الحل المسكوت عنه
الحكومة أبدت رغبتها في مشاركة أعضاء مجلس الأمة بأكبر قدر ممكن، فلماذا لا يدخل عشرة نواب في التشكيل الحكومي وهو ما يتفق مع شعبية الحكم التي يدفع إليها الدستور الكويتي بقوة، فقد ورد في المادة (56 ) من الدستور"... ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم، ولا يزيد عدد الوزراء جميعا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة".والمذكرة التفسيرية للدستور ألقت بحزمة من الضوء الباهر على موضوعنا فقد ورد الآتي: "ومن ناحية أخرى لا تزال الشعبية موفورة في أحكام الدستور بالقدر الكافي، فلمجلس الأمة ابتداءً حق إبداء ما يراه من ملاحظات على برنامج كل وزارة جديدة (مادة 98)، وله في مواجهة رئيس مجلس الوزراء والوزراء حق السؤال مادة (99)، وحق الاستجواب، كل ذلك بالإضافة إلى ما يرجى مع الزمن مع تناقص عدد الوزراء الذين يعينون من غير أعضاء مجلس الأمة..."، كما ورد أيضاً بالمذكرة التفسيرية الآتي: "والأغلبية المنصوص عليها في المادتين 101 و102 (وهي أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس ما عدا الوزراء) مقتضاها أنه إذا كان عدد الوزراء من أعضاء مجلس الأمة عشرة مثلا فالأغلبية اللازمة لسحب الثقة من الوزير هي أغلبية الأعضاء الأربعين غير الوزراء، أي واحد وعشرون صوتا على الأقل".لاحظوا أن الدستور نص في المادة (56) على أن الوزراء يكونون من داخل المجلس وخارجه، وفي المذكرة التفسيرية يشير بصيغة تتلامح فيها بقوة رغبة المشرِّع أن يتناقص فيها الوزراء المعينون بحيث تكون أغلبية الوزراء من أعضاء مجلس الأمة تحقيقا للشعبية في نظام الحكم، فتكون السلطة التشريعية والتنفيذية منبثقة من إرادة الشعب، ولاحظوا عندما أعطى المشرِّع مثالاً للتصويت في حجب الثقة عن الوزير فإنه نص على أنه لا يصوت إلا أعضاء البرلمان غير الوزراء، واختار في مثاله حالة وجود عشرة نواب وزراء فتكون الأغلبية 21 عضواً من أربعين عضواً.
أعتقد أن هذا استحقاق لابد أن تحققه المعارضة البرلمانية وفرصة نادرة ستغير مجرى الأحداث، وتفويتها يعكس عدم حصافة ونضج سياسي.نعم هذه المشاركة من الأعضاء المعارضين في الحكومة ينزع فتيل الأزمة ويحقق أقصى درجات الانسجام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويمد جسور التعاون الحقيقي والمثمر بينهما، فهذه المشاركة تتجاوب مع منطوق ومفهوم الدستور والتجارب المتقدمة في الحكم، ويتجاوب ما تفرضه المرحلة الحالية من تغيير في النهج الحكومي في إدارة الدولة ومقدراتها وعملية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، وهذه المشاركة ستفضي بسهولة إلى تعديل القوانين المضادة للحريات كقانون المرئي والمسموع، والدوائر الانتخابية، وبسط سيادة القضاء على موضوع الجنسية حتى لا تستخدم للتهديد، فضلا عن اقتلاع الفساد وتفعيل كل ما من شأنه استعادة الأموال المنهوبة، وقبل كل ذلك وضع برنامج عمل الحكومة لنفث الروح في مشاريع التطوير، وتحقيق تنويع مصادر الدخل، وتعديل التركيبة السكانية، وتطوير وترشيد كل أوضاع البلد وبيئته الاقتصادية المتصحرة، ونحت النموذج الثقافي العصري المميز للكويت.