«الوزاري العربي» يجدد لأبوالغيط ومفاوضات ثنائية بين مصر وقطر
• تباين حول سورية
• بن عبدالرحمن يشيد بوساطة الكويت ويجدد الالتزام بـ «بيان العلا»
في مشهد كرّس الترتيبات العربية القائمة على "بيان العلا" الموقع مطلع العام الحالي، وأنهى المقاطعة العربية المصرية لدولة قطر، عقد وزير الخارجية المصري سامح شكري جلسة مباحثات مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في القاهرة، أمس، ، في أول زيارة رسمية لمسؤول قطري رفيع المستوى للقاهرة منذ عام 2017.وشارك وزير الخارجية القطري، في اجتماعات الدورة الـ 155 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في القاهرة أمس، وهي أول مشاركة للوزير القطري في اجتماعات العرب منذ 2017، إذ عادة ما كان يتم الاكتفاء بمشاركة المندوب القطري الدائم في اجتماعات جامعة الدول العربية، خلال الأعوام الماضية.وجلس بن عبدالرحمن على المنصة الرئيسية للجامعة العربية بجوار نظيره المصري سامح شكري، إذ سلم الأخير الرئاسة الدورية من مصر إلى قطر، وبدت الأجواء ودية بين رأسي الدبلوماسية في البلدين، في مشهد كرس طي صفحة المقاطعة العربية المصرية ضد قطر والتي استمرت نحو ثلاثة أعوام ونصف العام، وخلال هذه الفترة لم يزر بن عبدالرحمن مصر.
وكان بن عبدالرحمن حريصاً في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات جامعة العرب، على توجيه الشكر إلى مصر على جهودها خلال قيادة الدورة الماضية لمجلس جامعة الدول العربية، وثمن "بيان العلا" الصادر عن القمة الخليجية الأخيرة، الذي أنهى الأزمة الخليجية التي استمرت ثلاث سنوات، داعياً لمضاعفة العمل العربي المشترك، وسط التهديدات الجسيمة التي تواجه العالم العربي.بدوره، هنأ شكري دولة قطر "الشقيقة" على تولى رئاسة الدورة الحالية لمجلس الجامعة، قبل أن يركز في كلمته على القضية الفلسطينية، مستعرضاً الجهود المصرية في هذا الصدد.وأعرب عن ترحيب القاهرة بقرار السلطة الفلسطينية إجراء الانتخابات في العام الحالي، كما أشار إلى الجهود المصرية لإعادة الأمن والسلام إلى ليبيا، مشيداً بالخطوات الأخيرة التي انتهت باختيار رئيس الوزراء الجديدة ورئيس المجلس الرئاسي.وكشف شكري أن الاجتماع الوزاري الثاني للجنة العربية المعنية بمتابعة التدخلات التركية الذي عقد صباح أمس، أكد الرفض القاطع لاستمرار التدخلات التركية في المنطقة، والتي تنطوي على وجود قوات عسكرية تركية على أراضي دول عربية شقيقة، ولا شك أن هذه السياسات لم تؤدّ سوى إلى تعميق حدة الاستقطاب وإذكاء الخلافات.وعرج وزير الخارجية المصري للحديث عن الأزمة السورية قائلاً، إن "الشعب السوري وحده هو من يدفع الثمن بلا أي أفق يحمل على التفاؤل في المستقبل القريب"، وأشار إلى إمكانية عودة سورية إلى الحاضنة العربية كدولة فاعلة ومستقرة كأمر حيوي لصيانة الأمن القومي العربي، لكن شريطة أن "تظهر سورية بشكل عملي إرادة للتوجه نحو الحل السياسي المؤسس على قرارات مجلس الأمن"، داعياً لأن يمضي الحل السياسي بالتوازي مع إخراج جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية، وفي مقدمتها الاحتلال التركي. وتحول الملف السوري إلى نقطة محل تباين بين وزراء الخارجية، ما ظهر بوضوح في بعض كلماتهم فضلاً عن الفشل في إعادة مقعد سورية المعلق على الرغم من تبني عدة دول لمثل هذا التوجه، إذ دعا الأمين العام أحمد أبوالغيط في كلمته، لخلق مسار فعال وذي مصداقية للحل السياسي في سورية، وشدد على ضرورة ألا يكون العرب بعيدين عن هذا الحل، في ظل عروبة سورية التي لا يمكن لأحد أن ينزعها عنها، بينما قال وزير الخارجية القطري إنه يجب محاسبة جميع المسؤولين عن الجرائم في سورية وتقديمهم للعدالة الدولية.وأشاد وزير الخارجية القطري بجهود الوساطة الكويتية، التي بذلها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد، واستكملها سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد لإنهاء الأزمة الخليجية. وجدد في هذا السياق، إشادة قطر بـ «بيان العلا» الصادر عن القمة الخليجية الاخيرة التي عقدت بالسعودية، والذي أنهى الأزمة.