تمر الكويت بعدة أزمات اقتصادية متتالية، وفي ظل معمعة التحديات الاقتصادية المالية الحالية والمستقبلية، نواجه تحديا حول مدى قدرة الدولة على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطن، ومنها الرعاية السكنية وتوفير الوظائف، وغيرها من الاستحقاقات الاساسية، كما انعكس ذلك التحدي على الاقتصاد الكويتي في ضعف مساهمة القطاع الخاص، حيث ترتب عليه تعميق أثر التحديات الاقتصادية، على سبيل المثال تنويع الاقتصاد، وسوق العمل، وجذب الاستثمار الأجنبي، والتحديات المالية على سبيل المثال تنويع مصادر الإيرادات العامة، ووقف الهدر في الإنفاق العام، والتحديات المؤسسية مثل غياب الفاعلية في مواجهة مشكلة الفساد، وقصور الشفافية، وضعف ثقافة أخلاقيات الأعمال، وبطء الإجراءات البيروقراطية.وقامت الجمعية الاقتصادية بعمل ورقة الإصلاح الشامل في الاقتصاد الكويتي، مع مجموعة من الخبراء الاقتصاديين، والغرض من الورقة هو بدء عملية الإصلاح، من خلال تعزيز ثقة الشعب بالحكومة، ومن ثم تهيئة المجتمع وتقبله (ولو بشكل نسبي) لأي إجراء إصلاحي في المستقبل، وتنقسم الورقة إلى 3 مراحل: الإصلاح المالي، الاصلاح الاقتصادي، الاصلاح المؤسسي، وتعتمد على ثلاث فترات زمنية: تنفيذ فوري، المدى المتوسط، المدى الطويل، مقسمة بحسب نوع الإصلاح (مؤسسي، واقتصادي، ومالي).
وقبل البدء في الإصلاح لابد من وجود إرادة سياسية جادة من خلال تعزيز قدرة الإدارة الحكومية والإدارة الاقتصادية تحديدا بتنفيذ القرار الاقتصادي والإصلاحات ذات الشأن وتعزيز ثقة المجتمع بالإجراءات الحكومية من خلال تنفيذ القانون، وعدم دعم ظاهرة الواسطة والمحسوبية خاصة في المناصب القيادية والإشرافية والإدارية، وأيضا مكافحة الفساد عن طريق محاكمة الفاسدين وتعزيز المساءلة وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب ومحاسبة المسؤولين في الجهات ذات المخالفات المالية والإدارية.وأولويات عمليات الإصلاح تبدأ بالإصلاح المؤسسي، الذي هو أساس نجاح عملية الإصلاح، وتنقسم إلى ثلاث فترات زمنية هي:
التنفيذ الفوري (أقل من سنة)
- دمج المؤسسات الحكومية التي تتشابه مهامها.- وضع معايير صارمة لتقييم القياديين. - وقف الرواتب الاستثنائية والمكافآت.- تعزيز توصيات هيئة النزاهة للقيام بالدور المطلوب منها.- تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.- البدء بالإصلاح الشامل للقطاع العام من خلال تبني إلزام مبادئ الحكم السليم في الأجهزة الحكومية.المدى المتوسط (1 – 3 سنوات)
- القضاء على الإجراءات البيروقراطية.- رفع مستوى الخدمات الحكومية ورقمنة معاملاتها بشكل شامل.- بناء آليات التنسيق بين الهيئات الحكومية وتعزيزها.- بناء قاعدة قوية من القادة في الإدارة العامة.- تشديد الرقابة على القطاع الخاص للالتزام بتحقيق النسبة المطلوبة لتوظيف العمالة الوطنية.المدى الطويل (أكثر من 3 سنوات)
- تقليص حجم الحكومة من حيث عدد الجهات وأعداد العاملين.- إعادة هيكلة القطاع العام ليتوافق مع دور الحكومة كمنظم ومراقب (وليس منتجا ومشغلا).التكلفة الاقتصادية لتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي (برامج التنويع الاقتصادي) أقل من تلك المرتبطة ببرامج الإصلاح المالي (إصلاحات ضريبية وانشطة الانفاق العام)، مما قد سهل تقبلها اجتماعيا، لذا من الضروري بدء تنفيذ عمليات الإصلاحات الاقتصادية قبل الإصلاحات المالية، وعلى ثلاث فترات زمنية وهي كالتالي:التنفيذ الفوري (أقل من سنة)
- البدء في برنامج زمني محدد للتخصيص.- البدء في برنامج زمني محدد لمشاريع الشراكة.- وضع استراتيجية لسوق العمل لتصويب الاختلالات.- وضع استراتيجية للصناعة لتشجيع الاستثمار الصناعي والصادرات.- رفع كفاءة تشغيل مرافق المطار والموانئ والمنافذ البرية لتيسير انسيابية حركة السفر والنقل.- وضع استراتيجية لتطوير قطاع صناعات المستقبل.المدى المتوسط (1 – 3 سنوات)
