وصل الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض وهو مُصمّم على إخماد الحروب الأميركية في أفغانستان والعراق والتركيز على التصدي لنمو النفوذ الصيني المتسارع، لكنه لم ينجح في سحب الولايات المتحدة من تلك الحروب بالقدر الذي أراده وعاد وتورط في صراعات جديدة ضد تنظيم "داعش". تعرّضت محاولاته تحويل التركيز الأميركي الاستراتيجي نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ للانتقاد باعتبارها غير متماسكة وعشوائية، مع أن عدداً كبيراً من البرامج الدفاعية الأساسية والمبادرات الدبلوماسية الراهنة يشتق من تلك الجهود.تعمل إدارة بايدن اليوم على إتمام تلك العملية الانتقالية وإبعاد الولايات المتحدة عن "الحروب اللامتناهية" وزيادة التركيز على الصين ومنطقة المحيط الهادئ.
صرّح مستشار دفاعي مقرّب من الرئيس جو بايدن لموقع "بوليتيكو" بأن الإدارة الأميركية الجديدة تحاول الابتعاد عن الشرق الأوسط الذي شكّل محور الانشغالات الأميركية طوال عشرين سنة: "إذا أردنا تحديد المناطق التي يعطيها بايدن الأولوية، لن يُذكَر الشرق الأوسط ضمن المراكز الثلاثة الأولى، فهو سيُركّز أولاً على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ثم أوروبا، ثم نصف الأرض الغربي".كذلك، تتجه إدارة بايدن سريعاً إلى المصادقة على سياسة الشرق الأوسط بطرق أخرى، حيث تشهد العلاقات مع السعودية شكلاً من إعادة الهيكلة، لا سيما بعد تواصل تواصل ولي العهد، وهو وزير الدفاع السعودي أيضاً، مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن. اعتبر بايدن الصين "أخطر" منافِسة للولايات المتحدة، وقد عبّر مستشار الأمن القومي جايك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن عن التوجه نفسه، لكن يجد البنتاغون صعوبة فائقة في الانسحاب من الشرق الأوسط. تُعتبر القوات البحرية الأميركية انعكاساً رمزياً لقدرة واشنطن على التصدي للصين ومحوراً للعمليات الأميركية، لكن تتحكم متطلبات الوضع في الشرق الأوسط بهذا الأسطول حتى الآن. التزمت حاملات الطائرات الأميركية بجدول مزدحم، فاستنزفت قدرات السفن والطواقم البشرية للحفاظ على الوجود الأميركي في الخليج العربي، إلى جانب حاملة طائرات متمركزة بشكلٍ دائم في اليابان، يتألف معظم الوجود البحري الأميركي في المحيطَين الهندي والهادئ من سفن متّجهة إلى الشرق الأوسط أو عائدة منه، مع أن عدداً متزايداً من عمليات الانتشار العسكري بدأ يُركّز اليوم على منطقة المحيطَين الهندي والهادئ.دعا مشرّعون بارزون إلى تحويل موارد ميزانية الدفاع من الجيش إلى قدرات جديدة ومتقدمة في القوات البحرية وسلاح الجو. تُعتبر هذه الفروع أكثر أهمية لمواجهة الإكراه الصيني والتصدي للقدرات الصينية المتطورة والأساطيل الضخمة التي يملكها جيش التحرير الشعبي وكانت قد تفوقت في السنة الماضية على القوات البحرية الأميركية كأكبر أسطول في العالم. في ظل انتشار التوقعات حول بقاء الميزانية العامة على حالها أو حتى انكماشها في مرحلة معينة، سيكون تجريد بعض الخدمات من الموارد الطريقة الوحيدة لتمويل أسطول أكبر حجماً أو قاذفات جديدة في السلاح الجوي، لكن تبقى أي تخفيضات كبرى في ميزانية الجيش صعبة التنفيذ من الناحية السياسية، مما يجعل احتمال توسيع أساطيل السفن والطائرات لمجابهة الصين هدفاً غير مؤكد.
مقالات
منطقة آسيا والمحيط الهادئ على رأس أولويات بايدن الأمنية
09-03-2021