انتهاك خصوصية «واتساب» يفتح الباب أمام التطبيقات المحلية
• متخصصون لـ الجريدة•: مطلب ضروري لتأمين سرية المعلومات من الشبكات الاستخباراتية
• رائد الرومي: مشاركة البيانات الشخصية للمستخدمين أصبح أمراً حتمياً
طالب متخصصون في أمن المعلومات بالترخيص لشركات مختصة لإنشاء تطبيقات محلية للمحافظة على الخصوصية وسرية البيانات والمراسلات في الجهات الحكومية، معتبرين أن الموافقة على استخدام أي تطبيق إلكتروني يعتبر موافقة مبدئية لمشاركة البيانات وإعطاء الأحقية في تبادلها مع الشركات والشبكات الاستخباراتية.
فتح انتهاك تطبيق «واتساب» لمستخدميه، بمشاركة البيانات الشخصية الخاصة بالمستخدمين مع شركة «فيسبوك»، الباب أمام إنشاء شركات محلية لإدارة واستحداث تطبيقات إلكترونية خاصة تحافظ على سرية المعلومات وخصوصية المحادثات في الجهات الحكومية وعلى مستوى المجتمع المحلي.واعتبر عدد من المختصين في مجال تقنية المعلومات أن ما قام به «واتساب» انتهاك لسياسة الخصوصية بين الشركة المالكة للتطبيق والمستخدمين، مما يعدم مبدأ الثقة، ونصحوا بزيادة المطالبات بتغيير استخدام التطبيق والمناداة بهجرة جماعية نحو تطبيقات أكثر أمانا، بينما رأى آخرون أن مجرد اعتماد استخدام أي تطبيق هو بحد ذاته إقرار رسمي بمشاركة البيانات وتبادل المعلومات مع الشركات المالكة عبر الشبكة العنكبوتية.«الجريدة» رصدت آراء المختصين في مجال الأمن السيبراني وتقنية المعلومات الذين تباينت آراؤهم حول سياسة الخصوصية في التطبيقات الإلكترونية.
بداية، أكد مستشار أمن المعلومات والعقيد المتقاعد في وزارة الداخلية رائد الرومي ضرورة إنشاء تطبيق إلكتروني محلي للجهات الحكومية لتبادل المعلومات السرية، قائلا إنه كثيرا ما طالب المختصون بالحاجة الملحة لاستخدام تطبيقات خاصة للحفاظ على سرية البيانات الخاصة بالدولة ومنع تداولها عبر تطبيقات عالمية مثل «واتساب».وذكر الرومي أن إنشاء أدوات التواصل والتطبيقات ليس بالأمر الصعب على التطبيقات العالمية مثل واتساب وغيرها غير المضمونة أبدا في تسريب المعلومات ومشاركة البيانات الشخصية لدى الكثير من الشبكات الاستخباراتية، وتلك التي تعتمد على نشر البيانات والمعلومات الشخصية، مؤكدا أنه عند استخدام الإنترنت والتقنيات الحديثة لابد من التنازل عن جزء من الخصوصية، وإلا لا يمكن استخدامها، كون أصحابها لا يقدمون هذه التقنية مجانا دون الحصول على ما ينتفعون به.وأضاف أن مشاركة البيانات الشخصية للمستخدمين أصبح أمرا حتميا، سواء بوجود رسالة تبين ذلك أو تصريح بأخذ الموافقة الرسمية من عدمها، موضحا أن تلك التطبيقات تدرس سلوك المستخدمين والبيانات العامة، ولابد من الاعتراف بأنها جزء من الحياة العامة، سواء مع استخدام واتساب أو ما ينافسه من تطبيقات مراسلة.
