في الشهر الماضي، ارتفعت قيمة أسهم شركة "جيم ستوب" بنسبة 500 في المئة، فبلغت ذروتها حين وصلت قيمة سهمها إلى 483 دولارا في 28 يناير. كان عدد كبير من تجار التجزئة الذين شاركوا في عمليات شراء أسهم "جيم ستوب" بوتيرة جنونية يستخدم منصة "روبن هود"، وسرعان ما أصبحت الشركة جزءا من هذه النزعة الشائعة مع أنها اضطرت للحد من عمليات التداول عبر شركة "جيم ستوب".

وحملت المرحلة التي سبقت هذا التطور طابعا شعبويا: أراد صغار المشاركين أن يلقنوا صناديق التحوط درساً. بعبارة أخرى، حاولوا أن يجعلوا البائعين على المكشوف يدفعون المال. شكّلت الحملة المرتبطة بشركة "جيم ستوب" دعاية مجانية لمنصة "روبن هود"، مع أن السخط العام الناجم عن الحد من عمليات التداول يعني إجراء تحقيق في مجلس النواب الأميركي لاكتشاف حقيقة ما حصل.

Ad

وستعقد لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب جلسة استماع! من المتوقع أن تكون عبارة عن استعراض سياسي مضحك دون أن تتوصل إلى أي نتيجة جدية. لهذا السبب، تتابع شركة "روبن هود" التخطيط لطرحها العام الأولي خلال هذه السنة. احتلت منصة "روبن هود" المراتب الأولى في متجر تطبيقات "أبل" طوال أيام وقام أكثر من نصف مليون شخص بتنزيلها وفق تقرير قناة CNBC.

وتقول كاثرين لامبرتون، أستاذة في التسويق في كلية إدارة الأعمال التابعة لجامعة بنسلفانيا: "تملك هذه المنصة فرصة مدهشة مع المستخدمين الجدد في الوقت الراهن. عملياً، تعتبر ملحمة "جيم ستونك" دليلاً على نجاح "روبن هود" في تغيير ديناميات القوة في السوق. ولديهم فرصة جيدة الآن كي يتابعوا نموهم".

وعمدت "روبن هود" إلى الحد من التداول بأسهم "جيم ستوب" حين كادت عملياتها تبلغ ذروتها، ما أدى إلى إثارة استياء جزء من عملائها. لكن في مارس 2020، خلال انهيار السوق بسبب تفشي وباء كورونا، توقفت خدمات "روبن هود" ثلاث مرات خلال أسبوع تقريبا. على بعض المستويات، يُعتبر هذا الوضع طبيعيا: لا تزال "روبن هود" شركة مبتدئة وكانت تشهد مرحلة صعبة من النمو. في تلك الفترة، برّر تينيف وشريكه بايجو بهات ذلك الفشل باعتباره وضعا حتميا للتركيز على البنية التحتية للشركة. لكنهما لم يتوقعا مواجهة مشكلة بهذا الحجم ولم يخططا للتعامل مع وضع مماثل.

في هذا السياق تقول لانا سوارتز، أستاذة مساعِدة في دراسات الإعلام في جامعة فرجينيا ومؤلفة كتاب New Money: How Payment Became Social Media (أموال جديدة: كيف أصبح الدفع مرادفا لمواقع التواصل الاجتماعي): "هذا الوضع طبيعي بالنسبة إلى الشركات المبتدئة". يتعلق الهدف الأساسي دوما بطرح منصة في السوق والترويج لها على نطاق واسع ثم يقلق المعنيون بشأن جميع المسائل الأخرى.

لكن تتعلق المسألة الأساسية في هذا المجال بالفكرة التي اقتنع بها صغار المستثمرين وحقيقة ما حصل. يقول المسؤولون في "روبن هود" إن الشركة تستطيع تخفيض عمليات التداول بموجب شروط خدماتها، لكن ما هو عدد المستخدمين الذين يقرأون تلك الشروط فعلياً؟ خلال مقابلة عبر الهاتف، قالت أنات أدماتي، أستاذة في الشؤون المالية والاقتصاد في كلية إدارة الأعمال التابعة لجامعة ستانفورد: "تتعلق المشكلة الكبرى بموافقة المستخدمين على جميع أنواع الشروط على الإنترنت".

وتضيف لامبرتون: "نظرا إلى تعقيدات المعاملات المالية، يفضّل الجميع التطرق إلى التفاصيل لاحقا. لكن لا يمكن التعامل مع هذا القطاع بهذه الطريقة السطحية". تريد لامبرتون أن تعرف ما ستفعله شركة روبن هود للتعامل مع النوع نفسه من عمليات البيع بالتجزئة الشاملة مستقبلاً: هل ستحاول تجنب مشكلة "جيم ستوب" مجدداً؟ أم أنها ستبتكر طريقة لتسهيل تلك العمليات لكن من دون زعزعة نظامها الداخلي؟ تتوقع لامبرتون أن يغيّر هذا القرار طبيعة المنصة وطريقة تعاملها مع "وول ستريت".

