القاهرة غاضبة من «بيان الـ 31»
«صمت إيجابي» مصري تجاه الانفتاح التركي
دخلت دوائر صنع القرار في القاهرة حالة من الاستياء والغضب العميق، ردا على بيان 31 دولة، في مقدّمتها الولايات المتحدة الأميركية، تدين انتهاك الحريات في مصر، إذ تبارى عدد من أعضاء البرلمان المصري، أمس، في التعبير عن رفضهم التام والقاطع لما وصفوه بالتدخل السافر في الشأن الداخلي، والاعتماد على مصادر مغرضة لقراءة المشهد المصري، إذ تعبّر القاهرة دوما عن انزعاجها من الانتقادات الغربية في هذا الملف.وفي تحرّك نادر، أصدرت 31 دولة تتقدّمها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، بيانا مشتركا الجمعة، أعربت فيه عن قلقها من وضع حقوق الإنسان في مصر، ووجّه البيان انتقادات محددة للحكومة المصرية في مجال تقليص المناخ العام ومصادرة الحريات، عبر استخدام تُهم الإرهاب لإبقاء المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني تحت عقوبة الحبس الاحتياطي المطول.وأثار التحرك الأميركي - الأوروبي، الذي يأتي على خلفية انتقادات أوروبية سابقة لمصر بسبب ملف الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، غضبا واضحا في القاهرة، إذ سارعت الأحزاب المصرية، أمس، في التعبير عن رفضها التام للبيان الغربي، إذ قال مساعد رئيس حزب الوفد، عضو مجلس الشيوخ، حازم الجندي، إن البيان المشترك "محاولة فاشلة للنيل من مصر"، وإنه يفتقد المصداقية والموضوعية، ووقّعت عليه بعض الدول مجاملة لمنظمات مشبوهة تعادي مصر وشعبها.
واتفقت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ مع نظيرتها في مجلس النواب (الغرفة الأولى من البرلمان المصري)، على رفض محاولات التدخل السياسي للشؤون الداخلية المصرية، واستجابة لضغوط مجموعة ممولة تعمل بشكل عدائي ضد مصر، وأضافت اللجنة، في بيانها، أن الخطوة الغربية "جاءت على نحو مليء بالمغالطات التي تعكس عدم الإلمام بحقيقة الأوضاع بمصر أو القوانين المصرية". وجاءت المواقف البرلمانية والحزبية في أعقاب إصدار وزارة الخارجية المصرية بيانا ردت فيه على البيان الأميركي - الأوروبي المشترك، مؤكدة فيه "رفضها التام لما تضمنه ذلك البيان من أحاديث مرسلة تستند إلى معلومات غير دقيقة"، ومعبرة عن شديد الاستغراب والاستهجان لعدم الاستعانة بما يتم توضيحه لهذه الدول من حقائق ومعلومات حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر.وكشفت "الخارجية" المصرية أن بعثتها في جنيف ستلقي بيانا أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي، لتسليط الضوء على أوجه القصور داخل تلك الدول صاحبة البيان المشترك، بما في ذلك الممارسات التي تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان، في ظل تأكيد أن مسألة حقوق الإنسان تنطوي على عملية تطوير دائم لم تبلغ فيها أي دولة حد الكمال.في الأثناء، ومع تواصل الرسائل التركية الداعية لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع مصر، وهي تصريحات قادها رئيس تركيا رجب طيب إردوغان، وكبار رجال نظامه طوال الأسبوع الماضي، لكن حتى أمس، لم يصدر أي تصريح رسمي من الجانب المصري حول المحاولات التركية لفتح باب العودة إلى العلاقات الطبيعية بين الدولتين الكبيرتين على المستوى الإقليمي. لكن مصدرا مطلعا أكد لـ "الجريدة"، أن القاهرة لا تغلق الباب في وجه أي طرف، شريطة أن يتقدّم هذا الطرف أو ذاك بخطوات إيجابية على الأرض تثبت أن الأحاديث الإعلامية تكشف عن تغيّر حقيقي في النوايا، لافتا إلى أنه ليس هناك ما يمكن وصفه بـ "استئناف الاتصالات الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة"، خاصة أن البعثتين الدبلوماسيتين المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال، اللذين يتواصلان مع دولة الاعتماد وفقا للأعراف الدبلوماسية المتبعة.