الحكومة عاجزة ومازالت «حكومة محاصصة وجينات»
• التشكيل الجديد المقصود منه الاستدراج لمواجهة تنتهي بحلّه ومجلس الأمة
• الوعي بحقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة غير متوفر لدى من قام بالتشكيل
رأى «الشال» أنه مازال في الوقت متسع لتحقيق الإصلاح الجذري، لكن تحقيقه مستحيل إذا كانت ديمومة الإدارة العامة تتقدم بمراحل على ديمومة البلد، ولن يتغير ذلك؛ ما لم نفصل بين مفهوم الحكم الدائم والمتفق عليه، عن مفهوم الإدارة المؤقتة والمرتبط استمرارها بقدرتها على الإنجاز،
تناول تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إعلان تشكيل الحكومة الجديدة يوم الثلاثاء الماضي، بنسبة تغيير في الأشخاص مقارنة بالحكومة السابقة نحو 27 في المئة، ونسبة التغيير في نهج التشكيل صفر في المئة، "نذكر ذلك رغم أن ضمن من شملهم التشكيل الوزاري الجديد أشخاص أكفاء". ووفق التقرير، ما زالت الحكومة حكومة محاصصة وجينات، ومازالت كل مبررات المواجهة مع مجلس الأمة قائمة، ومازالت عاجزة عن مواجهة متطلبات الجراحة لإصلاح وضع البلد المالي والاقتصادي.ونعتقد أن تشكيل الحكومة يخضع لواحد من احتمالين، الأول: هو أن الوعي بحقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة غير متوفر لدى من قام بتشكيلها، لأن حكومة بهذا التشكيل لا تحتاج إلى كل هذا الوقت وكل تلك المشاورات، ولا إلى تعطيل جلسات مجلس الأمة مدة شهر، والثاني، والأرجح: هو أنه تشكيل مقصود استدراجاً لمواجهة تنتهي بحل الحكومة ومجلس الأمة.
وحقيقة الأوضاع هي أن الوقت من دون علاج للوضع المالي والاقتصادي يقلص وبسرعة من احتمالات نجاح أي سياسات إصلاح مع كل يوم يمر، ومع التشكيل الجديد، واحتمال الاستدراج من أجل المواجهة، سوف تخسر الكويت أشهراً وليس أياماً حتى تشكل إدارة من الممكن أن تتبنى سياسات إصلاح جراحية. وخلال فترة الضياع تلك، قد تتعرض المالية العامة العاجزة والمنهكة لكثير من السياسات الشعبوية، ففي الوقت الذي فيه البلد عاجز عن مواجهة متطلبات الرواتب والأجور، وافقت اللجنة التشريعية في مجلس الأمة على مقترح بإسقاط القروض، وقدم بعض أعضاؤه مقترحاً آخر بزيادة مخصصات فئة من الفئات، وطالب أحدهم بتوزيع ربع العائد على استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية على المتقاعدين في وقت يبلغ العجز الاكتواري لصناديـق المؤسسـة نحو 10 في المئة من قيمة احتياطي الأجيال القادمة. وإن صدق احتمال استدراج مجلس الأمة للمواجهة، واحتمال إجراء انتخابات نيابية جديدة، فسوف تزداد احتمالات تقديم مشروعات لسياسات شعبوية داعمة للوضع الانتخابي لهذا النائب أو ذاك، ومهلكة للمالية العامة. في السياسة، كما في الإدارة عموماً، المسؤولية بقدر السلطة، والحكومة في الكويت هي السلطة المهيمنة التي تملك المال والوظيفة والأمن، وكلها لن تدوم ما لم تملك تلك الحكومة بعد نظر وتعمل على استدامة قدرة البلد على مواجهة كل تلك المتطلبات، والفشل، سوف تدفع ثمنه الأغلبية الساحقة من المواطنين.والشعارات الشعبوية، مثل "جيب المواطن خط أحمر ولن يمس"، لا معنى لها سوى في الزمن القصير، فإن إستمرت الخطايا على ما هي عليه، لن يكون للمواطن جيب لوضع شيء فيه حتى لا يمس. إنها منظومة سياسات إصلاح باتت قسرية وليست اختيارية، ولابد أن تسير متزامنة مع بعضها، تبدأ بمواجهة شاملة للفساد وبقسوة، وتمر بوقف الهدر، ثم مخاطبة المواطن بالأرقام والحقائق، وإبلاغه بأن استدامة الحال من المحال، ولابد من شراكة جماعية في تقبل وتحمل تكاليف الإصلاح من أجل مصلحته ومستقبل أبنائه وأحفاده.مازال في الوقت متسع لتحقيق الإصلاح الجذري، لكن تحقيقه مستحيل إذا كانت ديمومة الإدارة العامة تتقدم بمراحل على ديمومة البلد، ولن يتغير ذلك ما لم نفصل بين مفهوم الحكم الدائم والمتفق عليه، عن مفهوم الإدارة المؤقتة والمرتبط استمرارها بقدرتها على الإنجاز، ويبدو أن البلد بالتشكيل الحالي أضاع فرصة جديدة أخرى وثمينة، وفي وقت حرج.
حكومة بهذا التشكيل لم تكن تحتاج كل هذا الوقت وكل تلك المشاورات ولا إلى تعطيل جلسات مجلس الأمة شهراً