برلمان أم حلبة مصارعة؟
بعض النواب عندنا يدخل مجلس الأمة متأبطا شراً يلح بطلب الكلام حتى ينفس عن غضبه ويجد حاجته للتنفيس عن غضبه حين يعترض زميل له على كلامه أو معانيه أو أسلوبه، فيزيد صراخه وعينه على جمهور المتفرجين يستجدي التصفيق أو ليعود للديوانية مفتخراً بجرأته وإن لم يحقق شيئا، الأهم بالنسبة له أنه جريء ونال من خصمه.
ظاهرة الصراخ والتعبير بالإشارة وبذاءة اللسان وغيرها أمور لا تراها ولا تسمع عنها إلا في الدول المتخلفة، أو بين الجهلة عديمي المعرفة، وهي دليل على العجز عن التعبير السليم لطرح القضايا وإقناع الناس بها والدفاع عنها، فهذا الأسلوب كان ظاهرة بيننا ونحن أطفال في الشوارع يتزعمنا طويل اللسان والمشاكس الذي لديه رغبة بالشجار والضرب لأدنى سبب. ولو تابعنا كيف يتم النقاش والإقناع في برلمانات العالم المتمدن حين تكون الأرقام والحقائق والتحليل العلمي والنقاش الرصين المقنع قد أتت بالكثير من النتائج لشعوب تلك البرلمانات فإن ذلك أفضل من عقود من الصراخ والجدل غير المجدي الذي نراه في الدول المتأخرة.بعض النواب عندنا يدخل مجلس الأمة متأبطا شراً يلح بطلب الكلام حتى ينفس عن غضبه ويجد حاجته للتنفيس عن غضبه حين يعترض زميل له على كلامه أو معانيه أو أسلوبه، فيزيد صراخه وعينه على جمهور المتفرجين يستجدي التصفيق أو ليعود للديوانية مفتخراً بجرأته وإن لم يحقق شيئا، الأهم بالنسبة له أنه جريء ونال من خصمه سواء كان وزيرا أو زميلا له في المجلس.
لو سألنا: لماذا مع كل الصراخ الذي دار عن الفساد ما زال الفساد مستشرياً وينمو، وأبطاله ينعمون بالمال العام والخاص دون محاسبة؟ والجواب أن الفاسدين لا يمانعون أن يشتموا ويتطاول عليهم النواب ما داموا غافلين عن أدواتهم الدستورية وحقهم في تعديل القوانين التي سمحت باسشراء الفساد وعدم القدرة على محاسبة مرتكبيه. مجلس الأمة يفقد مصداقيته، والنائب يساهم في استمرار أحوال خطيرة إذا لم يقم بدوره الرئيس بالتشريع والرقابة، وأكرر لو أن النواب سألوا أنفسهم: كيف يبرأ فاسد مع كل ما قيل ويقال عنه، فإنهم سيجدون أن القانون الذي يحكم القاضي على أساسه قانون ناقص أو فيه من الثغرات ما يتيح للمجرمين والفاسدين فرصة الحصول على البراءة، فبدلا من تضييع الوقت في صراخ لا يؤدي إلا إلى الفرقة وتهميش مجلس الأمة وسخرية الناس منه، فإن عليهم الابتعاد عن الاستعراض والعودة للقيام بالدور الحقيقي بالتشريع والرقابة. دستور الكويت وضع شروطا لكل مواده لتكون ضمن حدود القانون، وهذا يعني أن نتأكد من أن نصوص القانون تحقق روح الدستور وتزيد قوة أهدافه ونلغي أي مادة في القوانين تتعارض مع مقاصد وأهداف الدستور. للأسف بعض مواد القوانين تجافي تلك الأهداف ولعبت فيها الأيادي لتفتح ثغرات للفاسدين والمفسدين الذين عاثوا في الأرض فسادا دون أن يجد القاضي ما يردعهم به.للإخوة النواب أقول: اعكفوا على مراجعة قوانين الدولة، وركزوا الجهود عليها لحماية حريات الناس وقهر الفاسدين والمفسدين وإلا فإنكم ستكونون جزءا من منظومة الفساد وحماة لها.