قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن معظم أسواق الأسهم الرئيسية شهدت أداءً ضعيفاً في شهر يناير الماضي بسبب المخاوف المتعلقة بتأثير القيود المفروضة أخيراً في بعض الدول على النشاط الاقتصادي، إلى جانب بطء وتيرة طرح اللقاحات ومدى فعاليتها ضد السلالات المتحورة الجديدة من الفيروس، ما أدى إلى انخفاض المعنويات تجاه الإقبال على المخاطر، التي كانت سائدة في وقت سابق، وخيمت تلك الأوضاع بظلالها على حزمة التحفيز النقدي الضخمة التي قد يتم طرحها في الولايات المتحدة بنهاية الربع الحالي.

وحسب التقرير، جاءت تلك الأحداث في وقت عدّل صندوق النقد الدولي آفاق نمو الاقتصاد العالمي للعام الحالي إلى 5.5 في المئة مقابل 5.2 في المئة في أكتوبر – بعد الأخذ بعين الاعتبار تعافي الاقتصادات بوتيرة أكثر إيجابية بعد الجائحة فيما يعزى إلى حد كبير إلى النمو القوي الذي شهدته الولايات المتحدة (نمو بنسبة 2 في المئة إلى 5.1 في المئة) مقارنة بالتوقعات، التي سبقت طرح اللقاحات.

Ad

لكن مسار الفيروس سيظل بطبيعة الحال عاملاً رئيسياً للتعافي العالمي، مع احتمال أن يظل أداء الأسواق النامية متباطئاً لقلة حصولها على اللقاحات وضعف قدرتها على إقرار سياسات التحفيز. من جهة أخرى، ارتفع سعر مزيج خام برنت متخطياً حاجز الـ 60 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ عام، وساهم في ذلك على وجه الخصوص التخفيضات الكبيرة لحصص الإنتاج أحادية الجانب، وإن كانت لفترة محددة زمنياً، من جانب السعودية .

بايدن يدفع حزمة التحفيز قدماً

انصب تركيز الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الأسابيع الأولى من توليه منصبه على تشديد الإجراءات الصحية للتعامل مع الجائحة وطرح حزمة التحفيز المالي الضخمة، التي اقترحها لدعم عملية الانتعاش الاقتصادي بعد ظهور علامات واضحة على انحسار هذا الانتعاش.

وأشارت بعض العوامل إلى تراجع الاقتصاد الأميركي، إذ كشفت تقارير التوظيف مجدداً عن أداء شهري ضعيف لسوق العمل في يناير بارتفاع معدلات التوظيف بمقدار 49 ألف وظيفة فقط (معظمها حكومية) مع استمرار تسريح الموظفين في قطاعي الترفيه والضيافة الأكثر تعرضاً للفيروس.

ويبدو فريق بايدن الآن أكثر تصميماً على دفع أكبر قدر ممكن من حزمة التحفيز البالغ قيمتها 1.9 تريليون دولار (8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) بما في ذلك شيكات بقيمة 1400 دولار للمواطنين، حتى لو أدى ذلك إلى التخلي عن صفقة يتفق عليها كلا الحزبين وتوحيد الصفوف مع نواب الكونغرس الجمهوريين، الذين يريدون تمرير حزمة بقيمة أقل حجماً.

وتلقت خطة بايدن انتقادات حتى من وزير الخزانة (الديمقراطي) السابق لاري سمرز، الذي جادل بأنها مفرطة وربما تضخمية وتشكل خطراً على الاستقرار المالي.

ويواصل فريق بايدن الدفع بأنه نظراً للأوضاع الاقتصادية غير المستقرة والضغط على الموارد المالية للأسر الأميركية، فإن مخاطر التحفيز المفرط أقل من مخاطر تمرير حزمة بقيمة أقل.

ويتمثل الهدف في إقرار الصفقة منتصف مارس المقبل عند انتهاء استحقاقات البطالة الرئيسية.

ويواصل مجلس الاحتياطي الفدرالي مساهمته في المطالبة بالمزيد من الدعم المالي، على الرغم من الجدل المتزايد حول امكانية ارتفاع معدلات التضخم في وقت لاحق من العام الحالي، إذ يساهم طرح اللقاحات في إفساح المجال أمام انتعاش النشاط الاقتصادي بوتيرة كبيرة في ظل تخفيف القيود.

وفي واقع الأمر، ساهمت تلك المخاوف في ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 25 نقطة أساس منذ بداية فبراير، لتصل بذلك إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 11 شهراً عند 1.17 في المئة.

