئة إلى 43 ألف دولار، ولامست 48 ألفاً في اليوم التالي.

- الاندفاع الذي بدأ في خريف العام الماضي تسارع بشكل غير مسبوق منذ منتصف شهر ديسمبر، عندما تجاوزت العملة مستوى 19.6 ألف دولار لأول مرة منذ 2017، وبلغت مكاسب "بتكوين" أكثر من 50 في المئة منذ بداية هذا العام فقط.

- قاد ذلك سوق العملات الرقمية برمته إلى مستويات قياسية مرتفعة، حيث تعاظمت قيمته الإجمالية إلى ما فوق 1.3 تريليون دولار، ارتفاعا من قمته السابقة المسجلة في أوائل يناير عام 2018، عندما بلغت قيمته أكثر قليلا من 820 مليار دولار، ومقارنة بنحو تريليون دولار قبل شهر فقط من الآن.

- إيلون ماسك ليس الوحيد، الزخم يتشكل منذ عام تقريبا، عندما انضمت "باي بال" إلى قائمة التطبيقات التي تبيح استخدام العملة الرقمية، إضافة إلى استثمار أكبر مشغلي صناديق التحوط في العالم مثل "بول تودور جونز" و"ستانلي دروكنميلر" في العملات الرقمية.

- في تغريدة لماسك قبل أقل من شهرين قال إن "بتكوين هي كلمته الآمنة". وتعليقا على موقفه يقول ملتيم دميرورز، وهو كبير مسؤولي الاستراتيجيات في "كوين شيرز" لإدارة العملات الرقمية: "إنه تحول هائل للمعنويات، حيث انتقلنا من السخرية والتهكم إلى تحدث أغنى رجل في العالم عنها (بتكوين)".

- في أميركا، قال عمدة ميامي فرانسيس سواريز إنه يعمل على قرار يضيف العملة الرقمية للميزانية العمومية للمدينة، مستشهداً بموقف "ماسك" و"تسلا" من "بتكوين" والذي وصفه بأنه "مفيد جداً"، داعياً شركة "أمازون" لتبني موقف مماثل.

- رغم مكاسبها الأخيرة، لا تزال التنبؤات الكبيرة مستمرة، ويتوقع المستثمر مايكل نوفوجراتس، مؤسس شركة الاستثمار في العملات الرقمية "جلاكسي ديجيتال"، ارتفاع العملة الرقمية بأكثر من الضعف لتبلغ 100 ألف دولار بنهاية العام.

- ماسك، الذي كان موضع تساؤل باعتباره "الشخص الذي طور بتكوين" سرا قبل أكثر من عقد من الزمان، يبدو أنه لا يريد تفويت هذا الهوس المربح، لكن هذا يطرح تساؤلا مهما؛ أليس عليه خوض هذه المغامرة بأمواله الخاصة بدلاً من أصول المساهمين؟

- إن بناء حصة كبيرة من عملات بتكوين وتخصيصها للعمليات الخاصة، لا يشبه على سبيل المثال، السماح بالتنويع إلى الفرنك السويسري، فكما أشار بيان "تسلا": "كانت أسعار الأصول الرقمية متقلبة في الماضي، وقد تستمر في التقلب الشديد".

- لا يهم أيضاً، من منظور إدارة المخاطر، أن "تسلا" تخطط لقبول الدفع بعملة بتكوين، إذ لا يزال العميل غير مضطر إلى وضع ما يقرب من 10 في المئة من أرصدته النقدية في عملة مشفرة معرضة لتقلبات كبيرة في القيمة.

- إذا اختار المراهنون شراء سياراتهم الكهربائية باستخدام "بتكوين"، فهذا اختيارهم، ولكن سيكون النهج الحكيم لشركة "تسلا" هو تحويل هذه المدفوعات على الفور إلى دولارات أو عملات أخرى تواجه بها التكاليف.

- تبدو هذه الخطوة، وكأنها مجرد تكهنات، وقد عملت بشكل جيد حتى الآن، حيث ستحقق "تسلا" أرباحاً جيدة في دفاترها جراء مشتريات "بتكوين"، وربما يدعي فريق ماسك بأن 1.5 مليار دولار ليست رقماً كبيراً بالنسبة لشركة تبلغ قيمتها 800 مليار دولار.

- يبدو أن هذه المغامرة تدور في الغالب حول ذوق "ماسك" للدعاية وتحريك الأمور، والفائزون هم مروجو العملة الذين يبحثون عن وصولها إلى التيار الرئيسي للنظام المالي. لكن ليس من الواضح ما الذي ستحققه "تسلا"، والتي من الأفضل أن تلتزم بما تجيده؛ السيارات الكهربائية والبطاريات.

- ارتفعت "بتكوين" بأكثر من 1017 في المئة منذ مارس الماضي، ومع ذلك لا يزال هناك من يراها المخاطرة الاستثمارية الأكبر وأحد أبرز الفقاعات في الأسواق حاليا، نظرا لتاريخها من التقلبات الحادة والتي كان آخرها بعد قمة ديسمبر 2017.

