ذكر تقرير "توقعات قطاع الطاقة لعام 2021" للشركة العربية للاستثمارات البترولية "إبيكورب"، وهي مؤسسة مالية تنموية متعددة الأطراف، أن السياسات المتبعة ستكون العامل الحاسم في تحديد المسارات المتباينة لتعافي قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفي جميع أنحاء العالم، وذلك ضمن التوجهات الرئيسية لمشهد الاستثمار في الطاقة وقطاع المال في المنطقة التي رصدها التقرير لعام 2021 وما بعده.وتابعت الشركة في تقرير لها، أمس: "ستواصل السياسات التي تضعها السلطات المعنية لعب الدور الأبرز في تحديد مسار تعافي الاقتصاد وقطاع الطاقة في المنطقة، لاسيما السياسات المالية والنقدية واستراتيجيات إدارة إنتاج النفط، وذلك على افتراض نجاح حملات التطعيم ضد "كورونا" وفعالية اللقاحات، وكذلك عدم حدوث طفرات مستقبلية للفيروس".
من جانبها، قالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى "ابيكورب"، ليلى بنعلي: "ستتباين مسارات التعافي الاقتصادي في المنطقة، وقد لا تكون مستدامة بالضرورة، فرغم أن تراجع الطلب المحلي والتضخم المترافق مع هبوط الدولار وحزم الديون والتحفيز قد يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد في عام 2021، فإن مدى استدامة هذا الانتعاش لايزال غير واضح في المرحلة الراهنة".وتابعت: "يمرّ قطاع الطاقة حالياً بعملية "إعادة ضبط عالمية"، وذلك على ضوء تقلص حجم الاستثمارات في قطاع الطاقة العالمي والإقليمي في 2020 بنسبة تزيد على 20 في المئة على أساس سنوي، وتَوَقُّع استغراق عملية تعافي القطاع فترة تفوق ما استغرقته أزمة انهيار أسعار النفط في 2014، وبالتالي فمن المرجح أن تسفر مرحلة التحول هذه عن تسارع عمليات التكامل وصفقات الاندماج والاستحواذ داخل القطاع في إطار سعي مؤسسات القطاع لترسيخ موقعها الاستراتيجي والتنافسي في مرحلة ما بعد الأزمة".وأكدت بنعلي على ضرورة تحفيز دورة إيجابية تُخرِج القطاع من الدوامة الحالية المتمثلة في انخفاض الإيرادات والاستثمارات ومعدلات الإنتاج، وذلك من خلال الاستثمار في أصول مستدامة منخفضة التكاليف والانبعاثات الكربونية، مشيرة إلى أن هذه السياسة ستمنح منتجي الطاقة والكهرباء منخفضة التكلفة والكهرباء منخفضة الانبعاثات الكربونية ميزة تنافسية مهمة تمكّنهم من عبور الأزمة والازدهار في مرحلة ما بعد كوفيد-19.الغاز والبتروكيماوياتوكانت "ابيكورب" قد أشارت في تقريرها "توقعات استثمارات الغاز والبتروكيماويات في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا 2020-2024" إلى استقرار حجم الاستثمارات المقررة في قطاع الغاز في المنطقة، على الرغم من انخفاض حجم الاستثمارات في قطاع النفط والغاز عالمياً، فيما قفزت الاستثمارات المخطط لها في قطاع الغاز بنسبة 29 في المئة على ضوء تنامي مشاريع تحويل الغاز إلى طاقة كهربائية، وتوسع إمكانية الاستفادة من الغاز كلقيم، فضلاً عن مساعي الاستراتيجية من قبل مؤسسات القطاع لتعزيز حصصها في سوق الصادرات.وتتوقع "ابيكورب" أن تتسم الفترة بين 2021 ونهاية العقد الحالي بثلاثة تحديات عالمية كبرى: تحقيق تعافٍ راسخ في مرحلة ما بعد الجائحة، وتحقيق هدف الأمم المتحدة المتمثل بتأمين الطاقة المستدامة للجميع (SE4ALL)، ووضع مسار جديد وفعال للتصدي لقضية التغير المناخي.وأشارت بنعلي إلى أن قطاع الطاقة قد تعرّض لثلاث أزمات في غضون عقد واحد فقط، فمع توقعات النمو التي كانت متواضعة أصلاً حتى قبل أزمة 2020، فقد شهد القطاع نزوح المستثمرين وسجل - بفارق كبير - أدنى عوائد للمساهمين على مدى العقد الماضي مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الرئيسية الأخرى.
الطاقة منخفضة الانبعاثات
على صعيد متصل، يوضح تقرير "ابيكورب" أن مفتاح النهوض بالتقنيات الحالية والجديدة لتوليد الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية يكمن في عاملين اثنين، هما توفير التمويل اللازم، وسنّ القوانين والتشريعات الملائمة. فكما يتضح من مصادر الطاقة المتجددة، والتي على الرغم من كونها خياراً استثمارياً مفضلاً لمشاريع قطاع البنية التحتية في الوقت الراهن، فإنها لاتزال تفتقر إلى أهم الخصائص والسمات التي تسعى إليها مصادر التمويل التقليدية عادة، مثل القيمة السوقية وتوزيعات الأرباح ومعدلات السيولة.ومع أن مصادر التمويل المستجدة وغير التقليدية قد أسهمت في سد هذه الفجوة إلى حد ما، إلا أن أجزاء أخرى من سلسلة القيمة المرتبطة بالمنتجات منخفضة الانبعاثات الكربونية - مثل تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) – لا تزال متأخرة في هذا الجانب.