كما ارتفع معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلك إلى أعلى مستوياته منذ بداية الجائحة وصولاً إلى 1.4 في المئة على أساس سنوي في يناير، كما من المقرر أن يواصل ارتفاعه خلال الأشهر المقبلة نتيجة لتأثير العوامل الأساسية السنوية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

لكن مع ارتفاع المخاوف بتعافي الطلب في وقت لاحق من العام، وبدء التأثير الكامل لحزم التحفيز المالي، ورفع الحد الأدنى للأجور، قد تؤدي التحولات الهيكلية وآثار تداعيات الجائحة إلى كبت العرض. والتزم الاحتياطي الفدرالي بالسماح للتضخم بأن يتجاوز مستواه المستهدف المقرر بنسبة 2 في المئة فترة من الوقت، وتعهد بتجنب تكرار المنهج الذي اتبعه خلال الفترة التي تبعت الأزمة المالية العالمية عندما اتُهم بتشديد سياساته النقدية في وقت سابق لأوانه.

تراجع مزدوج في اقتصاد اليورو

أدت إجراءات الإغلاق وحظر التجول المفروضة في معظم أنحاء منطقة اليورو منذ ديسمبر الماضي إلى انخفاض كبير في حالات الإصابة الجديدة بالفيروس، لكن التكلفة الاقتصادية كانت مرتفعة جداً، وقد يتم تمديد تلك الإجراءات نتيجة بطء طرح اللقاحات، إذ تهدد الحكومات باستمرار فرض القيود للتصدي للسلالات الجديدة للفيروس. ودخل اقتصاد منطقة اليورو في تباطؤ مزدوج في الربع الرابع من عام 2020، على الرغم من انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة -0.7 في المئة على أساس ربع سنوي أقل من المتوقع، وتمكن ألمانيا (+ 0.1 في المئة، بدعم من الخفض المؤقت لضريبة القيمة المضافة) وإسبانيا (+ 0.4 في المئة، التي سجلت أعلى معدل تراجع في الربع الثاني) من تحقيق مكاسب صغيرة.

ومن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي مجدداً في الربع الأول من عام 2021 وسط انخفاض مؤشر مديري المشتريات إلى ما دون مستوى 50 الدالة على "عدم التغيير"، إذ بلغت قراءاته 47.8 في يناير، نظراً إلى معاناة بعض الدول من الاضطرابات التجارية المرتبطة بانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي.

ومن المستبعد أن يصل الإنتاج الإقليمي إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى منتصف عام 2022، إذ خفض صندوق النقد الدولي أخيراً آفاق النمو في عام 2021 إلى 4.2 في المئة مقابل 5.2 في المئة في توقعاته السابقة.

وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية الضعيفة، أبقى البنك المركزي الأوروبي على سياسته النقدية دون تغيير في يناير (معدل الفائدة على الودائع عند مستوى -0.5 في المئة والبرنامج الطارئ لشراء الأصول بقيمة 1.85 تريليون يورو) مفضلاً إعطاء حزم التحفيز السابقة مزيداً من الوقت ليظهر أثرها.

وخيمت ظلال من الشك حول إمكانية إقرار تدابير تيسيرية إضافية نتيجة للقفزة الحادة التي شهدها معدل التضخم الأساسي الذي وصل إلى أعلى مستوياته المسجلة في خمس سنوات، إذ وصل إلى 1.4 في المئة على أساس سنوي في يناير مقابل 0.2 في المئة في ديسمبر، ليقترب بذلك من المستوى المستهدف بنسبة 2 في المئة الذي وضعه البنك المركزي.

لكن هذا الارتفاع كان مدفوعاً جزئياً بعوامل فنية، بما في ذلك تغيير الوزن الترجيحي للمكونات الفرعية للمؤشر، وتأخير المبيعات الشتوية، وإنهاء الخفض المؤقت لضريبة القيمة المضافة في ألمانيا – وسوف ينعكس تأثير بعض من تلك العوامل في الأشهر المقبلة مما سيؤدي إلى تراجع معدل التضخم.

وصرح البنك المركزي الأوروبي أنه في ظل التراجع الكبير الذي يشهده الاقتصاد نتيجة للركود الحالي، فإنه سيدرس أي ضغوط تصاعدية مؤقتة وأثرها على التضخم عند وضع سياساته.

ومع ذلك، فإن استمرار التقلبات سيجعل الإشارات الأساسية أكثر صعوبة في قراءتها.

وفي المملكة المتحدة، أبقى بنك إنكلترا سياسته النقدية دون تغيير في فبراير (معدل الفائدة عند مستوى 0.1 في المئة وإجمالي مشتريات الأصول بقيمة 895 مليار جنيه إسترليني) كما كان متوقعاً، على الرغم من تحذير البنوك من الاستعداد للتحول في المستقبل إلى أسعار الفائدة السلبية خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر إذا تطلب الأمر تعزيز مستويات التعافي الاقتصادي.

وخفض البنك آفاق نمو عام 2021 إلى 5.0 في المئة مقابل 7.3 في المئة قبل ثلاثة أشهر على خلفية التداعيات الناتجة عن الإغلاق الأخير الذي بدأ منذ بداية يناير، الذي يتوقع أن يؤثر بشدة على معدلات نمو الربع الأول من عام 2021.

