أثار التصعيد العسكري الحوثي المستمر منذ أيام، سواء بإطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية باتجاه السعودية، أو بالهجوم الواسع على محافظة مأرب، علامات استفهام بشأن الرؤية التي استندت إليها الإدارة الأميركية الجديدة في إعلان اعتزامها شطب جماعة «أنصار الله» الحوثية من لائحة المنظمات الإرهابية.

ورغم الإدنات لهجوم المتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران، والذين يسيطرون على مساحات كبيرة من اليمن، على مطار أبها السعودي الدولي، مما أدى إلى اشتعال النيران في طائرة مدنية، فقد تجاهل الحوثيون مطالبة واشنطن لهم بوقف هجماتهم «فوراً»، وأطلقوا طائرة مسيّرة باتجاه منطقة خميس مشيط السعودية الجنوبية، لكنّ قوات التحالف الذي تقوده السعودية في هذا البلد دعما لقوات الحكومة المعترف بها، تمكّنت من إسقاطها.

Ad

وبعد هجوم أبها الذي تزامن مع أول زيارة للمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ للرياض، بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي أمس «ضرورة وقف الأعمال العدوانية للحوثيين، ودعم جهود التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة في اليمن».

وقبيل الاتصال، كتب وزير الخارجية الأميركي على «تويتر»: «لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يهاجم الحوثيون السعودية»، مجددا التأكيد أن «السعودية شريك أمني مهم».

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد سحب الدعم العسكري للعمليات التي تقودها السعودية في هذا البلد.

ويرى الكثير من المحللين أن استراتيجية بايدن تشكك في جدية الولايات المتحدة ورغبتها الحقيقية في محاربة الإرهاب، وأنها دليل على سعي إدارة بايدن لتوظيف هذا الملف لخدمة أهدافها فيما يتعلّق بانتهاج سلوك مغاير مع إيران يعتمد على تقديم بعض «الهدايا» بدلاً من العقوبات.

وتتطابق هذه الرؤية مع وجهة النظر التي عبّر عنها وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، الذي انتقد إلغاء إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب، ووصفه لهذه الخطوة بأنها «هدية للإيرانيين» و»ستسمح للحوثيين بمواصلة إثارة الإرهاب».

وانتقدت صحيفة «وول ستريت جورنال»، إقدام الإدارة الأميركية الجديدة على رفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب، واصفة إياها بأنها «مقامرة». وأكدت أن «إضعاف الأصدقاء وتقوية جبهة الخصوم ليس الصيغة الجيدة للتوصل إلى السلام».

وأشارت الصحيفة إلى «تخبط» إدارة بايدن، التي أبلغت وزارة خارجيتها «الكونغرس» بالتراجع عن الخطوة التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بتصنيف جماعة الحوثي اليمنية، ضمن الجماعات الإرهابية، وبعد ذلك بيومين، طالبت الوزارة نفسها الحوثي بالتوقف عن التصرف كجماعة إرهابية.

وفي دليل على أن سياسة بايدن ربما لن تصل الى أهدافها المعلنة، فقد أكد المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام، استمرار جماعته في «الدفاع عن البلاد حتى يتوقف العدوان (عمليات التحالف العربي) ويرفع الحصار».

وأمس، قال وزير الخارجية في الحكومة اليمنية الشرعية، أحمد بن مبارك، خلال لقائه مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، في العاصمة السعودية الرياض، إن التصعيد الحوثي: «يظهر بوضوح كيف تفسر هذه المليشيات دعوات السلام التي أطلقتها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي».

ويرى محللون أن «هدية» بايدن لإيران بالإعلان عن النية في التراجع عن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، ربما شجّع طهران على الإيعاز للحوثيين بمزيد من التصعيد بغية الضغط على بايدن، حتى يرفع العقوبات المفروضة عليها، دون الالتزام بشرطه أن تذعن إيران للاتفاق النووي وتتوقف عن خرقه أولا.

وأشارت «وول ستريت جورنال» إلى أن جماعة الحوثي ترى أنه في أعقاب الخطوة الأميركية بحذف اسمها من قائمة الإرهاب، فإنها تحقق النصر، وستعمل على مدّ سيطرتها على المزيد من الأراضي في اليمن، كلما تراجعت واشنطن عن موقفها ضدها.