موسكو تفعل مبادرتها وتستقبل وفداً من حزب الله
تستعد روسيا للقيام بمبادرة سياسية في لبنان، على وقع الدور الذي تلعبه في المنطقة، وإلى جانب الزيارة التي يجريها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى دول خليجية. ولن تكون المبادرة الروسية مختلفة عن المواقف الثابتة، من خلال الدعوة إلى الحفاظ على التوازن بين القوى السياسية، وعدم انتصار طرف على آخر، وهي ليست خارجة عن مندرجات المبادرة الفرنسية، ولا تريد أن تكون متعارضة معها أو على حسابها. وبرز الدور الروسي بفعالية في الأيام الماضية تجاه الملف اللبناني، وتحديداً منذ اللقاء الذي عقد بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع نظيره الروسي في موسكو.
في ذلك اللقاء، كان الملف اللبناني من بين الملفات التي جرى بحثها، وكان موقف المسؤولين الإيرانيين واضحاً لجهة إنتاج حكومة متوازنة لا ينكسر فيها أي طرف، مع التشديد على رفض الثلث المعطل.وأبلغت روسيا مسؤولين لبنانيين عبر نائب وزير خارجيتها ميخائيل بوغدانوف، الموقف الإيراني بأن طهران لا تغطي مطالب رئيس الجمهورية ميشال عون في الحصول على الثلث المعطل. وبدأ التعاطي في لبنان على هذا الأساس، وكان موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله برفض الثلث المعطل وتفهمه لمواقف الرئيس المكلف سعد الحريري. وأوفد رئيس الجمهورية ميشال عون مستشاره للشؤون الروسية أمل أبوزيد إلى موسكو، في محاولة لتحسين شروطه، لكنه لم يلق أي تجاوب روسي مع مطالبه، كان موقف موسكو واضحاً، حكومة لا تخلّ بالتوازنات.وسيدخل حزب الله على خط التطورات الروسية، من خلال زيارة سيجريها وفد نيابي برئاسة رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد، وعدد من النواب إلى موسكو، سيلتقي خلالها رئيس مجلس الدوما الروسي، ومسؤولين آخرين في وزارة الخارجية. الهدف هو استمرار البحث في الملف اللبناني، والحرص على التواصل بين الطرفين، انطلاقاً من التنسيق في ملفات متعددة من بينها لبنان. وتؤكد مصادر دبلوماسية روسية أن الموقف الروسي لن يتغير، وسيتم إبلاغ حزب الله بفحواه، وهو الحفاظ على التوازن، أما حزب الله فهو في الأساس مع هذا التوازن، من خلال عملية تشكيل الحكومة، التي يعتبرها المدخل الأساسي لمواجهة أي تداعيات سياسية داخلية وخارجية، تضعه في خانة الحرج، مثل دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لعقد مؤتمر دولي. يفضل حزب الله الذهاب إلى حكومة لقطع الطريق على تدويل الأزمة اللبنانية.وثوابت المبادرة الروسية واضحة، وهي تشكيل حكومة متوازنة، تضم مختلف الأطراف، وتراعي تمثيلهم، بدون انتصار طرف على آخر، وهذا ما أعيد إبلاغه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. ولم تظهر أي بوادر حتى الآن لممارسة ضغط روسي على عون وباسيل لتقديم تنازل وتسهيل تشكيل الحكومة، لكن هناك تطورات متعددة قد حصلت، على صعيد مواقف القوى اللبنانية، فحزب الله، وحركة أمل برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط، وتيار المردة برئاسة سليمان فرنجية يقفون إلى جانب الحريري ويرفضون منح عون الثلث المعطل. ووسيا تؤيد الحريري أيضاً في هذا المجال، وهذا ما جرى التأكيد عليه خلال اللقاء بينه وبين لافروف في دولة الإمارات، وبحسب ما تشير مصادر مطلعة على اللقاء، فإن روسيا دعت الحريري إلى الذهاب لتشكيل حكومة تسوية. وسيبحث وزير الخارجية الروسي الملف اللبناني على هامش لقاءاته في المملكة العربية السعودية.وتؤكد المصادر الروسية أن موسكو مهتمة إلى حدّ بعيد بالملف اللبناني، وهناك تخوف من استمرار التدهور والذي قد ينعكس على الوضع الأمني في لبنان وقد يمتد إلى سورية خصوصاً أن روسيا ترى تكاملاً بين الملفين اللبناني والسوري، سياسياً وإقتصادياً ومالياً، كذلك بالنسبة إلى الملف الأمني، هذا الاهتمام لا ينفصل عن التحضير لعقد مؤتمر في سورية لإعادة اللاجئين السوريين، ويفترض بلبنان أن يكون مشاركاً فيه أيضاً، وهذا يحتاج إلى تشكيل حكومة.