لدينا أزمة أخلاق
لماذا تحول جزء لا يستهان به من مجتمع مسالم محب للآخرين إلى مجتمع يمارس جزءٌ منه العنصرية والتنمر والقسوة تجاه الآخرين؟ وهل نستطيع إذا أردنا الموضوعية أن نصف مجتمعاً يمارس جزء منه هذه التصرفات بالإنسانية؟!
تروي الزميلة سارة المكيمي عبر تغريدة لها بالأمس أنها شاهدت مواطناً ينعت عاملاً بسيطاً في إحدى الجمعيات التعاونية بنعوت قاسية لمجرد أن «عربانة» العامل أعاقت طريقه، وتصف ما حصل بالعنصرية.عن نفسي أؤيد ما ذهبت إليه الزميلة وأزيد عن مشاهدات تتعلق بالقسوة تجاه عمال النظافة والخدم الذين يعملون بالمنازل وأكل حقوقهم المادية، وطرد بعض العاملين الذين ينجزون بعض المهام البسيطة بالمنازل كإصلاح بعض الكهربائيات أو أعمال السمكرة بدون إعطائهم حقوقهم، وغيرها من حوادث الظلم التي بدأ بعض المواطنين يمارسونها تجاه العمال الأجانب لمجرد أن هذا المواطن يعتقد أن القانون لا يطبق عليه.الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يذهب أكثر من ذلك، فعندما تشاهد شاباً صغير السن يمارس هذه الأفعال تجاه الآخرين تدرك أن العرض مستمر وبنجاح منقطع النظير!
ويبقى السؤال: لماذا تحول جزء لا يستهان به من مجتمع مسالم محب للآخرين إلى مجتمع يمارس جزءٌ منه العنصرية والتنمر والقسوة تجاه الآخرين؟ وهل نستطيع إذا أردنا الموضوعية أن نصف مجتمعاً يمارس جزء منه هذه التصرفات بالإنسانية؟! يجب أن نمتلك الجرأة للتفتيش عن الأسباب، خصوصاً أن الظاهرة بدأت تطول بعض مؤسسات الدولة، فاستمرار الأزمة الإنسانية للبدون والمعاملة السيئة التي يتلقاها أبناء الكويتيات من الدولة واستمرار العمل بنظام الكفيل والترحيل الإداري الذي توسعت به وزارة الداخلية، وإفلات بعض الشركات من جرم التأخر بدفع رواتب عامليها يدلل على صدقية ما أتحدث عنه.أعتقد أننا بحاجة إلى الاعتراف بوجود أزمة في هذا الصدد، لأن الاستمرار بالقول إن الأمر لا يشكل ظاهرة هو مشكلة أكبر من المشكلة بحد ذاتها، فالتبرير والنكران يعنيان أن الدولة عبر مؤسساتها أعطت لنفسها وبعض مواطنيها إجازة للعنصرية، وهذا ما يجب أن يرفضه صاحب كل ضمير حي.لدينا أزمة أخلاق، إذا اتفقنا على ذلك فهذه بداية مبشرة، وأما غير ذلك فـ«لا طبنا ولاغدا الشر». فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.