مقترح قانون لاغتصاب السلطة
تقدم بعض النواب بمقترح قانون يقضي بصحة عقد الجلسات دون حضور الحكومة، وهذا يعني أن هؤلاء الأعضاء يريدون الاعتداء على الدستور وتغييره، فمن المعروف أن هناك مادة في الدستور تنص على وجوب أن تكون الوزارة ممثلة في جلسات المجلس برئيسها أو بعض أعضائها، والتزمت جميع المجالس منذ تأسيس المجلس حتى يومنا الحاضر بهذا النص، فيتم تعطيل الجلسة في حال غياب الحكومة، ولا شك أن هذا أمر طبيعي، فمادام الدستور ينص على أن الوزراء أعضاء في مجلس الأمة، ولهم الحق في التصويت على قراراته ومناقشة القوانين والتصويت عليها بالقبول أو الرفض، فبكل تأكيد سيكون حضورهم جلسات المجلس وإبداء رأيهم فيما يتخذ من قرارات أمراً ضرورياً لأنهم الجهة المنوط بها تنفيذ تلك القوانين والقرارات. وإذا ألقينا نظرة لنتعرف من خلالها على طبيعة المجتمع الكويتي في فترة بناء الدستور، أي قبل ستين عاما فسنجد أنه كان مجتمعا توافقيا متجانسا متحابا، وقد جاءت مواد الدستور لتعكس طبيعة المجتمع في تلك الفترة، فأعطت للحاكم حقوقا تمكنه من تشكيل حكومة قوية حازمة تساعده في إدارة الدولة وتنميتها، كما أعطى للشعب حقوقا في الرقابة والمشاركة في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية للنهوض بالدولة، وكان الاحترام المتبادل هو السائد في الغالب، وإذا حدثت خلافات فلتحترم الأقلية رأي الأغلبية. لم نشهد في تلك الفترة مثل هذه الظواهر السلبية التي برزت في هذا المجلس التي يتبناها بعض أعضائه، مستخدمين لغة تميل إلى العنف والتهديد والتعالي والتكبر، في مخاطبتهم للوزراء وكبار المسؤولين، لغة منهياً عنها حتى في مخاطبة الأطفال والخدم، بكل تأكيد نظامنا التربوي ينشئ الأطفال والشباب على احترام الآخر، أما لغة التهديد والوعيد والتعالي فلا نجدها إلا عند رموز «القاعدة» و«داعش» والتطرف الديني.
وعودة إلى المقترح المقدم من بعض الأعضاء الذين يطالبون بصحة عقد الجلسات دون حضور الحكومة، واضح أن المقصود منه تجريد الحكومة من كل اختصاصاتها وتحويلها إلى حكومة صورية، والمجلس هو من يتخذ القرارات ويرسلها للحكومة للتنفيذ، وكأن وزراءها موظفون عند المجلس، بالتأكيد سترفض الحكومة هذا المقترح، وسيؤدي إصرار الأعضاء إلى أزمة جديدة، وقد لا نعرف كيف الخروج منها.