بريطانيا والكويت... الشراكة الوثيقة
يُقال إن الدبلوماسيين معتادون على السفر والتنقل، لكن في واقع الأمر فإن التنقل لم يكن أمرا سهلا بالنسبة لي، خصوصاً عندما أغادر بلدا جميلا ورائعا مثل الكويت، لمناسبة انتهاء مهامي فيها. لقد كنت أنا وزوجتي لافينيا محظوظين، لأننا بقينا في الكويت 6 أشهر إضافية، مما منحنا فرصة الاستمتاع بشتاء الكويت المعتدل والجميل، وقد تعرّفنا إلى أصدقاء رائعين في الكويت، حيث نتطلع قدما للبقاء على تواصل معهم.ورغم أنني زرت الكويت لفترة قصيرة بعد سنتين من حرب الخليج الأولى، فإن تجربة العيش والعمل هنا كانت مختلفة تماماً، وفقط عندما أقمت بالكويت فترة طويلة، أصبحت أدرك عمق واتساع العلاقات بين بريطانيا والكويت، لدرجة أنه بالنسبة للعديد من الكويتيين، فإن بريطانيا بشكل عام ولندن بشكل خاص تعتبر بلدهم الثاني.
لقد أخبرني وكيل وزارة الخارجية البريطانية، قبل ذهابي إلى الكويت في مستهل فترة عملي سفيرا فيها، أن العلاقات البريطانية ـــ الكويتية متميزة جداً، وأضاف أن مهمتي هي تعزيز تلك العلاقات، وعندما وصلت الى الكويت أخبرني سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد أن العلاقات بين بلدينا هي أكثر من متميزة، بل هي علاقات فريدة واستثنائية، وهذا يعود، الى حد كبير، الى الصداقة بين الأسرة الحاكمة في الكويت والأسرة المالكة في بريطانيا.وعليه، فلقد كان من دواعي سروري وعظيم امتناني أن أرحب بصاحب السمو الملكي الأمير ويليام خلال زيارته للكويت في أواخر سنة 2019، وأخيرا الترحيب بوالده صاحب السمو الملكي الأمير تشارلز عندما زار الكويت في أكتوبر الماضي لتقديم التعازي لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد بوفاة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد. لقد احتفلت بريطانيا والكويت سنة 2019 معا بالذكرى الـ 120 لمعاهدة الصداقة بين البلدين الموقّعة سنة 1899، وقد تكرّم سمو رئيس الوزراء باستضافة حفل بهذه المناسبة، حيث شاهدنا بفخر واعتزاز أبراج الكويت وهي تكتسي بالعلمين الكويتي والبريطاني، وفي وقت لاحق من ذلك العام، قام الشيخ محمد العبدالله الصباح بحضور الاحتفالات في لندن بتلك المناسبة، التي استضافها عمدة الحي المالي في لندن، كما قام الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد بزيارة لندن للتوقيع على اتفاقيات جديدة من أجل تعزيز التعاون الدفاعي الثنائي، الذي يعتبر حجر الأساس في تلك العلاقات. وفي سنة 2020، فوجئنا بجائحة "كوفيد 19"، حيث أتوجه بالتحية والتقدير للكوادر الصحية في الصفوف الأمامية بالكويت على تضحياتهم من أجل سلامتنا، كما أتذكر بمشاعر من الحزن الأطباء والممرضين الذين فقدوا حياتهم من أجل التصدي لهذه الجائحة.إن العديد من الشباب الكويتيين الذين تحدثت إليهم خلال السنوات القليلة الماضية متحمسون جدا للتصدي للتغير المناخي ونظافة البيئة، وعليه فإنني آمل ان تدعم الكويت الأهداف الطموحة لقمة غلاسكو للمناخ في نوفمبر، والتي تهدف الى الحد من ارتفاع درجات الحرارة، الذي يهدد جميع أشكال الحياة على كوكبنا.وأنا أستعد لمغادرة الكويت، بعد سلسلة طويلة من السفراء، تمتد الى سنة 1904، أشعر بالثقة أن العلاقات الوثيقة والمتميزة بين بلدينا ستستمر، وحتى خلال فترة الجائحة، فإن المزيد من الطلبة الكويتيين يدرسون في الجامعات البريطانية أكثر من أي وقت مضى، كما يوجد تعاون بين بلدينا في التصدي للتهديد السيبراني بشكل أكثر فعالية، إضافة الى تعزيز التعاون العلمي من أجل التحقق من وجود مستقبل مستدام للأجيال القادمة. لقد تمكنّا خلال السنوات القليلة الماضية من إيجاد فرص جديدة، ومعا وضعنا الأسس لشراكة وثيقة ستستمر سنوات عدة قادمة.* السفير البريطاني لدى الكويت