«اليمين» المتشدد.. خطر مهدد لديمقراطيتنا
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وأثناء العقد التالي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر واصل الحزب الجمهوري استغلال هذا الخوف من العرب والمسلمين، مستخدماً إياه كقضية حزبية في الدورات الانتخابية المتعاقبة، وتسارع هذا النهج الجمهوري عقب انتخاب باراك أوباما رئيساً، ومهد استغلال الجمهوريين بشكل متزايد للمشاعر المعادية للمسلمين الطريق لحملة رهاب الأجانب التي اتبعها دونالد ترامب في الوصول إلى الرئاسة. وعلى خلاف هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كان العصيان وأعمال العنف في السادس من يناير في الكونغرس شأناً محلياً نسقت فيه مجموعة من الميليشيات المعادية للحكومة ومن اليمين المتطرف الهجوم، ونعلم أن جهات إنفاذ القانون توقعت حدوث أعمال عنف قبل يوم التنصيب، لكنها كانت غير مستعدة فيما يبدو لمثل هذا الحجم الكبير من الاضطراب، ومع اقتحام حشود المشاغبين المبنى، تميزت استجابة المسؤولين بالبطء، مما ترك أفراد شرطة مقر الكونغرس غير المزودين بعتاد ملائم أمام حشد أقوى منهم. لقد كان من المروع أن نشاهد همجاً مسلحين يقتحمون قاعات الكونغرس، ويحطمون النوافذ، ويخربون المكاتب، ويضربون أفراد الأمن، ويرهبون أعضاء الكونغرس، وكان الأكثر إثارة للصدمة حقيقةً، هو أن هذا العصيان العنيف حرض عليه الرئيس ونجله ومحاميه وأعضاء من الكونغرس، بغرض تغيير نتيجة الانتخابات. وبعد وصول قوات من الحرس الوطني وأفراد الشرطة من أقسام مختلفة في المنطقة إلى الموقع، تم إخلاء المقر بعد موت خمسة أفراد وإصابة العشرات بجروح وتدمير كبير في الممتلكات وصدمة للأمة. وبعد هذا التمرد العنيف، ظل أفراد من الحرس الوطني منتشرين لتأمين الكونغرس ومواقع اتحادية أخرى، ورغم الصدمة من رؤية تعرض أحد رموز الديمقراطية لهجوم، ظهرت مؤشرات مبدئية على التكاتف القومي، فالجمهوريون الذين أيدوا زعم ترامب بحدوث تزوير في الانتخابات، جزعوا في بداية الأمر في رعب بسبب العنف وأدانوا سلوك الرئيس السابق، لكن بعد أيام قليلة، أيد هؤلاء الحزبيون أنفسهم السيد ترامب مرة أخرى، وبينما وحدتنا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أدى تمرد السادس من يناير إلى العكس فيما يبدو. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أدهشني زعم عدد كبير من المعلقين والقادة السياسيين بأن الهجوم الإرهابي مثل «تهديداً وجودياً» لبلادنا، لقد كان هذا الزعم هراء، فأفكار تنظيم «القاعدة» أو الحصيلة الكبيرة من القتلى لم تفت قط في عضد القيم الهادية لهذه الأمة، لقد كانت السياسات التمييزية التي قصد بها مكافحة الإرهاب، هي التي دفعت إلى حروبنا اللانهائية على الإرهاب وهي التي شكلت تهديداً وجودياً لبلادنا، بل المثير للقلق هو قلة استخدام مصطلح «تهديد وجودي» في وصف الهجوم على ديمقراطيتنا من سياسيين جمهوريين من المؤمنين بتفوق البيض، بينما هذا هو الوصف الملائم في هذه الحالة، ومع وجود 70 في المئة من أنصار ترامب مازالوا يعتقدون أن نتائج الانتخابات تم تزويرها وقلة أو عدم تأثر الذين حرضوا على عنف أُريد به تغيير نتائج انتخابات ملتزمة بالقانون، فإننا نواجه أزمة وجودية بمستوى تاريخي، فقد كان أمننا وحقوقنا في خطر بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لكن مع عصيان السادس من يناير تعرضت ديمقراطيتنا في حد ذاتها للخطر.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن