رياح وأوتاد: مع الحكومة أو ضدها... بالوقائع
في فبراير الماضي كتبت مقالاً بعنوان "مع المواطن أو ضده بالوثائق"، بينت فيه بالوثائق القوانين والإنجازات التي قدمناها في المجالس السابقة والتي تصب مباشرة لمصلحة المواطنين مثل زيادة علاوة الأولاد وإجازة الأمومة وقانون الزكاة وقانون صرف العلاوة الاجتماعية وعلاوة الأولاد للعاملين في القطاع الخاص، وكذلك القانون 79/95 لمنع أي زيادة للرسوم على المواطنين إلا بقانون، وتعديلات التموين، وغيرها من القوانين والمواقف والإنجازات التي استفاد منها الآلاف بل مئات الآلاف من المواطنين، والتي ترد على اتهام التجمع السلفي أو شخصي المتواضع بأننا ضد المواطن.وهناك اليوم من يقوم بحملة ضد التجمع الإسلامي السلفي بأنه دائماً مع الحكومة، وهذا يدل إما على الجهل وعدم المتابعة لعمل المجلس أو يدل على الغلو في الخصومة، وأكثر ما يستدل به هؤلاء هو مشاركتنا في الانتخابات بعد إصدار قانون الصوت الواحد (رغم تصويتنا ضده عندما شاركنا)، حيث تطاول علينا كثير من السياسيين والجماعات السياسية بالطعن والاتهام والتجريح، ولكن بعد فتره شاهدناهم يهرعون إلى الترشح في انتخابات الصوت الواحد، ومن لم يترشح منهم رأيناه يؤيد ويبارك لمن ترشح مما يدل على صحة موقفنا منذ البداية، وكذلك منهم من كان يعيب علينا المشاركة في الحكومة وبعد فترة رأيناهم يشاركون فيها، فسبحان الذي يغير ولا يتغير.ولعل من المفيد أن نذكّر من كان له قلب ببعض مواقفنا المعارضة السابقة، مع التأكيد أنه لا توجد في العمل السياسي معارضة دائمة ولا موافقة مستمرة للحكومة، ولابد أن يكون للتأييد أسباب وطنية وجيهة، ويكون للمعارضة أسباب تخدم الوطن، فلكل موقف أسبابه ودواعيه سواء كان من قانون أو من إجراء حكومي معين.
ففي أول مجلس شاركت فيه (1985) كنت الثاني في ترتيب طرح الثقة بوزير العدل، كما قدمت استجواباً دقيقاً واضحاً يتعلق بالأموال العامة لوزير المواصلات، وفي آخر مجلس شاركت فيه وهو مجلس (2006-2008) أيدنا طرح الثقة في وزير النفط كما استجوبنا وزير الأوقاف فيما يتعلق بأرض الوقف المغصوبة، ومواضيع أخرى منها تسليم الوسطية الى السوداني القيادي في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين براتب يجاوز الآلاف من الدنانير!! وبين هذين المجلسين كانت لنا بفضل الله مواقف كثيرة معارضة بالحق، وليس لمجرد المعارضة لقوانين أو إجراءات حكومية، أذكر منها معارضة ميزانية تعزيز الدفاع بعشرة مليارات، وكذلك معارضة زيادة تسعيرة الكهرباء والماء على السكن الخاص للمواطنين، وكذلك معارضة رد الحكومة لقانون عرض جلسات المجلس بالتلفزيون، وكذلك معارضة تصويت وانتخاب النساء في مجلس الأمة، وأيضاً معارضة قانون الوكالات التجارية قبل تعديله، وكذلك معارضة طرح الحكومة بشأن قانون BOT حماية لأملاك الدولة، وكذلك استجواب وزير الإعلام في قضية الكتب واستجواب وزير التربية في موضوع سكن أساتذة الجامعة، ومعارضة قانون الديوان الوطني لحقوق الإنسان إلا بعد إدخال الشريعة الإسلامية كإحدى القواعد الأساسية فيه، ومعارضة قانون الحكومة لمحاكمة الوزراء، ووقفتنا القوية في قضايا المال العام وأشهرها قضية الناقلات التي تصديت لها نائباً ووزيراً وشاهداً في المحكمة، ومعارضتنا لإصرار الحكومة على إصدار قرار من المجلس للذهاب إلى المحكمة الدستورية بشأن مشروع الدوائر العشر، والتصدي أيضاً لمشاريع الخصخصة كما طرحتها الحكومة، وكذلك التقارير العلمية المفصلة التي نشرتها شخصياً على مشاريع قوانين الحرير والجزر المقدمة من الحكومة، ولا يفوتني أن أذكر بيانات التجمع التي عارضت بشكل علمي الاتفاقية الأمنية الخليجية وزيادة أسعار البنزين وطالبت بإصلاح قوانين مكافحة الفساد.أردت اليوم التذكير بهذه المواقف ويوجد غيرها الكثير لأن هناك من يشن الحملة السابقة على التجمع السلفي، علماً أنه لا يوجد تجمع سياسي بلا أخطاء أو تفاوت في المواقف، فهناك مثلاً من أزاح الأخ أحمد السعدون عن الرئاسة في مجلس 1999 ثم انضم إليه في الحراك ضد الصوت الواحد، ثم انتقل بعدها إلى المشاركة في الصوت الواحد، وهو الآن ضمن مجموعة جديدة في المجلس، والشاهد من كل هذا العرض أن العمل السياسي السليم والنظيف يحتم مناقشة كل تجمع على مواقفه بأسلوب علمي وذكر مواقفه الإيجابية الطيبة، مع بيان الأخطاء إن وجدت، وليس بأسلوب التصغير والتشهير والاتهامات المغرضة التي تعتبر من قبيل غمط الناس، الذي نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عنه.