لبنان: الجيش يزيل الحواجز... ورجال الدين يرفعون الصوت

تحذيرات أمنية تدفع شخصيات سياسية لاتخاذ إجراءات وقائية... وصهر عون يتخوّف من «اغتيال كبير»

نشر في 11-03-2021
آخر تحديث 11-03-2021 | 00:04
عناصر من الجيش اللبناني تفتح طريقاً في جنوب بيروت أغلقه محتجّون أمس (أ ف ب)
عناصر من الجيش اللبناني تفتح طريقاً في جنوب بيروت أغلقه محتجّون أمس (أ ف ب)
واصل الجيش اللبناني عملية فتح الطرقات وإزالة الحواجز منها بعد أيام من إقفالها من مواطنين يحتجون على الانهيار الاقتصادي والجمود السياسي، مما دفع بمواقع دينية رفيعة المستوى إلى إطلاق «صرخة وجع» وتحذيرها المسؤولين من الاستمرار في الوضع كما هو عليه.
بعدما أثبتت أحداث الأيام الأخيرة أنه «لم يعد هناك طريق ثالث أمام لبنان، وإنما طريقان هما: إما الذهاب إلى الفوضى العارمة والجوع، أو بدء المعالجة على أساس نظرة وطنية وليس سياسية ضيقة».

وبعدما خطف الكلام النوعيّ وغير المسبوق لقائد الجيش العماد جوزف عون، الأضواء عن موقف رئيس الجمهورية ميشال عون المثير للجدل، حول أنّ التحركات الشعبية الرافضة لـ«جنون الدولار» تعبّر عن «عمل تخريبي منظّم»، والذي شكّل مدخلًا لمطالبة الجيش وسائر الأجهزة الأمنية، بمنع قطع الطرقات «مهما كان الثمن»، أكمل أمس، الجيش إزالة حواجز الطرق بعدما أحرق المحتجون إطارات سيارات على مدى أسبوع لإغلاق الطرق في أرجاء البلاد وسط موجة غضب من الانهيار الاقتصادي والجمود السياسي.

وقال الجيش في بيان: «نتيجة الحوادث المأساوية والتجاوزات التي حصلت، وحفاظاً على سلامة المواطنين، باشرت وحدات الجيش صباح اليوم (أمس) فتح الطرقات المغلقة».

وكان رئيس الجمهورية طلب من الجيش وقوات الأمن إزالة الحواجز بعد اجتماعه مع كبار المسؤولين.

وتسببت الأزمة المالية في لبنان التي اندلعت في أواخر 2019 في فقدان الكثيرين لوظائفهم وعجز الناس عن السحب من ودائعهم المصرفية ووقوع كثيرين في براثن الفقر والجوع.

وتقوم مجموعات من المحتجين بإحراق الإطارات يومياً لإغلاق الطرق منذ أن هوت العملة اللبنانية إلى مستوى جديد الأسبوع الماضي مما فاقم الغضب الشعبي من الانهيار المالي.

وتوفي 3 في حوادث بسبب حواجز الطرق يوم الاثنين منهم شابان توفيا لدى اصطدام سيارتهما بشاحنة كانت متوقفة بعرض الطريق لإغلاقه.

ودفع الحادث البطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى التحذير من وضع حواجز على الطرق.

المطارنة الكاثوليك

وبينما نفى «حزب القوات اللبنانية»، جملة وتفصيلاً اتهامات وسائل الإعلام ومواقع تواصل اجتماعي تابعة لــ«حزب الله​» ولـ​«التيار الوطني الحر»​، بتحميلها مسؤوليّة ​قطع الطرقات​ وتعقيد حياة اللبنانيّين»، شدّد «مطارنة ​الروم الملكيين الكاثوليك​»، على ضرورة «التدخل فوراً للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار ودعم كل مبادرة تكشف من هم وراء هذا التلاعب».

ولفت «المطارنة» خلال اجتماعهم الدوري​، أمس، إلى أن «حالة الوطن والمواطن تتأزم بسبب الأطماع الحاصلة، والأمر لم يعد يحتمل»، معتبراً أن «الوطن في خطر، وعندما يكون كذلك فهو بحاجة إلى منقذين يتحلّون بالجدية والتضحية، وليس لأناس همهم الوحيد تلبية طموحاتهم».

كما أكد أنه «على المسؤولين النظر بروح المسؤولية لما آلت إليه أحوال الشعب، الذين هم مسؤولون عنه»، مشدداً على ضرورة «تحييد ​لبنان​ عن الصراعات الإقليمية».