وعلى الرغم من تشديده على الحالة الضبابية فإن توقعاته الأساسية ظلت متفائلة، إذ توقع انتعاشاً قوياً بدءاً من منتصف العام في ظل النتائج الايجابية للتسارع النسبي لوتيرة برامج اللقاحات في المملكة المتحدة، والذي بدأ يؤتي بثماره، هذا إضافة إلى عودة إقبال المستهلكين على الإنفاق بفضل تراكم المدخرات ومع تبدد الاحتكاكات الأولية الناجمة عن الترتيبات التجارية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي (بما في ذلك التفتيش الجمركي والمتطلبات المستندية الإضافية). وقد يتسارع معدل النمو في عام 2022 إلى 7.3 في المئة.

تراجع إنتاج المصانع والخدمات في اليابان خلال ديسمبر

شهد إنتاج المصانع في اليابان مزيداً من التراجع خلال شهر ديسمبر، اذ انخفض بنسبة 1.6 في المئة مع تضاؤل إنتاج الآلات والمعدات العامة والسيارات، والذي محا المكاسب المسجلة نتيجة تزايد إنتاج المواد الكيميائية العضوية وغير العضوية.

من جهة أخرى، تراجع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 0.6 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر. وبالنسبة لعام 2020، انخفض الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 6.5 في المئة، فيما يعد أسوأ تراجع يشهده على الإطلاق، متأثراً سلباً بالجائحة وزيادة ضريبة المبيعات في أكتوبر 2019.

كما انخفض أيضاً مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات، إذ تراجع إلى 46.1 في يناير مقابل 47.7 في ديسمبر على خلفية انخفاض طلبات الأعمال الجديدة نتيجة ضعف الطلب في ظل الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بالفيروس.

وتشير أحدث الأرقام إلى أن الانتعاش الاقتصادي بدأ في التراجع حتى قبل تشديد القيود – التي قام رئيس الوزراء يوشيهيدي سوجا بتمديدها أخيراً مدة شهر إضافي.

وساهمت تلك الأوضاع في تزايد المخاوف بشأن الركود المزدوج وتراكم الضغوط على رئيس الوزراء الذي شهد تراجع معدلات تأييد حكومته بأكثر من 30 في المئة وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة.

تباطؤ وتيرة نشاط الاقتصادالصيني قبل العام الجديد

انخفض مؤشر مديري المشتريات الصناعي في الصين خلال شهر يناير إلى 51.3 مقابل 51.9 في ديسمبر وفقاً لمكتب الإحصاء الوطني الصيني.

ويعزى تباطؤ النشاط الاقتصادي، على الرغم من أنه ثاني تراجع يتم تسجيله على التوالي، إلى بدء "نهاية الموسم" وهي فترة تباطؤ أداء الشركات قبل احتفالات العام القمري الجديد (عيد الربيع).

كما كان ظهور بعض حالات الإصابة بالفيروس أخيراً من العوامل التي ساهمت في ذلك أيضاً، هذا إلى جانب تباطؤ وتيرة نشاط قطاع الخدمات.

وتوقع صندوق النقد الدولي في تحديثه الأخير لآفاق نمو الاقتصاد العالمي الصادر في يناير نمو اقتصاد الصين بنسبة 8.1 في المئة هذا العام بعد ارتفاعه في عام 2020 بنسبة 2.3 في المئة، والتي تعد أدنى مستويات النمو التي يشهدها الاقتصاد الصيني منذ أكثر من 40 عاماً.

لكن على الرغم من ذلك كانت الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي تجنب الانكماش العام الماضي وسط استفادتها من الاحتواء الناجح للجائحة وقوة الاستثمارات الحكومية وتوافر السيولة لدى البنك المركزي.

إلا أن المخاوف المتعلقة بتزايد السيولة وما قد ينتج عن ذلك من فقاعات الأصول يعد من أبرز مصادر القلق التي تواجه بنك الشعب الصيني.

فعلى سبيل المثال، وصل مؤشر الأوراق المالية الصينية (CSI 300) في يناير إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ الأزمة المالية بدعم من التدفقات الكبيرة من المستثمرين.

وتحركت السلطات بالفعل لمعالجة هذا الأمر، اذ قامت أخيراً بسحب سيولة بقيمة 78 مليار يوان (12 مليار دولار) من خلال عمليات السوق المفتوحة.

كما شددت السلطات قواعد الإقراض المصرفي للمطورين العقاريين في ديسمبر بعد أن سجل سوق العقار، الذي شهد ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة، أداءً قوياً مرة أخرى في عام 2020 مما أدى إلى تعزيز الانتعاش الاقتصادي إلى جانب الإنتاج الصناعي والصادرات.