تصاعدت حرب البيانات بين السودان وإثيوبيا، في ظل أزمة الحدود بين البلدين الجارين.فبعدما أدانت أديس أبابا «التصعيد والسلوك الاستفزازي لحكومة السودان بشأن مسألة الحدود»، اتهم السودان وزارة الخارجية الإثيوبية بتوجيه «إهانة لا تغتفر» إلى الخرطوم، وطالبها بـ «الكف عن الادعاءات التي لا يسندها حق بشأن هذه القضية».
وقالت «الخارجية» السودانية، في بيان أمس، إنه «في ظل وجود مبعوث الاتحاد الإفريقي في الخرطوم لمحاصرة التصعيد وتمكين الدولتين من حل الإشكال الحدودي، وبموافقة القيادة الإثيوبية على مهمة المبعوث، خرجت وزارة الخارجية الإثيوبية ببيان مؤسف يخوّن تاريخ علاقاتنا، وينحط في وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر». وأضاف البيان أن «مسألة الحدود لا يمكنها أن تكون أساسا للعدوانية التي تتصرّف بها إثيوبيا».وأضافت: «إثيوبيا ظلت، منذ عام 1902 مروراً بالأعوام 1903 و1907 و1955 إلى 1981 وما بعدها إلى الأعوام 2011 و2013 تؤكد التزامها باتفاقية الأساس فى هذا الأمر، لكن وزارة الخارجية الإثيوبية تتجنى وتبتذل صورتها بالقول إنها لا تعترف بالاتفاقيات الاستعمارية».ومن دون أن تذكر صراحة الجهة المقصودة، رأت الوزارة أن الحدود «لم تكن قط موضع نزاع إلى أن جاء إلى وزارة الخارجية الإثيوبية من يُسخّرها لخدمة مصالح شخصية وأغراض فئوية لمجموعة محدّدة، يمضي فيها مقامراً بمصالح عظيمة للشعب الإثيوبي وبأمنه واستقراره، وبجوار لم يخنه».وأضافت «إن كانت إثيوبيا جادة فى ادعاءاتها المستجدة فى أراضي سبق لها أن أقرت بسيادة السودان عليها، فإن عليها أن تمضي الى الخيارات القانونية المتاحة اقليمياً ودولياً، لا أن تهدد الأمن الإقليمي والدولي بالاضطراب الذى قد يجر إليه توظيف البعض للسياسة الخارجية لإثيوبيا لمصالحه الفئوية الضيقة».وأكد البيان «سيادة السودان على الأراضي التي تقول إثيوبيا إنها تابعة لها»، مشدداً على أن «الخرطوم لن تتنازل عن بسط سلطتها عليها»، داعياً أديس أبابا «إلى تغليب إرادة السلام»، مؤكّدة في الوقت نفسه «تمسك السودان بالمعاهدات والقوانين وحفاظه على الأمن والسلم، آملا أن تتصرف إثيوبيا بما يتفق والقانون وحسن الجوار».وأشارت «الخارجية» السودانية إلى أن «ما جاء في بيان الخارجية الإثيوبية من اتهام للسودان بالعمالة لأطراف أخرى هي إهانة بليغة ولا تغتفر، وهي إنكار مطلق للحقائق».من ناحيته، قال نائب رئيس هيئة الأركان السوداني للعمليات عبدالله البشير، إن «أي أرض سودانية خارج سيطرة الدولة يجب أن تعود لحضن الوطن».وأوضح أثناء استقباله في مدينة القضارف شرق السودان، قافلة دعم ومساندة للجيش من إحدى القبائل المحلية في المنطقة، أن «العقيدة القتالية للجيش السوداني لا تقوم على الاعتداء أو احتلال أرض الغير».
طرف ثالث
يأتي ذلك، بعدما اتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية ببيان الجيش السوداني في وقت سابق بمحاولة دفع الشعبين إلى حرب غير مبررة وخطأ فادح من شأنه أن يقوض سلامهما واستقرارهما، سعيا لمصالح خارجية.وأدان البيان «التصعيد والسلوك الاستفزازي لحكومة السودان بشأن مسألة الحدود»، وأوضح إن «أي صراع بين البلدين لن يؤدي إلا إلى أضرار جانبية جسيمة، ويعرّض رفاهية البلدين للخطر». وأضاف «أن الصراع الذي يروّج له المكون العسكري في الحكومة السودانية، لا يمكن أن يخدم إلا مصالح طرف ثالث على حساب الشعب السوداني».وكانت إثيوبيا أعلنت الأسبوع الماضي، استعدادها لقبول الوساطة من أي دولة لحل الأزمة الحدودية، حال نفذت الخرطوم شرطاً واحداً. ودعا المتحدث باسم «الخارجية» الإثيوبية السفير دينا مفتي، حكومة السودان «إلى وقف نهب وتهجير المواطنين الإثيوبيين التي بدأت اعتبارا من 6 نوفمبر بينما كانت الحكومة الإثيوبية منشغلة بفرض القانون والنظام في إقليم تيغراي».مبادرة إفريقية
جاء ذلك بالتزامن مع أنباء عن تقديم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكّي مبادرة لاحتواء الأزمة الحدودية بين البلدين.وقال مصدر دبلوماسي إفريقي إن الأمر مرتبط بزيارة المستشار السياسي للاتحاد الإفريقي محمد الحسن ولد لبّات الخرطوم، ولقائه رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، حيث سلّمه رسالة خطية من فكي لم يُكشف عن تفاصيلها.وأشار المصدر إلى أن رئيس المفوضية الإفريقية دخل على الخط، في خطوة استباقية لاحتواء الأزمة بين الخرطوم وأديس أبابا.وهذه المرة الأولى منذ بداية الأزمة توجه فيها أديس أبابا اتهامات واضحة لما سمته «المكون العسكري في الحكومة السودانية»، بتصعيد الصراع.وتشهد العلاقات بين البلدين توترا منذ نوفمبر الماضي، بعدما أعادت القوات السودانية الانتشار على الحدود، وتمركزت في مناطق الفشقة في شرق السودان.وأعلنت الخرطوم في 31 ديسمبر الماضي سيطرة الجيش على كامل أراضي بلاده في الفشقة. وفي المقابل، اتهمت إثيوبيا الجيش السوداني بالاستيلاء على 9 معسكرات داخل أراضيها.