ودعا إلى «الإسراع في تأليف الحكومة، وإلى تخطي العقبات التي تحول دون ذلك، وحملوا المعرقلين مسؤولية الفراغ الحاصل، لاسيما أن أسباب التعطيل فئوية ومذهبية وبعيدة كل البُعد عن مصالح الوطن والمواطنين».

دريان

صرخة وجع الناس التي أطلقها «المطارنة»، ردّدها بدوره مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان الذي قال في رسالة وجّهها لمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج: «أيها المسؤولون الذين لا يأبهون لمسؤولياتهم التي من المفروض أنهم تصدوا لها، وحصلوا على مناصبهم بحجج أداء مقتضياتها، لماذا يفتقد الناس المعذبون كل ثقة بكم، ولماذا وبسبب اليأس منكم يلجأ العقلاء لالتماس الحلول الإنقاذية من الخارج القريب والبعيد؟ أوليس من البديهيات أن تكون لدينا حكومة مسؤولية، كما في سائر دول العالم.

نحن نعرف والعالم يعرف الحكومات المستبدة، لكن العالم كله لا يعرف الحكومات الغائبة.

لقد صُمّت آذانكم ولم تسمعوا صرخات الشباب في الشارع من اليأس والغضب، فما حركت لديكم هذه الصرخة المدوية أي دافع وطني أو إنساني. وهكذا فإنكم لا تعرضون حلولا، ولا تكتفون بذلك، بل إنكم تمنعون الحلول بالقوة. ثم تزجون بالقوى العسكرية والأمنية لإخراج الغاضبين من الشارع! يا جماعة، اسمحوا بتشكيل حكومة تتصدى للمسؤوليات الهائلة والمتراكمة، ثم راقبوها وحاسبوها، أما الحال الحاضر فلا يقبل به ولا يفهمه أحد بالداخل أو بالخارج، وبصراحة وبدون مواربة: إما حكومة بالأمس قبل الغد، أو لن يبقى لبناني في بيته، والجميع سيكونون في الشارع».

وركّز على أنّ «لبنان بات يتأرجح ما بين الحياة والموت، وهو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، فماذا يا أولي الأمر أنتم فاعلون؟».

وذكرت «رويترز» في تقرير، أن مشاعر الاستياء في صفوف قوات الأمن اللبنانية تتنامى بعد أن تآكلت قيمة رواتبهم بفعل انهيار العملة، في وقت تتصاعد فيه الاضطرابات وتتفشي الجريمة.

وانهارت الليرة وفقدت 85 في المئة من قيمتها منذ أواخر 2019، تحت وطأة أزمة مالية تمثل أكبر تهديد للاستقرار.

وتدنت قيمة الراتب الأساسي الشهري للجندي أو رجل الشرطة، من 800 دولار، لأقل من 120 دولاراً في الوقت الراهن.

ودفعت تخفيضات الميزانية الجيش إلى استبعاد اللحوم من قائمة وجباته في العام الماضي.

وتبرعت السفارة الفرنسية الشهر الماضي بعبوات غذائية للجيش اللبناني الذي يحظى منذ زمن طويل بدعم الدول الغربية.

ويحذر بعض المسؤولين من أن قوات الأمن ستجد صعوبة في احتواء الاضطرابات.

ونفى الجيش وقائده ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال تقارير وسائل الإعلام المحلية في الآونة الأخيرة عن أن الصعوبات الاقتصادية دفعت جنوداً إلى الهرب من الخدمة.

لكن ثلاثة مصادر أمنية قالت لـ«رويترز» إن تصاعد الضغوط على العسكريين من الرتب الدنيا يثير بالفعل المخاوف من فرار الجنود.

إجراءات وقائية

في غضون ذلك، أفاد موقع «ليبانون 24»، أمس، بأن «شخصيات سياسية بدأت اتخاذ اجراءات احترازية ووقائية في تنقلاتها وفي محيط مقار إقامتها بعد تحذيرات تلقتها من مخاوف أمنية في المرحلة المقبلة، في ضوء الأفق المسدود محلياً وإقليمياً».

وفي السياق، عبّر النائب ​شامل روكز، وهو أيضاً صهر رئيس الجمهورية عن تخوفه من «اغتيال كبير».

واعتبر روكز في حديث تلفزيوني، إن «قائد الجيش تأخر بإعلاء الصوت وصرخته صحيحة وليست موضوع ترشّح للرئاسة فوضع الجيش لا يُحتمل، ومعظم حديثه توجه به إلى عسكره المنهك».

تدنّي رواتب الجنود من 800 إلى 120 دولاراً وقلق من فرارهم
back to top