تقليد الرومي «العدل» تفعيل للمسؤوليات الدستورية المهمة لهذا المنصب
وهو منصب لا تقتصر مسسؤولياته على تقديم الخدمات القضائية للمتقاضين وإدارة أقلام الكتاب بالمحاكم وإدارة الخبراء وغيرها من أجهزة أعوان القضاة، بل تجاوز أعباء هذا المنصب ومسؤولياته الدستورية هذه الأمور التي تتطلبها إدارة المرفق العام للمحاكم بوجه عام، إلى مسؤوليات أكبر بحكم أن وزارة العدل، هي إحدى وزارات السيادة في الدولة في الفكر السياسي والدستوري، لارتباطها بالسلطتين التشريعية والقضائية، ارتباط لزوم من ناحية، ولأن التشريع والقضاء مظهران من مظاهر سيادة الدولة، وقد أصبحت ولاية القضاء الوطني في كل دول العالم على المحك مع التدخل الإنساني الدولي لحماية حقوق الإنسان.ومن هنا لقي اختيار السيد عبدالله الرومي نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق ارتياحاً بل ترحيباً كبيراً من كل القوى السياسية ومن كافة فئات الشعب بألوانه وأطيافه المختلفة، بل جاوز صداه الكويت إلى العالم العربي حتى أن بعض القنوات الفضائية العربية، في نشرات أخبارها اقتصرت على هذا الاختيار، وهي تشير إلى التعديل الوزاري.ولا يختلف أحد في قدر هذا الرجل ونزاهته طيلة عمله البرلماني، وطيلة حياته المهنية، فكلف أيضا بأن يكون وزيرا للنزاهة، فضلا عن مشواره الطويل في التشريع والقضاء وصون نصوص الدستور، ومشواره البرلماني الطويل والدور الكبير الذي أداه في هذا المشوار، مترفعا عن الصغائر، حريصا على ثوابت هذه الأمة ودينها وقيمها التي ورثتها جيلا بعد جيل، وفي هذا السياق سيكون في انتظاره مسؤوليات كبيرة أكثر خطراً وأكبر أثرا من إدارة مرفق المحاكم.
الدور التشريعي لوزارة العدلباعتبار أن الأمير شريك أصيل في السلطة التشريعية فيما تنص عليه المادة (52) من الدستور من أن "السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقا للدستور"، ووفقا للمادة (55) من الدستور "يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه"، ويدخل في الدور التشريعي لوزير العدل الذي يتولاه باعتباره من صلاحيات الأمير الدستورية صون الدستور، والتوفيق بين المبدأ الديمقراطي الذي يقرر أن السيادة للأمة، مصدر السلطات جميعاً، وأن البرلمان هو الذي يمثل الأمة صاحبة السيادة، وبين مبدأ الدولة القانونية الذي يوجب خضوع الدولة للقانون، وأن الحاكم يخضع للقانون الذي يسنه إلى أن يعدله، كما يخضع للدستور وهو أسمى من القانون.ومن هنا فإن القول بالتناقض بين المبدأ الديمقراطي وبين مبدأ الدولة القانونية الذي يقوم على سيادة الدستور لم يعد مقبولاً لأنه ليس من المقبول أن تكون الدولة الديمقراطية دولة غير قانونية، أو دولة لا تحترم سلطاتها التي نشأت هذه السلطات من رحمه والذي تدين جميع السلطات له بأصل وجودها.وألا يقتصر هذا الدور على مشروعات القوانين التي تقدمها الحكومة، بل يمتد إلى الاقتراحات بالقوانين التي يقدمها الأعضاء، فعلى قسم التشريع بالوزارة أن يتابع هذه الاقتراحات، وأن ينبه الوزير إلى ما قد يعلق بها من شبهات عدم الدستورية. وزير العدل ضامن لاستقلال القضاءما يمارسه الوزير من صلاحيات الأمير الدستورية بموجب المادة (53) من الدستور التي تنص على أن "السلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير"، ضامن لاستقلال لقضاء، فصدور الأحكام القضائية باسم الأمير له دلالة قاطعة على أن رئيس الدولة يعتبر ضامنا لاستقلال القضاء مثلما ينص الدستور الفرنسي على أن "رئيس الجمهورية يضمن استقلال القضاء". وصدور الأحكام باسم الأمير معناه أكبر كثيراً من الألفاظ التي صيغ بها النص، باعتبار ذلك بوصفها ضماناً جوهرياً لتنفيذ الأحكام القضائية من قبل الموظفين المختصين، واعتبار امتناعهم عن إعمال مقتضاها، أو تعطيل تنفيذها جريمة معاقبا عليها قانوناً، وبحسبان أن السلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء والوزراء، وفقا لأحكام المادة (52) من الدستور، وذلك أن من عناصر استقلال القضاء وحماية العدالة واحترام مبدأ سيادة القانون والدولة القانونية، احترام أحكام القضاء، فلا يجوز وقف تنفيذها أو الامتناع عن تنفيذها أو تعديلها إلا من خلال الإجراءات التي وضعها القانون للطعن عليها من خلال درجات التقاضي المختلفة.وإن وزارة العدل فيما تمارسه من صلاحيات في تنفيذ أحكام القضاء، وإزالة العقبات الإدارية التي تحول دون تنفيذها، إنما تمارس دورا يفرضه عليها الدستور، لصدور هذه الأحكام باسم الأمير، مذيلة بالصيغة التنفيذية، إعمالا لدور وزير العدل فيما يمارس من صلاحيات الأمير الدستورية، كضامن لاستقلال القضاء.وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.