تشير أرقام المطعّمين في الكويت إلى حصول زيادة كبيرة في أعداد من تلقى اللقاح المضاد لمرض "كوفيد 19"، خصوصا خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يؤكد استجابة الكثير من المواطنين والمقيمين لحملات التلقيح وثقة الناس في مأمونية وفعالية اللقاحات، حيث جدد وزير الصحة د. باسل الصباح التأكيد على أن كل التطعيمات المستخدمة في الكويت مأمونيتها عالية، ونتائجها مطمئنة، ومقاومتها للوباء مُؤَكَّدة، وأن "جميع اللقاحات التي نستخدمها مرت بمراحل وإجراءات صارمة قبل الاعتماد والإقرار باستخدامها".

وفي تغريدة له على حسابه بـ "تويتر"، نصح وزير الصحة الجميع بالمبادرة إلى التسجيل للتطعيم، حماية لأنفسهم، ومساهمة في تسريع عجلة الوصول للمناعة المجتمعية.

Ad

وقد جاوز عدد من تلقى اللقاح المضاد لفيروس "كورونا" في الكويت أكثر من 400 ألف شخص، حتى ظهر أمس، أي ما يوازي 10% من تعداد السكان وخلال الشهرين الماضيين تم تطعيم 380 ألف شخص، بينما الأعداد عالمياً ناهزت الـ 360 مليونا، والأرقام في تزايد مستمر، وهو ما يؤكد ثقة الناس في التطعيم للقضاء على الجائحة.

في منتصف يناير الماضي بلغ عدد المطعمين في الكويت 20 ألف شخص فقط، وبعد أقل من شهرين وصل عدد المتلقين للقاح الواقي من "كورونا" إلى أكثر من 400 ألف شخص، وهو ما يؤكد التوسع الكبير في حملات التطعيم من جهة، وثقة الناس في مأمونية وفعالية اللقاح وتأكدهم من أن التطعيم هو السلاح الوحيد للخروج من الأزمة التي نواجهها من جهة أخرى.

طريحو الفراش

من جانبه، أكد عضو اللجنة الاستشارية العليا ولجنة اللقاحات في وزارة الصحة البروفيسور خالد السعيد أن الكويت تعتبر الدولة الوحيدة في العالم، التي خصصت أطقما طبية تذهب إلى منازل طريحي الفراش من مواطنين ومقيمين لتطعيمهم.

وقال السعيد، لـ"الجريدة"، إنه تم تطعيم جميع طريحي الفراش من المواطنين والمقيمين ممن سجلوا في منصة التطعيم التابعة لوزارة الصحة.

وأشاد بأداء الطواقم الطبية طوال فترة الجائحة، لافتا إلى تحملهم عناء العمل طوال أكثر من عام كامل، مثمنا التضحيات التي قدموها خلال هذه الأزمة.

وأكد السعيد أن هناك دراسات طبية تجرى الآن على إعطاء اللقاح للأطفال، لافتا إلى دراسة تقوم بها إحدى شركات اللقاحات على الأطفال من 11 وحتى 16 سنة، وهناك دراسة أخرى تجرى على الأطفال من 6 أشهر وما فوق.

الأطفال واللقاح

وأشار إلى أنه في الأشهر القليلة المقبلة ستصلنا معلومات ونتائج هذه الدراسات، ومن خلالها سنعرف مأمونية إعطاء اللقاح للأطفال من عدمها.

وأكد أن حملة التطعيمات تشهد توسعا كبيرا، خصوصا في مركز الكويت للتطعيم بأرض المعارض بمشرف التي شهدت تطعيم أكثر من 22 ألف شخص في اليوم الواحد نهاية الأسبوع الماضي.

وذكر أن جميع المواطنين المسجلين للتطعيم على المنصة فوق 65 سنة تلقوا اللقاح أو وصلتهم رسالة لتلقيه، لافتا إلى أن جميع الوافدين فوق 65 سنة المسجلين على المنصة تلقوا اللقاح أو وصلتهم رسائل، وكذلك كل المواطنين فوق 30 سنة ممن سجل في منصة اللقاح أخذوا اللقاح أو وصلتهم رسائل.

