يحتفي الأديب التونسي سفيان رجب بروايته الجديدة "مصنع الأحذية الأمريكية"، التي صدرت أخيرا عن "منشورات المتوسط" في إيطاليا، ليكون بمنزلة تأكيد لما سبق أن أشار إليه في حوار أجرته معه "الجريدة" أوائل عام 2019، حين تحدث رجب عن سبب تحول الشاعر إلى الرواية، حيث قال آنذاك إن "الزمن هو زمن السرد، وإن كره الشعراء سماع هذا الكلام".وأوضح رجب أن "المسألة ليست صراعا بين الشاعر والسارد، وإنما نقل لواقع لا مجال لإخفائه. حين خرج الإنسان من الحرب العالمية الثانية، وبعد أن علق بندقيته في مدخل بيته المهدم، جلس يفكر في مصيره، وبدأ يسأل نفسه: لِمَ حدث كل هذا؟ وبدأ يحاول الإجابة عن هذا السؤال بطرق شتى، بالعودة إلى التفاصيل والأحداث، ولم تكن القصيدة قادرة على حمل إجاباته الكثيرة، فلجأ إلى السرد. إذن المرحلة هي مرحلة إجابات وليست مرحلة أسئلة، أنا أرى أن السؤال منبع الشعر والجواب منبع السرد. شخصيا أرى أنني خرجت من أسئلتي الكثيرة بغابة أسئلة لا حد لها، وما لجوئي إلى السرد سوى مجرد تكتيك وقتي لا غير".
وحين يكتب الشاعر عملا روائيا فبالتأكيد ثمة مزايا خافية لا يدركها إلا من يخوض هذه التجربة، وفي هذا الصدد يقول الأديب التونسي: "أرى أن الشاعر يحب اللعب بالرموز عكس الروائي الذي يبني عالمه الأدبي من التفاصيل، لذلك فإن رواية الشاعر تكون أكثر تكثيفا، وملغمة بالرموز، أتصور أن الشاعر الكلاسيكي إذا حاول كتابة النثر يكون مكبلاً بعبارة النثر فضاح الشعراء، لكن الشاعر الحديث لا أرى إشكالا في تحركه في ملعب النثر، إذ إن جزءا من أدواته تتلاءم مع النثر، ومخلوقة للحفر داخله. بمعنى موجز: أنا لم أشعر بالغربة داخل النثر لأنه وطني الأول داخل قصيدة النثر".وتأتي الرواية الجديدة المعنونة "مصنع الأحذية الأمريكية" في 200 صفحة، من الحجم المتوسط، ويتطرق فيها الكاتب إلى قضية الجهاديين الإسلاميين، الذين عادوا من سورية إلى تونس، بأسلوب فانتازي كوميدي، وتدور الأحداث حول مقالة أستاذ فلسفة في الجامعة التونسية، أرسلها للنشر في مجلة أميركية، لكن المقالة وقع توظيفها وتوظيف كاتبها في مشروع أميركي لرسكلة التطرف الديني. الفكرة تقوم على بناء جنة للمتطرفين العائدين من سورية، بعد إيهامهم بموت مزيف عبر تخديرهم. وفي تلك الجنة الأميركية تحدث مفارقات عجائبية كوميدية.الرواية تبدأ بعبارة لابن رشد، يقول فيها: "إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني"، فالرواية تفضح توظيف النظام العالمي الجديد للدين، للتحكم في الشعوب، واللعب بأحلامها وآلامها.وعن روايته الجديدة يقول سفيان رجب، لـ"الجريدة": "هذه الرواية هي وتد مشروعي الأدبي، الذي يقوم على تكسير الحدود بين الأجناس، والذهاب في مغامرة السرد إلى أبعد آفاقها. انتهيت من كتابتها عام 2018، وفيها أجبت عن سؤال بعض الساسة عما نفعله مع الجهاديين الذي عادوا إلى تونس من الحرب التي أشعلوها في سورية. كتبت اقتراحي في هذه الرواية بسخرية سوداء. أؤمن في كتابة السرد أن الرواية ليست سرد مغامرة وإنما هي مغامرة سرد، وهذا ما صنعته في (مصنع الأحذية الأمريكية)".وتابع: "هذا ما يمكنني قوله عن روايتي الجديدة، ليس بوسعي الآن سوى أن أنتظر آراء قرائها بقلبٍ مرتجف. قد يراها البعض رواية تهتم بالأفكار على حساب الأحداث، وقد يراها البعض الآخر نصاً هجيناً يمتطي جنس الرواية، وقد يراها آخرون رواية رمزية".يشار إلى أن بعض كتب سفيان رجب حصل على جوائز أدبية عربية، مثل جائزة مفدي زكريا بالجزائر عام 2007، وجائزة طنجة الشاعرة 2009، وجائزة عفيفي مطر بالقاهرة 2018، والقائمة القصيرة لجائزة الملتقى بالكويت 2019.
توابل - ثقافات
سفيان رجب يفضح الإرهاب في «مصنع الأحذية الأمريكية»
14-03-2021