في محاولة لتحقيق اختراق يسمح بإعادة سورية إلى محيطها العربي، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه أجرى مباحثات أولت اهتماماً كبيراً بـ"الملف السوري" بالسعودية، ثاني محطة بجولته الخليجية التي استهلها، أمس الأول، من الإمارات حيث أطلق وزير خارجيتها عبدالله بن زايد ما وصف بـ"مبادرة النداء الأخير لإنقاذ سورية".

وقال لافروف، خلال مؤتمر مشترك مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، إن المحادثات أكدت على وحدة سورية الوطنية وسلامة أراضيها وحق السوريين في تقرير مستقبلهم بشكل مستقل بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

Ad

وأضاف أنه بحث مع المسؤولين السعوديين القضايا الإقليمية والوضع في منطقة الخليج، وتم التأكيد على ضرورة ضمان الأمن في هذه المنطقة المهمة بالعالم.

من جهته، شدد وزير الخارجية السعودي، على أن الأزمة السورية تتطلب حلاً سياسياً، وأكد أن هذا البلد في حاجة إلى العودة لحضنه العربي والتمتع بالاستقرار والأمن.

وأوضح أن الرياض ستدعم أي جهود للتوصل لحل سياسي في سورية والعودة لحضنها العربي.

ورأى وزير الخارجية السعودي أن حل الأزمة في سورية يتطلب توافقاً بين أطراف الأزمة من معارضة وحكومة، بعد نحو 10 سنوات من بدء التحركات الشعبية والحرب التي جلبت تدخلات إقليمية ودولية مازالت قائمة حتى اليوم.

وأكد أن المملكة حريصة من بداية الأزمة على إيجاد سبيل لإيقاف النزيف الحاصل في بلد شقيق ومهم، وكذلك حريصون على التنسيق مع جميع الأطراف بما فيهم الأصدقاء الروس. وتابع: "متفقون مع أصدقائنا الروس على أهمية إيجاد مسار سياسي يؤدي إلى تسوية واستقرار الوضع في سورية".

لقاءات لافروف

ولاحقاً، اجتمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بلافروف قبل أن يتوجه إلى قطر. وجاء لقاء بن سلمان ولافروف بعد استقبال الأول المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرينتيف، حيث استعرض معه الأوضاع المستجدة على الساحة السورية.

والتقى لافروف، أمس الأول، بولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، كما التقى لافروف مع رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، في العاصمة الإماراتية وبحث معه عدة ملفات تضمنت الأزمة السورية وعودة اللاجئين وسبل تسويتها.

وأطلقت الإمارات، أمس، مبادرة بشأن إعادة سورية إلى محيطها "رغم المنغصات"، ورأت أن قانون العقوبات الأميركي المعروف بـ"قيصر" الذي يستهدف الرئيس السوري بشار الأسد والشركات والأفراد ممن يتعاملون مع دمشق يعوق مسار إعادة البلد الغارق بالأزمات والكوارث الإنسانية إلى الجامعة العربية.

ووسط تحركات إقليمية ودولية لإعادة ترتيب الأوراق بشأن الأزمة التي تقترب من انهاء عقد كامل دون أفق للتوصل إلى تسوية سياسية بين السوريين، وصل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى الدوحة لإجراء مشاورات تتضمن آخر المستجدات على الساحة السورية. ومن المنتظر أن يلتقي لافروف وأوغلو بالدوحة.

وقفة دولية

في سياق آخر، أكد وزير الخارجية السعودي، خلال المؤتمر مع لافروف، على أن "محاولات الاستهداف الحوثية الفاشلة للمنشآت النفطية تستهدف عصب الاقتصاد العالمي"، مشدداً على أن المملكة ستتخذ إجراءات رادعة لحماية منشآتها البترولية.

كما شدد على أنه "يجب أن تكون هناك وقفة دولية حازمة تجاه هجمات الميليشيات الحوثية"، لافتاً إلى أن "هناك تنديداً دولياً واسعاً بالهجوم الأخير على ميناء رأس تنورة" بالمنطقة الشرقية.

وجدد بن فرحان التأكيد على دعم المملكة للوصول إلى حل سياسي للأزمة في اليمن.

واعتبر أن "الأولوية في اليمن هي التوصل لوقف شامل لإطلاق النار"، مؤكداً أن "تحالف دعم الشرعية أوقف إطلاق النار في اليمن من جانب واحد منذ نحو عام".

وأوضح أن "على المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة للضغط على الحوثيين" لحثهم على الانخراط في مسار تفاوض سياسي مع حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي من أجل التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء النزاع الدامي.

كما ذكر وزير الخارجية أن "على الأمم المتحدة تمديد فرض حظر السلاح على إيران"، متهماً طهران باستخدام قدراتها لمواصلة إمداد الميليشيات الحوثية المتمردة بالصواريخ والطائرة المسيرة المفخخة "درون".

ولفت إلى ضرورة التأكد من "عدم امتلاك إيران لسلاح نووي" في ظل سعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إحياء الاتفاق النووي معها.

من جهته، شدد وزير الخارجية الروسي على أن علاقة بلاده مع السعودية متجذرة وفي مختلف المجالات.

كما أعرب عن قلق موسكو إزاء تطورات الأوضاع في اليمن. وشدد على أن الأولوية القصوى في اليمن تكمن في وقف القتال وجلوس جميع الأطراف حول طاولة الحوار بهدف منع البلاد من الانزلاق إلى الفوضى.

وتطرق الوزير الروسي إلى قرار واشنطن شطب جماعة "أنصار الله" الحوثية من قائمتها الخاصة بالتنظيمات الإرهابية الأجنبية، قائلاً: "آمل أنهم قرؤوا هذه الإشارة بشكل صحيح، وهي ليست شيكاً على بياض لمواصلة أعمال العنف على الإطلاق، بل إنها مؤشر على ضرورة أن يصبحوا جزءاً من عملية سياسية شاملة باليمن".

اتفاق سوداني

إلى ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق، أمس، اتفاقاً بين بلادها والسعودية على استثمارات في البحر الأحمر، وتبادل المصالح بين البلدين.

وقالت الصادق، إن لقاء رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أمس الأول، ناقش أمن "البحر الأحمر" والاستثمار فيه بتحويله إلى ساحة تنموية كبيرة، ليكون في ذلك اجتثاث لجذور الإرهاب ومشاكل الفقر التي تعمل كمهددات أمنية.

وأضافت وزيرة الخارجية، أن ذلك سيكون بالارتكاز على الآفاق الواسعة بين السودان والسعودية، خصوصاً لقربها المباشر جغرافياً.