الخروج من الأزمة

من جانبه، أكد د. عبدالله بهبهاني أن التطعيم هو السبيل الوحيد للخروج من أزمة جائحة "كورونا" في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن تطعيم نحو 70% من المجتمع يؤدي إلى حدوث المناعة المجتمعية، ومن ثم عودة الحياة إلى طبيعتها.

وقال بهبهاني لـ"الجريدة" إنه لا يوجد حتى الآن علاج ناجع للقضاء على مرض "كوفيد 19"، مشيرا إلى أن هناك حلولا مؤقتة تتمثل في فرض الحظر والتقيد بالإجراءات الاحترازية وغيرها، لكنها ليست حلولا جذرية تقضي على الوباء.

وشدد على أن اللقاحات المضادة للفيروس ذات كفاءة وأمان وفعالية عالية، وخضعت لتجارب سريرية صارمة قبل إقرارها واعتمادها.

وذكر أن جميع اللقاحات لم تجتز التجارب السريرية، فهناك أكثر من 140 تطعيما في مراحل مختلفة من التجارب بعضها في مراحل أولية وبعضها في مراحل ثانوية وثالثة، وما تم إقراره عدد قليل من هذه الأرقام، وهو ما يؤكد أن إقرار واعتماد اللقاحات يخضع لإجراءات صارمة قبل الاعتماد، تأتي في مقدمتها المأمونية العالية والفعالية.

تحديات

وأشار بهبهاني إلى أن هناك تحديات تواجهنا، منها نقص كمية التطعيم عالميا، حيث إن الدول المتقدمة قامت بشراء ملايين الجرعات لتطعيم شعوبها أولا، والتحدي الآخر والأخطر هو انتشار الشائعات والوباء المعلوماتي عن خطورة التطعيم.

وقال إن الإشاعات والوباء المعلوماتي حذرت منهما منظمة الصحة العالمية، لافتا إلى أن من يطلق الشائعة في دقائق ويحتاج إلى الرد عليها وتفنيدها ساعات وأيام طويلة وتأخذ جهدا كبيرا وتستنزف طاقة السلطة الصحية للرد عليها وتفنيدها.

وأكد د. عبد الله بهبهاني أن من يصدرون الإشاعات إما عن قصد وعمد وإما عن جهل، فالبعض مقتنع بها والآخر يرددها ويقوم بإعادة نشرها بدون قصد، وفي كلا الحالتين فهم يساهمون في التأثير على الآخرين وإقناعهم بعدم تلقي اللقاح، ومن ثم تزيد الوفيات والدخول إلى العنايات المركزة بسبب شائعات هؤلاء المشككين.

إجماع علمي

وذكر أن المجتمع الطبي الدولي أجمع على رأي واحد وهو أمان ومأمونية وفعالية اللقاح، وأن توصيات السلطات الصحية العالمية تتفق جميعها على رأي طبي محدد، وهناك إجماع علمي على أمان وفعالية اللقاح وأنه السبيل الوحيد للخروج من الأزمة في الوقت الحالي، مؤكدا أنه من المستحيل أن تكون جميع هذه السلطات الصحية على مستوى العالم على خطأ.

وقال د. بهبهاني إن هناك فئة مناهضة للتطعيم -أي تطعيم- سواء "كورونا" أو غيره، ويقومون بنشر معلومات مضللة وغير علمية ولا تستند إلى دراسات ولا معلومات مبنية على حقائق علمية، ودائما ما يشككون في اللقاحات وليس لديهم حلول أخرى لمناهضة الفيروس أو المرض، ويكون البديل هو استمرار الوضع على ما نحن عليه.

وأكد بهبهاني أن هؤلاء المشككين والمناهضين للقاحات يساهمون في التشكيك في مأمونية اللقاحات، وهو ما يؤدي بالبعض إلى عدم التطعيم وتزايد الوفيات والدخول إلى العنايات المركزة بسبب شائعات هؤلاء المشككين.