وشدد على ان انتهاء هذه الأزمة «سينعكس ايجابا على تعزيز العلاقات الخليجية والعربية، وترسيخ الاستقرار بالمنطقة»، معربا عن امله استلهام العبرة من هذه الأزمة «لتكون محفزا لمزيد من التعاون والتضامن لتحقيق مستقبل أفضل للعلاقات بين البلدان العربية». كما أعرب عن الشكر لجميع الدول العربية والصديقة التي ساهمت في إنهاء هذه الأزمة.وبدأ وزراء الخارجية العرب اجتماعاتهم في القاهرة بالتجديد للأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، فترة جديدة (خمس سنوات)، وجاء قرار الموافقة على طلب مصر التجديد لأبوالغيط بالإجماع من وزراء الخارجية العرب خلال الاجتماع التشاوري الذي يسبق الجلسة الافتتاحية، وهو ما سبق وأن انفردت به "الجريدة" في نهاية يناير الماضي، عندما نقلت عن مصادرها بأن "ترشيح أبوالغيط لن تقابله أي مصاعب وسط توافق عربي على التجديد له".وتضمن جدول الأعمال 9 بنود رئيسية، في مقدمتها القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، ويتضمن متابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية، كما يتناول البند الثالث الأمن القومي العربي، ومناقشة الأوضاع في ليبيا وسورية، والتضامن مع لبنان، ودعم السلام في السودان، والانتهاكات التركية والإيرانية لسيادة بعض الدول العربية، وهما البندان اللذان استحوذا على اهتمام وزراء الخارجية العرب خلال مناقشات أمس. وزراء الخارجية بدأوا جلساتهم باجتماع تشاوري مغلق، قبيل انطلاق الدورة الـ 155 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، ومناقشة إعادة انتخاب أبو الغيط، فضلاً عن إعداد مشروع جدول أعمال القمة العربية العادية المقبلة في دورتها الـ 31، المقرر عقدها في الجزائر إلى جانب عدد من قضايا العمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وحقوق الإنسان والشؤون المالية والإدارية، وسط مطالب بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للجامعة.وعلى هامش اجتماعات جامعة الدول العربية، عقد وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع نظيره الأردني أيمن الصفدي والفلسطيني رياض المالكي، الاجتماع التشاوري الثلاثي، بمقر وزارة الخارجية المصرية في قصر التحرير بالقاهرة، وناقش الاجتماع عدة قضايا ذات اهتمام مشترك بما فيها أوجه التعاون المستمر، لكن ملف السلام في الشرق الأوسط ومصير القضية الفلسطينية، حاز الجانب الأكبر من المناقشات الثلاثية.المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ، صرح بأن الوزراء الثلاثة أكدوا أهمية البناء على ما شهدته الفترة الماضية من زخم استهدف تحريك ملف عملية السلام على عدة مسارات، وأشادوا بمخرجات الاجتماع الأخير لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية، وما تمخض عنه من قرارات مهمة.وأعرب الوزراء الثلاثة عن تطلعهم لانخراط الأطراف المعنية بفاعلية في ملف عملية السلام، مع ضرورة الاستمرار في العمل خلال الفترة المقبلة من أجل خلق البيئة المؤاتية لمفاوضات جادة وبناءة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بهدف إنهاء الجمود الحالي، والسعي نحو التوصل إلى السلام الشامل والعادل والدائم الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.وشدد الوزراء على ضرورة وقف جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع التأكيد على أن عمليات الاستيطان تقوض من فرص التوصل لحل الدولتين، فضلاً عما تمثله من انتهاك لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، بينما أعرب وزير الخارجية المصري عن دعم القاهرة لكل الخطوات المبذولة من قبل القيادة الفلسطينية لإنجاح الحوار الفلسطيني، والتطلع لأت تسهم الانتخابات المقبلة في إنهاء ملف الانقسام الفلسطيني.