- البدء بتنفيذ برامج التخصيص.- البدء بتنفيذ برامج الشراكة. - البدء بتنفيذ استراتيجية سوق العمل واستراتيجية الصناعة.- البدء بتنفيذ المناطق الصناعية الحدودية لدعم الصناعات والصادرات وتسهيل عملية التبادل التجاري وتفعيل رؤية المنطقة الشمالية كمركز مالي وتجاري.المدى الطويل (أكثر من 3 سنوات)
- إعادة صياغة الدور الاقتصادي للقطاع الخاص ليكون مستثمرا وممولا ومشغلا للأنشطة الاقتصادية.- جعل القطاع الخاص الملاذ الأول لتوظيف المواطنين.- توزيع أراض في المناطق الصناعية لتوطين الاستثمار الصناعي وجذب الاستثمار الأجنبي.- تحرير القطاعات الإنتاجية وتعزيز المنافسة لخفض الأسعار ورفع الجودة وزيادة العرض.- رفع نسب الاكتفاء الذاتي في قطاعي الزراعة والصناعة.وأخيرا الإصلاح المالي الذي ينقسم الى الفترات الزمنية الثلاث:التنفيذ الفوري (أقل من سنة)
- إقرار قانون للدين العام.- إعادة تسعير أملاك الدولة ورسوم الأراضي الصناعية والفضاء.- تقليص المشتريات والمناقصات العامة غير الضرورية.- تجميد (مؤقت) للزيادات في الرواتب والأعمال الممتازة.- وقف المخصصات غير الأساسية للمسؤولين.- رفع القيمة الإيجارية لأملاك الدولة بشكل تدريجي.- وضع سقف لحجم الإنفاق الحكومي يتناسب مع الإيرادات.- تبني ميزانية متوسطة الأجل تتوافق مع خطة التنمية.- تضمين إيرادات الصناديق السيادية في الميزانية العامة.- إعادة النظر في طرق التحاسب مع مؤسسة البترول.- وقف الهدر في الإنفاق العام ورفع كفاءته وترشيد بنود الاستشارات للجهات للاعتماد على الذات.المدى المتوسط (1 – 3 سنوات)
- تعديل قانون وقواعد إعداد الميزانية العامة.- تبني مبادئ حديثة في الإدارة المالية (PFM).- إجراء تقييم لكفاءة الانفاق الحكومي (PER).- تبني طرق حديثة في المشتريات والمناقصات العامة.- تطوير نظم وسياسات إدارة أملاك الدولة.- ربط الرسوم العامة بتكلفة إنتاجها ومدى الاستفادة منها.- ترشيد الدعم وتوجيهه نحو المستحقين. - وضع الإطار العام لنظام ضريبي شامل.- إعادة تنظيم وزارة المالية وتحويلها إلى مدير مالي (CFO).المدى الطويل (أكثر من 3 سنوات)
- إلغاء تدريجي للدعم وتحرير أسعار الوقود والكهرباء والماء (توفيره للمستحقين فقط).- تطبيق تدريجي لنظام ضريبي شامل (بشرط توفير بيئة تشريعية وإدارية وفنية) وإعفاء محدودي الدخل.- تحقيق استدامة المالية العامة بضبط النمو في العجز.- تطبيق ميزانية الخطط والبرامج.- تقييم أداء الشركات العامة التي تمثل عبئا ماليا وإداريا على الدولة، واتخاذ قرار بخصخصتها أو إعادة تأهيلها.- رفع السن التقاعدي.وقالت الجمعية إن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لا يمكن أن يكون بمعزل عن الاصلاحات الاجتماعية الأخرى، كتحسين التعليم والصحة والبنية التحتية، وهذا كذلك يسهل الانتقال السلس بين مراحل الإصلاح الشامل في الاقتصاد، والدور المجتمعي مهم جدا في عملية الإصلاح الاقتصادي، لذا لابد أن يدرك المجتمع أبعاد وأسباب وأهداف أي سياسة إصلاحية قبل تطبيقها، لذلك فإن القيام بأي قرارات إصلاحية غير شعبوية تحتاج إلى أن تتم توعية الناس بها وبأهميتها وأبعادها وذلك قبل اتخاذ القرار بها.وشددت على أن تبني رؤية الدولة "كويت 2035" يفترض أن تكون الأساس نحو التغيير، ضمن المعطيات والتغيرات العالمية والمحلية، لذا فإن الحاجة تكمن من خلال توفير المبادرات القيادية التي تحول الرؤية إلى برامج إصلاحية على أرض الواقع، والأخذ بالاعتبار المعطيات العالمية الأخيرة وسرعة الانتقال التكنولوجي، فهناك حاجة لوضع استراتيجية وطنية متكاملة للابتكار تنسجم مع رؤية "الكويت الجديدة" لتحقيق "الكويت الذكية" عام 2035، من خلال تبن شامل للسياسة العلمية والتكنولوجية والابتكارية باعتبارها الممكن الرئيسي للانتقال إلى "الكويت الذكية"، وكذلك تحسين إنتاج الإحصاءات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار للتمكين من تطوير الإحصاءات القائمة على الأدلة، والتي تدعم السياسات التي يحتاجها متخذ القرار، وإعادة النظر في السياسة التعليمية ومدى تأثيرها على سوق العمل.