وتتعدد التطبيقات المجانية عبر الإنترنت، ويتساءل الجميع دوماً عما تفعله لكسب المال. فيما يخص شركة روبن هود، من المتوقع أن يتطرق السياسيون في مجلس النواب إلى هذه المسألة لأنها تعكس ممارسة مثيرة للجدل اسمها "الدفع لضمان تدفق الطلب". تسمح هذه المقاربة لصناع السوق بتداول الحُزَم وجني المال عبر تجارة الموازنة. نظرياً، قد تسمح هذه الطريقة للبنوك بإعطاء الأفضلية لصغار المستثمرين، وهي ممارسة غير قانونية. في هذا السياق، يقول مات ليفين من شبكة "بلومبرغ": "في الحالات العادية، يلبّي تاجر الجملة الطلبات بسعرٍ أفضل مما يعرضه السوق العام، ولهذا السبب تفشل المقاربة المبنية على تقديم العروض وشراء الأسهم في البورصة قبل بيعها للعملاء بهدف تحقيق ربح معيّن".

وتكشف قائمة المشاركين نزعة إلى التركيز على هذه النقطة تحديدا. في المقام الأول، تبرز شركة "سيتاديل سيكوريتيز" التي تطبق مبدأ الدفع لضمان تدفق الطلب في الصفقات التي تشمل منصة "روبن هود". ويبرز أيضا صندوق التحوط "ميلفين كابيتال" الذي حقق نجاحاً باهراً في السنة الماضية لكنه احتاج هذه السنة إلى خطة إنقاذية بسبب الشوائب في "جيم ستوب"، فاشترى صندوق التحوط "سيتاديل" حصة منها. يزداد الوضع إرباكاً لأن هذين الطرفين ليسا متشابهين مع أن كين غريفين هو الذي أسس كليهما.

عند تطبيق مبدأ الدفع لضمان تدفق الطلب، تجني شركة "روبن هود" المال حين يقوم الناس بعمليات تداول إضافية. ترسل الشركة تنبيهات لحظية حول المواقع التي يملكها المستخدم، فيتمكن هذا الأخير من تحديد أسعار مخصصة ومستهدفة في حال أراد تلقي المزيد. وحدهم مستخدمو منصة "روبن هود" يواجهون هذه المشكلة، لأن المشاركين في تجارة اليوم الواحد لا يجنون المال بشكل عام.

لكن التركيز على مؤامرات صناديق التحوط اليوم لن يحقق الهدف المنشود. تجني شركتا "روبن هود" و"سيتاديل سيكوريتيز" المال حين يقوم الناس بعمليات التداول. لذا من المنطقي أن نتساءل عن احتمال الحد من التنبيهات اللحظية التي تدفع الناس أحياناً إلى التداول المفرط.

قد يقدم تينيف أداءً كارثياً خلال جلسة الاستماع، ما ينعكس سلباً على مصير شركة "روبن هود". لكنّ حصر الأسئلة بمواضيع مثل الدفع لتدفق الطلب أو صناديق التحوط أو اعتبار البائعين على المكشوف أشراراً (هم ليسوا كذلك طبعاً!) سيغفل عن الهدف الذي تصبو إليه منطقة "سيليكون فالي" التكنولوجية. يتعلق جزء من المشكلة الفعلية باتفاقية شروط الخدمة لأن أحدا لا يقرأها. من حق "روبن هود" أن تحد من عمليات التداول، وبالتالي لا يمكن تحميلها مسؤولية فشل الخدمة بغض النظر عن أسبابها، بما في ذلك الخلل المرتبط بأعطال البرنامج. تشمل الاتفاقية أيضا بندا متعلقا بتجارة الموازنة.

بعبارة أخرى، لن تكون "روبن هود" مضطرة لتغيير أي شيء من ممارساتها. تشهد الشركة نموا متسارعا، وقد أعطاها المستخدمون الحق في ارتكاب الهفوات حين ترغب في ذلك. تجني "روبن هود" المال بغض النظر عما يجنيه المستخدمون، ويُفترض ألا تُحَل النزاعات في المحاكم بل عبر لجان تحكيم. بدأ المستثمرون يتدفقون إلى هذه المنصة، وإذا نجح تينيف في تجاوز جلسة الاستماع (وجلسة محتملة أخرى في مجلس الشيوخ)، فسيصبح في مكانة ممتازة لعرض الطرح الأولي للاكتتاب العام. يكفي أن يتفوه بكلمات ترضي السياسيين ويمتنع في المقابل عن قول أشياء مريعة كي ينتصر ويمضي قدماً.

رغم كل ما يحصل، أطلقت شركة "روبن هود" إعلانا خاصا بنهائي الدوري الأميركي لكرة القدم للاحتفال بعملائها. تعكس هذه الخطوة أعلى درجات الثقة بالنفس!

إليزابيث لوباتو