- وفقًا لـكيران غانيش، المدير الإداري والمحلل الاستراتيجي للأصول في وحدة "يو بي إس" لإدارة الأصول: "عند أكثر من 40 ألف دولار، فهي في فقاعة، وعلى الرغم من شعبيتها الحالية، إذا لم تحل محل الذهب كعامل لتنويع المحفظة، فإن هذه الفقاعة ستنفجر".

- قال غانيش: "إذا لم يُنظر إليها على أنها الذهب الجديد وليس لها أي قيمة من وجهة نظر عملية، فمن الصعب تبرير القيم فوق الصفر، ونحن لا نعتبرها عملة، أو شيئاً سيكون مفيداً في العالم في أي وقت".

- تحدث الفقاعة عندما يدفع المستثمرون – الذين يتحركون بعقلية القطيع - الأصول أعلى بكثير من قيمتها العادلة في فترة زمنية قصيرة نسبياً، وفي ظل الخطاب المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن العملات الرقمية، ليس من الصعب معرفة سبب القلق المتزايد.

- "بتكوين" حساسة جداً حتى تجاه المزاج العام لوسائل التواصل الاجتماعي، وارتفعت بنسبة 15 في المئة في يوم واحد عندما وضع "ماسك" اسمها في معلومات حسابه على "تويتر". في النهاية لا يوجد انفجار فقاعة بشكل لطيف، وقد تسببت فقاعة "دوت كوم" في انهيار شركات بأكملها ومحو مدخرات مستثمرين، وهو أمر يكرره التاريخ دائماً.

العملة الرقمية فوق 46 ألف دولار بعد تسجيلها أعلى مستوياتها على الإطلاق

انخفضت "بتكوين" خلال تداولات أمس، بعد ارتفاعها أمس الأول إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 48 ألف دولار، وتراجعت العملة الافتراضية الأكبر في العالم من حيث القيمة السوقية بنسبة 1.6 في المئة إلى 46585 دولارا، في 09:41 صباحا بتوقيت مكة المكرمة، لكنها لا تزال مرتفعة بأكثر من 30 في المئة منذ بداية فبراير.

وارتفعت الإيثريوم 2.3 في المئة عند 1810.48 دولارات، وكذلك الريبل بنسبة 3.85 في المئة إلى 48.78 سنتا، وتلقت العملات الافتراضية دعما من قرار "تسلا" استثمار 1.5 مليار دولار في "بتكوين"، مع توقعات بأن شركات أخرى قد تتخذ نفس الخطوة.

وسجلت "بتكوين" أعلى مستوى لها على الإطلاق أمس الأول، وتجاوزت قيمته 45 ألف دولار، مدفوعا بإعلان شركة تسلا استثمارا ضخما بقيمة 1.5 مليار دولار في هذه العملة المشفرة تقوم به الشركة التي تخطط أيضا لبدء القبول بها كوسيلة للدفع.

وتم تداول عملة بتكوين مقابل 45 ألفا و445 دولارا، بعدما سجلت مستوى قياسيا جديدا بلغ 48 ألفا و215 دولارا عند الساعة 7:00 ت غ أمس الأول، وفقا للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

وقال مايكل هيوسون، المحلل في مجموعة "سي إم سي ماركتس"، "لقد جلب إلون ماسك لبتكوين أقوى دعم في تاريخ العملة المشفرة".

وكان رئيس "تسلا"، أغنى رجل في العالم، روج كثيرا لمزايا "بتكوين" والعملات المشفرة، في حسابه على "تويتر"، لكن هذه المرة الأولى التي تستثمر فيها مجموعة بحجم "تسلا" جزءا من أموالها في "بتكوين".

وعادة ما تتردد الشركات الخاصة بإبدال أموالها النقدية بأصول غير مستقرة مثل "بتكوين"، وقامت شركة أميركية أخرى، ناشرة برمجيات "مايكروستراتيجي"، بشراء عملات بتكوين بقيمة تزيد على مليار دولار في الأشهر الأخيرة.

ومع الإعلان في ديسمبر عن شراء عملات بتكوين إضافية، قال الرئيس التنفيذي للمجموعة إنه يعتبر "إدارة أموالنا بمنزلة تفسير لأدائنا".

ورحب مستخدمو العملات المشفرة بوصول شركة أكبر إلى هذا السوق. وقال باتريك هوسر، الوسيط في شركة كريبتوبروكر للعملات المشفرة، إن استثمار تسلا "لا يؤدي إلى إعادة ترتيب الأوراق بالكامل، لكنه يعزز فكرة أن بتكوين لها مكانها في خزائن الشركات".

وحذرت وزيرة الخزانة الأميركية الجديدة جانيت يلين، في خطاب تأكيد تعيينها في مجلس الشيوخ، من أن العملات الافتراضية "تستخدم بشكل رئيسي لتمويل نشاطات غير مشروعة"، وتمثل مصدر "قلق".

back to top