البابا في العراق
أول العمود:السلطات الصحية تتخذ قرارات وتعلنها على الملأ ليلتزم بها الناس، والناس يتساءلون ولا أحد يجيب عن تساؤلاتهم! هل نحتاج إلى صيغة حوار مع المسؤول الصحي بعيداً عن أسلوب الاكتفاء بإعلان القرارات؟ هذه مهمة التلفزيون.***
في العراق ما يقارب 38 مليون نسمة، 95 ٪ منهم مسلمون عرب (شيعة وسنّة) وغير عرب (أكراد) و(تركمان)، والبقية موزاييك من الطوائف المختلفة (الكلدان، الآشوريون، الآيزيديون، الصابئة المندائية) وغيرها.العراق بلد مُمَيّز بتاريخه وتنوع جذور سكانه منذ أزمان سحيقة، ويتربع في موقع جغرافي ضامن للأمن العربي– لو كانت الظروف السياسية الداخلية مختلفة فيه.نقول ذلك على أثر الزيارة التاريخية الأولى التي يقوم بها بابا الفاتيكان هذه الأيام لمناطق عديدة لها جذور دينية مسيحية في العراق، هذا البلد المنكوب، ولعل من الأهمية أن نذكر بأن رغبة البابا في الزيارة جاءت رغم ظروف وباء كورونا الذي اجتاح العالم، وأيضا لإيقاظ العالم المتحضر من سباته لما يجري من مآس وتدخلات سياسية فجة قضت على الحجر والبشر لسنوات.زيارة البابا رمزية، تجعلنا نلتقط أنفاسنا لنتوقف قليلاً وننظر إلى مآسي المسيحيين الذين فتك بهم تنظيم "داعش"، وإلى الفساد الذي انتشر في مؤسسات الحكم والإدارة ودفع المواطن العراقي ولا يزال الثمن غالياً وبشكل يومي. هي زيارة ليلتفت السياسيون إلى بشاعة أفعالهم وجنون السلطة الذي بات يقتل ويسرق كل شيء من العراقي البسيط: أمنه وماله وكهرباءه والقائمة تطول.حج البابا للعراق، كما أسماه، سيطول مناطق وجود المسيحيين الذين تناقص عددهم مع مرور الوقت، كانوا مليوناً ونصف المليون منذ 2003 واليوم وصل إلى 300 ألف نسمة في تقدير متفائل! لكن الفهم العام والمغزى من هذا الحج هو لفت نظر العالم وتغيير مسار أجندته ليكون أكثر رأفة بالعراق الذي ينتحر يومياً بلا نحيب!المسيحيون العرب ينتمون إلى قوميتهم قبل انتمائهم إلى ديانتهم، والمسلمون العرب أيضاً كانوا ولا يزالون منتمين إلى عروبتهم قبل إسلامهم، وهذا هو جوهر ما يرمي له بابا الفاتيكان، وهو ربط الإنسان بأرض العراق الجامعة لكل الطوائف ونبذ التمييز بينهم ووقف التدخلات الخارجية في شؤونه ليكون سفير سلام في منطقة ملتهبة.مهمة هذه الزيارة برمزيتها وعفويتها، هي فرصة لوضع (القتل) في مكانه (غير الاعتيادي) الذي يريد البعض أن يجعله "طقس يوم عادي"!سؤال افتراضي: ما تأثير زيارة لشيخ الأزهر لإخواننا المسيحيين بعد تنكيل "داعش" بهم؟