وأكد أن سلوك فيروس "كوفيد 19" وتحوراته المستمرة يشيران إلى أنه لن ينتهي إلا من خلال اللقاحات، على عكس ما حصل مع فيروسات سابقة اجتاحت مناطق في العالم قبل سنوات مثل "ميرس" و"سارس 1"، اللذين اختفيا وانتهيا من تلقاء نفسيهما ولم يحتاجا إلى لقاحات للقضاء عليهما.

ومن جانبها، أكدت وزارة الصحة الانتهاء من تطعيم جميع المواطنين والمقيمين المسجلين في وحدة التطعيم المتنقلة لطريحي الفراش في إطار الحملة الوطنية للتطعيم ضد فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".

وأشارت الوزارة إلى أن هناك متابعة دقيقة، بعد إتمام التطعيم لجميع من تلقى اللقاح، لرصد أي أعراض غير محتملة، مؤكدة انه لم يتم حتى الآن رصد أي آثار جانبية غير متوقعة.

وكان عدد من رواد المشروعات الصغيرة والمتوسطة أطلقوا حملة شعبية في الكويت تحت وسم "خصم التطعيم"، لتشجيع المواطنين والمقيمين على تلقي اللقاح ضد فيروس "كورونا"، وهو ما أدى إلى تفاعل عشرات الشركات والمتاجر مع هذه الحملة والتي ساهمت في الحملة من خلال إطلاق خصومات على منتجاتها لمن تلقى الجرعة الأولى أو الثانية من اللقاح. وساهم أصحاب هذه المشاريع من مختلف خدماتها ومنتجاتها في تقديم العروض المتنوعة لمن تلقي اللقاح، ولاقى وسم الحملة رواجاً كبيراً وانتشر صداها في وسائل التواصل المحلية ووسائل الإعلام الإقليمية.

وخلال الآونة الأخيرة، انضم إلى هذا الوسم عدد كبير من الشركات دعما للحملة، ومساندة لجهود وزارة الصحة في هذا المجال، حيث وفرت شركات وجهات خاصة وعيادات ومستشفيات بعض الهدايا والعطايا كوسيلة جذب للمترددين والممتنعين عن أخذ اللقاح، وتبديد مخاوفهم وتقاعسهم عن التوجه نحو تلقي اللقاح المضاد لفيروس "كورونا".

وتحاول تلك الجهات حث المواطنين والمقيمين المترددين في تلقي اللقاح إلى العدول عن ذلك، حيث إن الوصول إلى المناعة المجتمعية هو السبيل الوحيد لفك القيود والعودة إلى الحياة الطبيعية.

وفي هذه الأثناء تخوض وزارة الصحة سباقا مع الزمن لتحقيق المناعة المجتمعية المطلوبة في وقت قياسي، بتحصين الغالبية العظمى من السكان، لكون التلقيح ضد فيروس "كورونا" هو خريطة الطريق الوحيدة للخروج من نفق هذه الجائحة.

السعيد: تجنب الوفيات بأخذ اللقاح

أكد د. خالد السعيد أن الجميع متفق على استراتيجية التلقيح للخروج من الأزمة والعودة إلى الحياة الطبيعية، مشيرا إلى إعطاء اللقاح لأكثر من ربع مليار إنسان في العالم حتى الآن.

وأكد السعيد أن الدراسات المتعددة على أنواع اللقاحات أثبتت مأمونية اللقاحات المعتمدة لدينا وفعاليتها، التي فاقت التوقعات.

وأوضح أن الموجة الثانية من الجائحة حاليا بالكويت والوفيات الكثيرة تحتم على الجميع الحرص على الصحة وأخذ اللقاح والالتزام بالارشادات الوقائية.

وشدد على أنه بالإمكان تجنب الوفيات الناجمة عن «كوفيد 19» من خلال تلقي اللقاح المعتمد.

عادل سامي