مصدر للرزق
بدوره، ذكر أستاذ الحاسوب في جامعة الكويت د. ثلايا الفوزان أنه لا يوجد قلق أو حذر بشأن رسالة «واتساب» حول مشاركة البيانات مع شركة فيسبوك، لأنه أساسا بمجرد استخدام التطبيقات الحديثة بحد ذاته موافقة مبدئية على إعطاء جزء من الخصوصية، مبينا أن جميع أدوات الاتصال الحديثة «التطبيقات الإلكترونية» التي يتم استخدامها مجانا تعتبر استخدام بيانات المتعاملين معها مصدرا للرزق، ومن الصعب معرفة مصداقية الخصوصية التي تدعيها.وأضاف د. الفوزان أنه إذا تم الاعتراف بأن الرسالة الموجهة من «واتساب» مصدر للخطورة فينبغي العلم أن جميع المنصات الإلكترونية ذات خطورة بالغة أيضا، ويفترض في استخدامها عدم تداول البيانات الخاصة، موضحا أنه لا تأثير يذكر في تغيير التطبيقات الإلكترونية من أحدها إلى الآخر، فبالنهاية العملية إعلامية وتسويقية أكثر من المحافظة على الخصوصية بين شركات كبرى متنافسة تعتمد على البيانات كجزء رئيسي من نجاحها واستمرارها.الخصوصية الشخصية
من جهتها، أكدت المختصة في علوم الكمبيوتر والأمن السيبراني د. مها القلاف أهمية المحافظة على الخصوصية الشخصية أثناء التعامل مع البرامج والتطبيقات المستخدمة في شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن تغيير تطبيق واتساب مؤخرا سياسة الخصوصية بشكل ينتهك سرية بيانات الأشخاص المستخدمين له أمر في غاية الخطورة.وقالت د. القلاف إن موافقة الشخص على سياسة الخصوصية الجديدة تعني بالضرورة موافقته على استخدام بياناته الشخصية وملفاته من صور وفيديوهات وبيانات «Device ID» و»Advertising Data» و»Email Address» والكثير من البيانات الخاصة بأجهزته لصالح هذه الشركات التي يمكن أن تستغلها، وتعني أيضا عدم قدرته على مقاضاة هذه الشركات مستقبلا في حال استخدامها أي غرض كان.ونصحت مستخدمي هذا التطبيق بالتحول إلى تطبيقات أخرى أكثر أمنا وسرية للمعلومات، وحذف الحساب بشكل كامل، لافتة إلى أن موافقة الشخص على الشروط الجديدة لا يمكن إلغاؤها إلا من خلال حذف الحساب بشكل كامل وحذف التطبيق.انتهاك السرية
وقال رئيس نقابة العاملين في تكنولوجيا التعليم فواز الفواز إن تغيير سياسة الخصوصية لبرنامج «واتساب» بشكل ينتهك سرية بيانات المستخدمين أمر لا يمكن تجاهله، «لاسيما أننا في مجتمع محافظ يرفض مثل هذه الأمور، وبالتالي يمكن أن تحصل مشاكل أسرية ومجتمعية نتيجة تسريب بيانات أو محادثات وما شابه».وأشار الفواز إلى أن هذه الشركة ربما لا تعي خطورة الأمر في المجتمعات المحافظة، وبالتالي لا تعلم حجم خسارة الحسابات التي ستتلقاها، حيث سيتجه الكثيرون إلى إلغاء حساباتهم في هذا البرنامج والتوجه إلى برامج أكثر خصوصية تضمن سرية وسلامة بياناتهم.من جهته، أفاد رئيس اتحاد نقابات العاملين في القطاع المشترك مهدي الصيرفي بأن الموضوع يحتاج إلى دراسة وبحث من جهات الاختصاص من مؤسسات المجتمع المدني المكونة من النقابات وجمعيات النفع العام المختصة والجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات ووزارة المواصلات وهيئة الاتصالات، للوصول إلى حلول ناجعة لمثل هذه الأمور، لاسيما أن انتهاك خصوصية المستخدمين أمر متوقع من قبل بعض البرامج، مبينا أن الصين كان لديها بعد نظر في هذه الأمور، واستخدمت برامج محلية بديلة لكل برامج وشبكات التواصل، وهي الآن بمأمن من عمليات انتهاك الخصوصية.وشدد الصيرفي على «أهمية البدء في إنشاء برامج وتطبيقات خاصة بالكويت، بحيث تكون لدينا الاستقلالية التامة عن هذه الشركات، لضمان سرية البيانات، خاصة أن معظم الوزارات والجهات الحكومية تستخدم مثل هذه التطبيقات في عملها اليومي، ويستخدمها مسؤولون على قدر عال من الأهمية ويجب المحافظة على سرية اتصالاتهم وبياناتهم».بيع البيانات إلى الشركات المستفيدة
أكد ضيدان العجمي أن معظم شركات برامج التواصل الاجتماعي، إن لم يكن جميعها، تنتهك خصوصية مستخدميها، والشركة المالكة لبرنامج «واتساب» ليست الوحيدة في هذا المجال، موضحا أن هذا الموضوع أثير سابقا، وكانت هناك حملة لمقاطعة «واتساب»، واتجه الكثيرون إلى برنامج «تليغرام»، لكن بعد فترة عاد معظمهم ليس لسبب عدم جدوى البرامج الأخرى بل لأن الأغلبية تعودوا على هذا البرنامج، وصاروا يشعرون بأنهم غير قادرين على الاستغناء عنه.وأضاف العجمي أن «برامج أخرى مثل انستغرام وفيسبوك تستخدم نفس الأساليب، وتحصل على بيانات مستخدميها، وحدثت حوادث سابقة في هذا الشأن، وهناك برامج مثل غوغل ماب تحصل على موقع المستخدم وأماكن تحركاته، وهذا أمر يعلمه الجميع ولا يبالون به، وكلنا نعلم أن هذه البيانات يمكن أن تباع وتستفيد منها الشركات، لكن حاجتنا لهذه البرامج تدفعنا إلى استخدامها».