كان عملي في الهند (1992 - 1995) مديراً للمركز الإعلامي الكويتي، ممتعاً من جانب وثرياً بالتجارب المهنية المفيدة من جانب آخر.نتناول معكم اليوم إحدى هذه التجارب التي مررتُ بها، والتي تتعلّق بقضية الأسرى والمفقودين الكويتيين جرّاء الغزو العراقي.
التقيت مرة أحد الأشخاص الهنود، واسمه بريجبال سينغ، وهو شاب في الثلاثينيات من عمره يعمل مدرباً لركوب الخيل بأحد الإسطبلات في نيودلهي. وبعد أن توثّقت العلاقة شيئاً يسيراً، تحدثنا عن موضوع علاقة الكويت بالعراق بعد الحرب، وشرحت له ما حصل بين البلدين، وما هي حالة العلاقة، فأبدى اهتماماً بموضوع الأسرى، وأبلغني أنه يريد أن يقدّم شيئاً لدعم هذه القضية الإنسانية.وبعد التفكير لعدة أيام، عرضتُ عليه أن يصبغ سيارته باللون الأصفر، ويكتب عليها بخط عريض وواضح عبارة تفيد بدعمه، وتجعل مَن يرى السيارة ويقرأ العبارة يستفسر منه عن ذلك، فوافق على الفور وصبغ سيارته بالكامل باللون الأصفر، وكتب عليها باللغة الإنكليزية "لن ننسى قضية الأسرى الكويتيين".أخذ سينغ يقود سيارته في شوارع نيودلهي، ويتلقّى الاستفسارات ويجيب عنها أينما ذهب بها، ونظراً لتكبّده هذه المعاناة ومواجهة الناس والردّ عليهم، طلبتُ من وزارة الإعلام الكويتية أن تتم استضافة بريجبال في الكويت وتكريمه.في الفترة نفسها تقريباً، شاهدت في إحدى المجلات الطلابية مقالاً لأحد الطلبة الذين لا أعرفهم ولا تربطني بهم علاقة، يتحدث فيه عن موضوع الأسرى الكويتيين، ويطالب العراق بتحريرهم فوراً. وبعد الاطلاع على المقال، أخذت في البحث عن الطالب الذي كتبه، واسمه أمِت بانرجي، وعثرتُ على هاتفه وكلّمته لأشكره على مقاله.وبعد فترة من الزمن، زارني مع أخته الكبرى، وأعطيته مزيداً من المعلومات عن الأسرى والمفقودين، فقام، إثر ذلك، بنشر مقالات أخرى في مجلات طلابية أخرى. وقد دفعني ذلك إلى دعوته وأخته لزيارة الكويت ولقاء بعض أهالي الأسرى والمفقودين الكويتيين. ومن حُسن الحظ أن موضوع بريجبال سينغ وأمِت بانرجي قد بلغ الديوان الأميري، الذي طلب من وزارة الإعلام الكويتية استضافة الشابين لزيارة الكويت بدعوة من الديوان. وفعلاً تم ذلك، وزار بريجبال وأمِت وأخته الكويت يوم السبت 27 أغسطس 1994، وقد نقل الإعلام الكويتي خبر هذه الزيارة، ونشرت عدة صور، وخصوصاً صورة سيارة بريجبال المطلية باللون الأصفر، وهو واقف بجانبها. هذه إحدى التجارب الجميلة التي مرّت عليّ في الهند، وهي تعكس مدى تعاطف الهنود وتفاعلهم مع قضية الكويت الأولى آنذاك، وهي قضية الأسرى والمفقودين.في المقال القادم سنتناول تجربة أخرى حول الموضوع نفسه، وسنرى التفاعل الهندي الواسع لدعم قضايا الكويت الأساسية.
أخر كلام
صورة لها تاريخ : سيارة بريجبال ومقالات أمِت دفعت الديوان الأميري لتكريمهما بالكويت
12-03-2021