لا يمكن لأي رئيس للوزارة أن يحاسب على أداء الحكومة ما لم يكن قد اختار وزراء حكومته بنفسه، فكل دول العالم تضع قواعد للاختيار تصب كلها في اختيار الكفاءة والقدرة على القيادة، ويقوم الرئيس المكلف باختيار من يراه مناسبا ممن تنطبق عليهم الشروط، أما أسلوب المحاصصة وإرضاء هذا الطرف أو هذا القطب فإن الحكومة ستظل مشلولة وعاجزة عن تنفيذ أي برنامج إصلاحي، ويكون مجلس الأمة إما داعما للنجاح ودافعا للتشريعات المساندة، أو كاشفا ومعارضا لأي خلل في تنفيذ خطة الحكومة وبرامجها ومصححا لما يحتاج التصحيح، أو رافعا راية عدم التعاون لو رأى خطرا أو تجاوزا يضر بمصالح البلاد ويهدد سلامتها.ما جرى ويجري في طريقة تشكيل الحكومة وضغط الأقطاب والقوى السياسية والقبلية والطائفية ومجلس الأمة لتشكيل حكومة تمثل الجميع أدى إلى تدهور الكويت وانكفائها وتراجعها إلى آخر دول مجلس التعاون وضياع أموالها في إرضاء كل الأطراف على حساب الدولة وحساب الشعب.
على رئيس الحكومة أن يشترط حين تكليفه ألا يتدخل أحد في اختياره ما دام الهدف تشكيل حكومة كفاءات من ذوي القدرة على القيادة والنزاهة، ويناقش برنامج الحكومة لا أشخاصها، ويكون رئيسها مسؤولا عن نتائج فريقه الحكومي مسؤولية كاملة.مشكلة الكويت المزمنة أن الحكومة بأكثر من رأس والقرار فيها ليس خالصا لمجلس الوزراء ورئيسها، وأن الرؤوس الأخرى تتدخل في كل كبيرة وصغيرة. يجب وضع الأسس المعروفة لاختيار قياديي الحكومة أو اعتمادها من وزراء ووكلاء ومديرين، فالكفاءة وامتلاك القدرات القيادية والشرف والأمانة بالإضافة إلى التأهيل العلمي والإداري ستجعل رئيس الحكومة مطمئناً لمستوى وجودة الأداء الحكومي، ويجب ألا يقاس مستوى القيادة بالكم فقط، بل بمستوى الجودة والاستدامة والتكلفة ورضا جمهور المتعاملين مع مؤسسات الدولة. ولكي نمنع أي تدخل في أعمال الوزراء فإن على رئيسها في أول اجتماع لمجلس الأمة أن يعلن امتناعه ووزراءه عن مقابلة النواب في مكاتبهم والتوسط لأي غرض كان، ويمكن إنشاء مكتب ارتباط في مجلس الأمة تكون مهمته تلقي شكاوى الموظفين والمواطنين المظلومين أو من يرى أنه لم يجد العدالة في موقعه، ويقوم رئيس الحكومة بتوجيه وزرائه لمعالجة أي ظلم قد يقع على أحد المواطنين، لكن يمتنع تماما عن تدخل النواب المباشر في القضايا الشخصية. مجلس الأمة عليه التشريع والرقابة وأن يسعى إلى تقديم قوانين أو إصلاح ما ثبت خلله لكي ينشر العدل بين الناس ويحاسب الحكومة على إخلالها بميزان العدل.برنامج الحكومة يجب أن يكون لخدمة المستقبل وتطويره ورفع كفاءة الإنتاج والأداء وفتح المجال للمبادرات الاقتصادية وتطوير نظم ووسائل التعليم وتنمية الموارد البشرية، وكل ما يكفل وينمي أفراد المجتمع وحماية صحتهم وتحسين خدماتهم ومكافأة المجدين والمبدعين ومطوري أداء الدولة، هذا إذا كنا جادين في إنقاذ البلاد وتطويرها.
مقالات
أعطوه حرية الاختيار والإدارة ثم حاسبوه
25-02-2021