آن أوان تشكيل حكومة طوارئ
تمر البلاد منذ فترة بأزمة غير مسبوقة، فهي أزمة أم ثلاثة رؤوس: اقتصادية، وصحية، وسياسية. ولعل أكثرها تكراراً هي الأزمة السياسية، فهي مملة، مكررة، لا إبداع فيها، ومع ذلك يصر السياسيون على تكرار ذلك المشهد الممل. من الأمور المعتادة، في البلدان المنطقية، أنه خلال الأزمات الحادة يتم إيجاد بدائل غير تقليدية، والتفكير خارج الصندوق، إلا أن حكومتنا ومجلسنا مازالا يتعاملان على أن الأمور عادية، وهي ليست كذلك.حالة الانسداد الفاقعة على المسرح السياسي ليست سبباً في التراجع، ولكنها نتيجة لاختلال حاد في موازين القوى لمصلحة الحكومة، أو الأسرة، فقد اعتدنا عبر السنوات، أنه ما إن تحدث أزمة بين الحكومة وأطراف شعبية، تستخدم السلطة أدوات مشروعة أو غير مشروعة أحياناً، لإثبات هيمنتها وقوتها، وتحجيم الأطراف الشعبية. وقد استمرأت السلطة ذلك السلوك، حتى صار جزءاً من شخصيتها. وقد نتج عن ذلك واحدة من أبرز نواحي الضعف في النظام السياسي، وهي عدم القدرة، دع عنك الرغبة، لدى السلطة في الحوار المفيد القادر على إخراج البلاد من أزماتها، فلا توجد محطة جادة للحوار على الإطلاق، فإن وُجدت فهي لا تعدو كونها مساحيق باهتة لشراء الوقت، ولاستعادة هيمنة وقوة السلطة.أقول قولي هذا، لا للانتصار لهذا الفريق أو ذاك، ولكن لتشخيص المشكلة، فالتشخيص هو نصف العلاج وربما أكثر. ولا يبدو أن شخصنة الأمور مجدية. ولنتذكر تلك المظاهرات العارمة، التي جابت البلاد مطالبة برحيل رئيس الوزراء الأسبق، ظانة أنه ما إن يرحل ستنصلح الأحوال. وها هو قد رحل، بل مضى على رحيله أكثر من ثماني سنوات، فهل حدث إصلاح؟ أم أن الأمور تراجعت؟
اقترحت بعد انتخابات ديسمبر، فتح حوار جاد بين الحكومة والمجلس، وإشراك فعاليات مجتمعية متخصصة، فلم يتم ذلك، فتعقدت الأزمة، واستقال رئيس الوزراء وأعيد تكليفه مجدداً، فبدأ بفتح حوارات متعددة، وهي خطوة في الطريق الصحيح، ولكنها غير كافية.المطلوب الآن هو تشكيل حكومة طوارئ تزيد فيها نسبة المرأة، ويتم فيها توزير 5 أو 6 نواب، بالاتفاق مع مجلس الأمة، فهم وزراء ليسوا بصفتهم الشخصية، ولكن ككتلة برلمانية، والاتفاق على خطة عمل بجدول زمني تنفيذي، وإجراء تقييم شهري لتنفيذ الخطة بشفافية كاملة، والتي قد تشمل جميع القضايا العالقة.إن تمت تلك الخطوة ونُفذت بنجاح، فستؤدي إلى تطوير العمل الشعبي والحكومي، ولا نصبح كل يغني على ليلاه، وقد تسترجع الثقة المفقودة بالحكومة، وقد تتحرك المسيرة، عدا ذلك فما لنا إلا صراع مكرر ونتائج معروفة ومخيبة للآمال، وأزمة تلد أخرى.