«High Light»: جوهر المواطنة
حب الوطن يتعدى مظاهر احتفالات يومين يمران في السنة، فالوطنية ضمير ووجدان يتحرك في كل الأيام والمواقف التي يتعرض لها الوطن في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى غير ذلك من مواقف لتتشكل دولة المواطنة الدستورية التي أهم سماتها العدالة والإنصاف ومكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره مهما كان مصدر نفوذه، فضلاً عن احترام القوانين وعدم مخالفتها أو إلحاق الأذى بالآخرين ومصادرة حقوقهم، مع الإصرار على تحقيق العدالة الاجتماعية، إلى جانب الكياسة والتحضر في طريقة التعامل مع الآخر في ظل الاختلاف تحقيقاً لقيم المواطنة في التعايش والمشاركة بوطن واحد ومصير مشترك تحت مظلة المساواة وعدم التميز. إذا توافرت هذه السمات في مجتمع سهل ذلك مهمة مؤسسات التنشئة الاجتماعية بإكساب الأفراد قيم المواطنة، وهنا تظهر بجلاء أهمية دور الأسرة في تشريب أبنائها قيم الولاء والانتماء، فالأسرة بقيمها الديمقراطية تنتج جيلاً ديمقراطياً متسلحاً بقيم الولاء والانتماء التي ترفض قيم التسلط والاستبداد، والتي تتناقض في حقيقتها مع "جوهر المواطنة" وتتنافى مع أبسط قيمها؛ لذلك فالأسرة صاحبة الفكر الديمقراطي قادرة على تعزيز قيم التسامح والتعايش مع الآخر، واحترام حقوق الأقليات ونبذ الكراهية وحل الخلافات بالحوار والمناقشة؛ وبمعنى أدق فالأسرة هي صانعة الديمقراطية والديمقراطيين، لذلك فهي أساس الحرية ونبذ التعصب والقبلية والطائفية والفئوية... إلى غير ذلك من تقسيمات بغيضة، لذا أصبحت التربية الأسرية نواة للتربية المجتمعية لأنها قلب الديمقراطية في المجتمع، وهذا ما أكده التراث الإنساني وما نتج عنه من أدبيات عبر التاريخ.ختاماً:
نلاحظ أن دور الأسرة أصبح ضعيفا في تكوين ملامح الشخصية الوطنية، نظرا للتحولات التي يشهدها مجتمعنا الكويتي، لا سيما الرقمية، بالإضافة إلى الإحساس بالإحباط بسبب تدهور الأوضاع وانتشار الفساد، وهذا يتطلب مكافحة الفساد أولاً، ثم إعداد برامج توعية للأسرة، وإعادة النظر فيما تقدمه المنظومة التربوية من مناهج، إلى جانب التأكيد على توعية كل مؤسسات التنشئة لتقوم بدورها كما يجب في المساهمة بتثبيت مبادئ الهوية، خصوصا في صفوف الأطفال الذين يركضون اليوم وراء كل ما هو جديد في العالم الافتراضي، الأمر الذي جعلهم يضيعون معالم هويتهم الكويتية.ودمتم بخير.