ذكر التقرير الأسبوعي لشركة الشال للاستشارات أنه لا يبدو أن الفريق الاقتصادي الحكومي يعي مآل الأوضاع إذا لم يبدأ باكرا بإجراءات علاج جوهري لأوضاع البلد الاقتصادية والمالية، إذ يبدو أن الحكومة ركنت إلى الارتفاع المؤقت لأسعار النفط حلا لمشكلة توفير السيولة لدفع الرواتب والأجور، والإدارة المالية للبلد شهرا بشهر، لا يحدث حتى على مستوى دكان، فالبلد تواجه حريق سيولة قصير الأمد، وبهكذا إدارة، ستواجه قريباً حريق مالية عامة على المدى المتوسط، وخلاصتهما حريق اقتصادي على المدى الطويل.

واضاف الشال: "ما يفترض أن تقوم به الحكومة هو الإفادة من الفسحة التي منحها لها سوق النفط لتقديم مشروع بخفض سقف الاقتراض العام إلى حدوده الدنيا، بما لا يتعدى نصف إيرادات الاستثمار، وخفض آجاله لتوفير سيولة، لمواجهة متطلبات ما بعد الرواتب والأجور، ومع احتمال أن يكون عمر الحكومة قصيرا، لا يمنع البدء بصياغة مقترح لتغيير جوهري في سياسات المالية العامة وفقا لما ذكرناه سابقا، أي تبني مفهوم الاستدامة، وذلك يتطلب خفض النفقات العامة وضمنها الكثير من الهدر، وتحويل مشروع الموازنة العامة من سنوي إلى برنامج مالي لثلاث أو أربع سنوات، وتحصينه، أي تقنين تغيير مكوناته، وتغيير مصدر تمويلها الأول إلى مستدام، أو تغيير وظيفة احتياطي الأجيال القادمة واستخدام دخله فقط لتمويلها، ثم البدء بمشروع نظام ضريبي على شرائح الدخل العليا، وتوجيه الدعم لمستحقيه فقط حتى لو تمت زيادة نصيبهم".

Ad

وبين أن ما تطرحه الحكومة حاليا وفقا لما نشرته جريدة القبس، الثلاثاء الفائت، إن صدق، هو الاكتفاء بتأمين الرواتب والأجور، وجدولة مستحقات ما عداهم، ووقف المشروعات الجديدة، ولمثل هذا التوجه مخاطر كبيرة، فالتوقف عن صرف مستحقات المتعاملين مع الحكومة، والقطاع العام أكبر من ثلثي الاقتصاد أو الناتج المحلي الإجمالي، يعني احتمال توقفهم عن دفع المستحقات للعاملين لديهم أو العاملين معهم، وللموردين لهم، ووقف دفع استحقاقات القطاع المصرفي. وفيما يبدو أنه حل لحريق السيولة الحكومي على المدى القصير، سيؤدي إلى أزمة قد تنتقل إلى كل القطاعات الأخرى، وأهمها احتمال انتقالها إلى القطاع المصرفي الذي تضمن الحكومة ودائعه، إن توقف هؤلاء عن سداد التزاماتهم له".

وشدد على أن الدولة ليست أفرادا ولا دكاكين ولا حتى شركات، الدولة هي كل هؤلاء وكثيرون غيرهم، والفشل في إدارتها لن يستثني أحدا، والشعور بالراحة على المدى القصير، قد تكون تكاليفه غير محتملة على مدى أطول. لقد أخطأت الإدارة العامة قبل عقود من الزمن في اجتناب ما هو محتم وما تعاني منه البلد الآن، وأصبحت تكاليف العلاج أعلى بكثير، ولكن تظل إمكانات الإصلاح ممكنة وإن ارتفعت تكاليفها، وبداية الإصلاح هي بالتخلي عن التفكير بتسيير شؤون البلد شهرا بشهر.