قال الفنان التشكيلي السعودي منير الحجي، إن حال المشهد التشكيلي العربي يشبه حال المواطن العربي، إذ «يتحرك وهو بين أربعة جدران... يتأمل ويأمل، لكنه بدون أمل... طَموح ولكنه يخشى من مستقبل قد يكون غير مستقر... تأتيه الفرص ويبدأ في استثمارها لكنه يتوقف... أو تسرق منه».وأشار الحجي، إلى أنه برغم تلك الرؤية للمشهد التشكيلي العربي، فإنه غير متشائم، ولفت إلى أن هناك من يشقون أنفاق الإبداع لعبور القارات من الفنانين العرب، الذين حققوا مكانة مرموقة للفنون التشكيلية العربية، وسجلوا موقعاً دولياً متقدماً برغم «التيارات المضادة».
الإبداع والتطور
وحول رؤيته لمدى قُرب الفنانين العرب من العالمية، قال الحجي إن الفنانين العرب قريبون من الحركة التشكيلية العالمية، ومواكبون لها، إن لم يكونوا أفضل منها، والفارق هنا هو «الكم» لا «الكيف»، وأن الحركة التشكيلية العالمية، قد تتفوق على الحركة التشكيلية العربية في كثرة المعاهد والمتاحف الفنية، وبما يقدمونه من دعم وتسهيلات تساعد الفنان على الإبداع والتطور، وباحترامهم للفنان التشكيلي، ومحبتهم للفن، مقابل أن الفنانين العرب يمتلكون الأمل فقط، ويبحثون عمن يحتضنهم ويقدم لهم الدعم ويمد لهم يد المساعدة. وأكد أن العالم العربي لديه الكثير من التشكيليين الذين صاروا فنانين عالميين.لكنه لفت إلى أن الفنان التشكيلي العربي لا يستطيع، حتى اليوم، العيش من ناتج ممارسته للفنون التشكيلية، عدا قلة ممن حالفهم الحظ وصار الفن مصدر رزق لهم.المراكز المتقدمة
وعما يثار عن وجود فن تشكيلي نسوي وآخر ذكوري، قال الحجي إنه لم يكن له نظرة تفرق بين عمل فني أبدعته امرأة، وعمل فني أبدعه رجل، وأنه يجدهما دوما متفقين ومتكاملين، مع اختلاف الميول، إذ توجد ألوان تميل لها الفنانات أكثر من الفنانين، أو مقاسات تتوافق ونظرة المرأة، وأن الرجل كذلك يعشق - على سبيل المثال - الألوان الراكدة، وأن الرجل والمرأة يتبادلان الأدوار في المشهد التشكيلي، مع إطلاقة أسرع لمصلحة المرأة التي تمكنت من المزاحمة على المراكز المتقدمة خاصة في الوطن العربي.وحول موضوعات ومفردات أعماله التشكيلية، قال الحجي، إن أكثر أعماله تدور في فلك التراث وتبجيله، ونقله بكل ثقافاته للجيل الجديد، وأن المرأة حاضرة في أعماله بشكل مباشر وغير مباشر، وأنه كان في بداياته يركز على الأمومة عند تناوله للمرأة في أعماله، أما اليوم فهو يركز على أزياء المرأة وما تتميز به تلك الأزياء من زخارف شعبية.وعن بدايات مسيرته الفنية، قال الحجي، إن علاقته بالفنون التشكيلية بدأت كهواية يمارسها في أوقات الفراغ مع مجموعة هوايات أخرى، لكن هواية الرسم طغت على بقية الهوايات، واستحوذت على الكثير من وقته، فوجد نفسه يبحث في دهاليز الرسم، وما يستهويه أكثر، فجرب كل ما تقع عليه عيناه من أساليب فنية وبدون دراسة أو تمعن في المسميات ليصل لهذا الاتجاه أو ذلك الأسلوب أو تلك المدرسة.المدرسة الواقعية
وبدأ برسم الواقع كما هو (المدرسة الواقعية) وأسهب فيه، وأنتج مجموعة كبيرة لم يهتم بعرضها للناس، وبعدها زاد اهتمامه بتطوير هذه التجربة وربما تغييرها، فجرب (المدرسة السريالية) وذلك بعدما أبهرته بجمال شكلها وروح مضمونها وفنانينها الكبار مثل سلفادور دالي. ثم عَمِلَ على تقسيم اللوحة إلى مربعات ومكعبات لونية (المدرسة التكعيبية) بأسلوبه الخاص، وكان نتاج ذلك 30 لوحة أقام لها معرضاً خاصاً.ضربات سريعة
ويضيف أنه بعد ذلك أخذ يبحث عن أسلوب أسرع لإنهاء اللوحة، وعمد إلى ضربات الفرشاة السريعة العريضة المدروسة أكثر والتي يسميها بـ(التأثيرية) لوضوح أثر الفرشاة في اللوحة. وقد أنتج مجموعة كبيرة من اللوحات التي تأثر فيها بـ (التأثيرية) وأقام بها معارض شخصية وثنائية مع الفنان علي الصفار في المملكة العربية السعودية، وبعض بلدان الخليج العربي، وبعدها انطلق مع الألوان الأكريلك، التي استفاد فيها من كل تجاربه الفنية السابقة.علاقة مودة ومحبة
وحول علاقته بلوحاته وألوانه وفرشاته، قال إنه وخلال مسيرته الفنية، صارت بينه وبين اللوحة وكل ما له صلة باللوحة علاقة مودة ومحبة وألفة، وأنه يشعر وهو يرسم بأنه في رحلة استجمام، وعالم آخر يمثل له المتنفس، وينتابه شعور الشخص الذي ينتظر مولوداً جديداً، وأن نهاية رسم اللوحة، هي لحظة السعادة التي ينتظرها وكله شوق لرؤية المولود الجديد، الذي هو لوحته الجديدة بالطبع.نبذة عن التشكيلي الحجي
يتمتع الفنان التشكيلي السعودي منير الحجي بعضوية عدد من المؤسسات والجماعات الفنية السعودية والعربية، مثل جماعة البحرين للفن المعاصر، وفناني الخبر، وفناني القطيف. ونال العديد من الجوائز والتكريمات، كما أقام معارض شخصية في بلدان عدة، مثل الولايات المتحدة، وكندا، وبريطانيا، والبحرين، وشارك في لجان تحكيم عدد من الملتقيات في السعودية، والمغرب، وتركيا، والبرازيل.