وفر الجلوس في المنزل لساعات طويلة في فترة كورونا لنا أوقاتاً لم تكن تتوافر، وأشعرنا بفراغ لم نستشعره في السابق، وعوّدنا عادات ما كنا تعودناها، فقد اكتشفت شخصياً بعض الجوانب الممتعة في "تويتر" و"واتساب" مثلاً لم أكن أعرفها أو أنتبه لها قبل زمن كورونا.وقد نجد التسلية الكافية (والطماشة) الوافية فيما يُعرف بـ(البايو) الخاص بحسابات المغردين في "تويتر" أو في حالات "الواتساب" للمستخدمين وأثناء التسلية سنكتشف ما لا نعرفه عن شخصيات هؤلاء المغردين أو طباع هؤلاء المستخدمين، فقد تكشف العناوين والحالات عن سلوكيات الناس التي لا نعرفها فيهم أو قد تكون معاكسة تماماً لما كنا نعتقده عنهم، فمشكلة وسائل التواصل أنها تعطي للمستخدم حرية لا تتوافر له في اللقاءات الحقيقية أو التواصل الفعلي، فيكتب الشخص ما يجب ألا يُكتب ويقول ما لا يمكن أن يقال ويترك بين السطور ما لا يُترك، وهكذا فإن ما يجب أن يُستر لا يُستر وما يجب ألا يُنشر يُنشر.
فقد تجد الكاذب أكثر كذباً في هذه الوسائل والحاقد أكثر حقداً والفاسق أكثر فسقاً، لكن ما يثير الدهشة أن يبالغ الكاذب بادعاء الصدق وينادي الحاقد بالطهارة، ويأمر الفاسق بالمعروف، وأذكر أن بعض الذين كنا نحسبهم إخوة متحابين هم في الحقيقة أعداء متحاربون يتبادلون التهم شعراً أو نثراً وصوراً أو ملصقات بتلميحات واضحة أو تصريحات مبطنة.وربما تكون مثل هذه الحالات الاجتماعية التي تعودناها منذ ما قبل "تويتر" و"واتساب" ليست جديدة علينا، إنما الجديد في الأمر أنها تكشف عن نفسها دون جهد، وتعلن كوامنها دون تعب، وما يُسهل ذلك الخدعة الكبرى التي يقع فيها ضحايا العالم الافتراضي، إذ إن مساحة الشجاعة أو الفصاحة أو الثقافة القائمة على القص واللزق كبيرة، فترى فيها الجاهل مثقفاً، (والدفش) رزيناً، والأحمق عاقلاً.ولعل إرسال البعض رسائل خاصة للأشخاص دون الأخذ بالحسبان شيوع هذه الرسائل وعمومية انتشارها ينم عن سوء تقدير ونقص ذكاء من المستخدم، حيث ستبدو العلاقات بين الناس في قادم السنين مكشوفة والأسرار معلنة، وهو ما سيؤدي حتماً إلى تقوقع الناس وتدهور العلاقات وشيوع الفردية في المجتمعات.ولأن (لستة) "الواتساب" و"تويتر" الخاصة بالسياسيين والإعلاميين عندي طويلة وحظيت بمتابعتي أكثر من غيرها، فإن (بايوهات) البعض كانت عجيبة ولافتة، فأحد أصحاب الحسابات الإخبارية من أتباع مدرسة غوبلز كانت معظم أخباره غير دقيقة، والآخر يزعم أنه يقول ما لا يستطع غيره قوله، ومع ذلك لم يقل طوال سنتين أو ثلاث شيئاً لم يقله غيره، وأما ذاك السياسي الذي تجاوز العمر المقرر وشارك في كل ما توافر من نشاط لسنوات طويلة فقد وضع شعاراً متفائلاً جداً وفيه طول أمل.وهنا يحضرني (بايو) د. مشعل المشعل وهو (كلنا للكويت والكويت لبعضنا)، حيث يبدو أن "بودخيل" اليساري لا يملك من وسائل الإنتاج إلا مجهوده الفكري، ومع ذلك فإننا تعودنا أن السخرية من الواقع الخطأ من أهم سمات البروليتاريين.
مقالات - اضافات
وجهة نظر: سيكشف لك الواتساب ما كنت جاهلاً
19-02-2021