تخلي بعض أعضاء المجلس عن أدب الحوار ونتائجه
بعد نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة وبعد الانتهاء من جلسة انتخاب الرئيس ونائبه ومكتب المجلس وتشكيل اللجان، فاجأنا بعض الأعضاء باتباع أسلوب غريب، يميل إلى العنف والتهديد، تهديد رئيس الحكومة باستجوابه وعدم التعاون معه حتى يتعهد بتحقيق مطالبهم، وتتمثل تلك المطالب بالعفو الشامل عن محكومين أدينوا بتهم كبيرة عن طريق قضاء عادل وهم موجودون خارج الكويت، وإسقاط قروض عن مواطنين استدانوا بمحض إرادتهم وتعهدوا بتسديد مديونيتهم، ونقل قضايا الجنسية من سيادة الدولة. هؤلاء النواب يطالبون الدولة بتحمل تسديد تلك القروض التي ستكلفها مئات الملايين من الدنانير في وقت تواجه الدولة مشكلات اقتصادية كبيرة، ويعرف هؤلاء الأعضاء أن هذه القضايا تم بحثها في مجالس سابقة وتم رفضها، إذاً لماذا يتم طرحها وبهذه الصورة؟ ويحتج أولئك الأعضاء بأنهم تعهدوا لناخبيهم بتحقيق تلك المطالب. علينا أن نسألكم: لماذا تتعهدون بتحقيق مطالب ليست من اختصاصكم؟ طبعا الإجابة معروفة تريدون خداع الناخبين للوصول إلى كرسي المجلس، فإذا وصلتم إلى المجلس بعدها ستفكرون بالطرق التي فد تمكنكم من تحقيق تلك المطالب، والآن ارتأيتم أن أفضل الطرق إخافة الحكومة وإرهابها وإرغامها على تحقيق تلك المطالب الشاذة.
كنا نتمنى أن تكون أغلبية المجلس قدوة حسنة ومثلا صالحا للشعب والحكومة، بحيث يستخدمون لغة الحوار الراقي مدعمين آراءهم بالحجج والبراهين، بدلا من التهديد والوعيد ورفع الصوت لمن يخاطبهم، ألا يعرفون أن هذه اللغة مكروهة ومنبوذة؟ وقد نهى عنها الإسلام وكرّه الناس فيها، قال تعالى على لسان لقمان وهو يعظ ابنه: «وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ»، وهذه وصية لقمان لابنه وهو أعز الناس إليه طالبا منه أن يخاطب الناس بأدب ورقي وحضارة، فخفض الصوت ليس خوفا بل هو أدب ورقي، ولو كان رفع الصوت هيبة لاتصف بها الحمار، لذلك نتمنى أن توضع هذه الآية بخط كبير واضح في قاعة المجلس لتكون عظة لمن يعلو صوته. ونتمنى أن تنتهي الأزمة المفتعلة بين الحكومة والمجلس على خير، ويتعاون الجميع لمعالجة مشكلات الدولة الحقيقية، وخصوصا أزمة الوباء وما نجم عنه من آثار سلبية على الاقتصاد والتعليم وصحة الإنسان، قال تعالى: «... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».