«لا مساس بجيب المواطن»، هذا المصطلح شاع استخدامه من كثير من النواب، حيث يرفعونه في وجه الحكومة عندما تفكر بزيادة الرسوم أو فرض ضرائب لتغطية العجز الذي سيواجه الميزانية، محتجين على ذلك أن الكويت دولة غنية وليست بحاجة إلى إرهاق المواطن. ويطالبون الحكومة أن تهتم بتنويع مصادر الدخل، وليعلم النواب أن دول أوروبا وأميركا أغنى من الكويت مئات المرات وتشكل الضرائب والرسوم صلب ميزانيتها، أما بالنسبة إلى تنوع مصادر الدخل فمن المعروف أن الصناعة والزراعة والسياحة هي من أهم مصادر الدخل للدول، ونصيب الكويت من هذه المصادر ضئيل إن لم يكن معدوماً. ولما طرح مشروع مدينة الحرير، على أساس أنه مشروع استثماري مدروس، سيساهم في تحويل الكويت إلى مركز مالي تجاري عالمي ويساعد في تنويع مصادر الدخل، عارضه البعض على اعتبار أنه سيؤدي إلى ظهور ظواهر سلبية تؤثر سلبا على القيم والأخلاق الموروثة خاصة المستمدة من الدين، وما زال هذا المشروع القيم مشروعا معطلا، ومن الواضح أن الدولة اليوم تواجه عجزا حقيقيا في الميزانية، لأن المصروفات أصبحت أعلى من الإيرادات، والسبب الرئيس في ارتفاع المصروفات زيادة الرواتب والأجور والدعوم التي تقدم للمواطنين، وكانت تلك الزيادة تتم بصورة عشوائية وغير مدروسة، حتى أصبحت تلتهم أكثر من ربع الميزانية، وكان النواب بما يقدمونه من مقترحات هم من ساهم في رفع الأجور لتحقيق مكاسب انتخابية دون مراعاة لمصالح الدولة. المهم الآن كيف سنواجه هذا العجز والنواب يرفضون مساس جيب المواطن؟ والدين ممنوع، وصندوق الأجيال خط أحمر؟
يدعي بعض النواب أن العجز غير حقيقي واقتصادنا قوي ومتين، ولكن الحكومة من وجهة نظرهم تدعي العجز للتهرب من مطالب النواب المحقة، كإسقاط القروض التي قد تكلف الدولة أكثر من مليار دينار، ولا شك أن الدولة تواجه أزمة حقيقية ولن تستطيع الخروج منها إلا بوجود حكومة قوية حازمة قادرة على المواجهة والتصدي، كما يصف الدستور مجلس الوزراء بأنه الجهة المهيمنة والمسيطرة على الدولة، ولن تستطيع على ذلك إلا بوجود وزراء قادرين على اتخاذ القرارات المدروسة، التي تحتاجها الدولة لمعالجة مشكلاتها، وقادرين على الدفاع عن تلك القرارات وتنفيذها، ويجب أن يظهر الوزير المختص ويعلن في مؤتمر صحافي ويوضح سبب الأزمة ورأيه في علاجها بدلاً من أن تستقي الجماهير رأيها من الإشاعات التي تبث على وسائل التواصل الاجتماعي. علينا أن نعلم أن على شعب الكويت أن يتحمل مسؤولياته وواجباته تجاه وطنه كسائر شعوب العالم، وإذا كانت الدولة بحاجة لفرض ضرائب، فعلينا تقبل ذلك برحابة صدر، لأن هذه الأموال سيرتد نفعها على المواطن نفسه، لأنها ستنفق على التعليم والصحة والأمن والدفاع وإصلاح الطرق.
مقالات
لا مساس بجيب المواطن
03-03-2021