واشنطن تتحدّى «حزب الله» في «الضاحية»

عاد الكاتب والناشط السياسي اللبناني لقمان سليم إلى منزله في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبيّة لبيروت، معقل «حزب الله»، أمس، حيث شيع في مأتم بليغ في دلالاته.

وتداعى أصدقاء سليم من صحافيين وسياسيين وسفراء غربيين أولّهم سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا، في سابقة لم يشهدها لبنان منذ بدء الحرب الأهلية، إلى دارته للمشاركة في وداعه.

ودخلت شيا إلى المربّع الأمني والقيادي والشعبي والاجتماعي والسياسي لـ«حزب الله»، بمؤازرة أمنية لافتة، في خطوة اعتبرت تحدياً مباشراً للحزب، الذي تشير كل أصابع الاتهام إليه بالوقوف وراء الجريمة.

ووجهت السفيرة الأميركية رسالة شديدة اللجهة إلى قاتلي سليم، مطالبة بـ«المحاسبة عن هذه الجريمة المروعة»، ومضيفة أنه «فعل بربري غير مقبول ولا يمكن أن يُغتفر».

وقالت: «كان شخصاً لا يتعب ولا يكل في مساعيه من أجل مصالحة الشعب اللبناني وتعزيز الحرية»، مشددة على أنّ «هذه الجهود لا يمكن ولن تُقمع بالخوف والعنف».

وجاءت وقفة الصلاة المشتركة بالغة الأثر في رسائلها، التي تشبه المسار المدني الذي دعا إليه سليم، من قراءة قرآنية إلى رثاء حسيني وتراتيل مسيحية وأوبرا حزينة وشعر، حيث وقف خلاله الشيخ الشيعي قرب نظيره السني إلى جانب رجل الدين المسيحي والعلمانيين، تحوطهم عائلة الراحل.

وبينما أكد السفراء المشاركون في التشييع ضرورة وضع حدّ لثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان، شدد السفير الألماني أندرياس كيندل، خلال كلمته، على «وجوب عدم نسيان ما حدث الأسبوع الماضي»، مضيفاً: «نريد ونحتاج إلى تحقيق شفاف، وإلى وضع حد للإفلات من العقاب».

كما أكدت السفيرة السويسرية مونيكا كيرغوتز أهمية «المحاسبة»، قائلة إن بلادها «خسرت صديقاً»، لكنها ستواصل دعم المشاريع التي عمل عليها.

وفي كلمة مقتضبة، حمّلت والدة سليم الباحثة والصحافية المصرية سلمى مرشاق رفاق ابنها والشباب مسؤولية «بناء بلد يليق بكم وبلقمان»، مضيفة: «الحمل ثقيل عليكم جداً».

وقالت مرشاق: «لا تستخدموا إلا العقل والمنطق، فالسلاح لا يفيد البلد، ولم يفدني أنا كأم، لقد ضيّع ابني».

وحمّل رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب المستقيل سامي الجميل، أمس، «السلطة السياسية الموجودة اليوم المتواطئة مع «حزب الله» المسؤولية، بشكل مباشر، عما حصل مع سليم»، لافتاً إلى أن «هناك ميليشيات مسلحة تستعمل السلاح في الداخل وتخون وتخوف وتضطهد، ولقمان كان محاصراً وتحت المجهر».

وفور انتهاء مراسم التشييع، شنّ مناصرو «حزب الله» حملة على قارئ القرآن في التشييع، مما اضطره لإصدار فيديو اعتذار، في محاولة لاحتواء الحملة.

ولم يبدُ هذا الاعتذار مقنعاً، لأن القارئ المعروف باسم «الحاج علي» كان يقرأ من ورقة أمامه، حين تم تسجيل فيديو اعتذاره، وكان مرتبكاً، مما يشير إلى احتمال تعرضه للضغط.

وفي معرض تبريره قال «الحاج علي» إنه تلقى اتصالاً من الشيخ محمد علي الحاج العاملي، لقراءة قرآن بتشييع في حارة حريك، مشيراً إلى أنه لم يكن يعرف المنزل ولا هوية الفقيد.

كلام الشيخ لم يقنع جمهور الحزب بذلك، وشنّوا عليه حملة قائلين إنه يستحيل ألا يدرك قارئ هوية الفقيد، وفي حال كان كذلك، كان عليه أن يعتذر ويغادر.

وفي حين طالب بعض المغردين بـ«العفو عند المقدرة»، طالب آخرون بمقاطعته.

بيروت - الجريدة