لم يحرك انطلاق الفصل الثاني من العام الدراسي الحالي عجلة مكتبات القرطاسية المنتشرة في مناطق الكويت، إذ بقيت خالية من زبائنها الطلاب والمعلمين لتنضم بذلك إلى ضحايا جائحة «كورونا» اقتصادياً، في ظل استمرار نظام التعليم عن بُعد، حسبما يؤكد أصحاب تلك المكتبات الذين لا يخفون رغبتهم في «الإقفال إذا استمر الوضع على حاله».المكتبات باتت شبه مهجورة من روادها، باستثناء بعض الحالات النادرة التي ترغب في شراء القصص وأدوات الرسم وغيرها، مما يؤكد أن الجائحة تلقي بتداعياتها على هذا القطاع على غرار بعض المشروعات الأخرى.
ويجمع عدد من العاملين في هذه المكتبات على أن الوباء أدى إلى شلل في حركة البيع، مما اضطر بعض المكتبات إلى تقليص المساحة المخصصة لها، للتمكن من دفع الإيجار الشهري أثناء فترة الحظر الكلي والجزئي في أشهر سابقة.وفي هذا السياق، يؤكد أحمد الرفاعي، وهو مسؤول بإحدى المكتبات، أن «حركة الزبائن في الوقت الحالي بالنسبة لطلبة المدارس والمعلمين تعتبر الأسوأ على الإطلاق، بسبب تداعيات كورونا، والتعليم الافتراضي»، مشيرا إلى ان «قرار التعليم عن بعد كانت نتيجته قلة الطلب على الأدوات المدرسية، إذ لم نعد نشهد الإقبال على الدفاتر والكراريس والأقلام والألوان وغيرها من الأدوات التي عادة ما يستخدمها الطلاب والمعلمون في كل عام دراسي».وأضاف الرفاعي أن «المكتبات القرطاسية أصبحت تعتمد بشكل شبه كلي على طلبات الشركات والمؤسسات التي تطلب المواد الاستهلاكية ذات الاستخدام اليومي، مثل الأوراق، والأقلام، وأحبار الطابعات، وغيرها»، لافتا إلى ان «طلبات المدارس سواء للطلبة أو الهيئة التعليمية، انخفضت بنسبة تتجاوز 80 في المئة مقارنة بالسنوات السابقة».وأوضح أن «زيارة الطلبة بعد انطلاق الفصل الثاني الحالي غالبا ما تكون لاختيار دفاتر فقط، وربما يكون اختيارهم دفترا واحدا لجميع المواد، وهذا أمر طبيعي، لاسيما مع استمرار التعليم عن بعد»، مشيرا إلى ان «فترة إجازة نصف العام الدراسي، كانت زيارة الطلاب للمكتبات القرطاسية فقط من أجل اختيار الألعاب المسلية، إضافة إلى قيام بعض أولياء الأمور باصطحاب أبنائهم إلى المكتبة لاختيار قصص مسلية ومناسبة لأعمارهم، وعدا ذلك فإن المكتبة شبه مهجورة على مدار اليوم، ونادرا ما يدخل زبون يرغب بشراء سلعة معينة».
وضع سيئ
من جانبه، اعتبر هاني أحمد، وهو مسؤول بإحدى المكتبات، ان «الوضع الحالي سيئ جداً، خصوصا مع بقاء المكتبة على هذا المنوال تستقبل زبائن بعدد أصابع اليد الواحدة، إذ يزورها في بعض الأحيان زبون واحد فقط، وهو ما يعكس مدى سوء الأحوال التي تعيشها المكتبات، في ظل استمرار التعليم عن بعد الذي يعد خيارا إجباريا انتهجته الجهات المعنية لحماية الطلاب والمعلمين، من فيروس كورونا الذي يعاني من تداعياته وآثاره الجميع حتى الآن».وأوضح أحمد ان «المكتبات تعتمد حاليا على الشركات التي تساعدها على الوقوف مؤقتا لحين انتهاء أزمة كورونا، فلم نعد نشهد زحمة الطلبة والمعلمين التي كانت على مدار العام الدراسي، ولا تتوقف حتى مع إجازة نصف السنة»، مشيرا إلى انه «أثناء إجازة نصف السنة المنقضية، شهدت المكتبات إقبالا خفيفا من الطلاب على أدوات الرسم فقط، في حين كانت هناك طلبات على بعض الألعاب المسلية إلا اننا لا نستطيع توفير جميع الألعاب المطلوبة».وحول إمكانية بيع المكتبة للمستلزمات الصحية خلال هذه الفترة، قال «قمنا بتوفير الكمامات في المكتبة، إلا انه تم إبلاغنا بأنه يمنع بيعها في المكتبات، وتم السماح ببيع الاستيكرات الخاصة بالتعليمات والإرشادات الصحية الخاصة بالتباعد والشروط المطلوب توافرها في بعض المواقع الحكومية والخاصة بشأن تنظيم عملية وقوف ودخول المراجعين»، لافتا إلى ان «الإيجار والالتزامات المالية في أزمة كورونا (موال ثانٍ)، إذ أخلينا المحل المجاور للمكتبة علما بأنه كان تابعا ومكملا للمكتبة، لكن بسبب عدم إمكانية توفير الإيجار تم الاستغناء عنه.هجرة المكتبات
بدوره، قال أيمن إدريس وهو مسؤول أيضاً بإحدى المكتبات، ان «الأمور حاليا صعبة، لأن الجميع يستخدم الأونلاين، ولا يوجد زبائن إلا نادرا، وهذا حالنا تحديدا من شهر يونيو من العام الماضي»، مبينا انه «إذا كنا في السابق نستقبل 200 زبونا في اليوم، فحاليا لا نصل إلى 20، وهذا يؤكد مدى تأثير أزمة كورونا على المكتبات التي أصبحت تخلو من زبائنها من الطلاب والمعلمين وغيرهم».وتابع: «أضف إلى ذلك فترة الحظر الجزئي ثم الكلي، والآن العودة إلى إغلاق المكتبة عند الخامسة مساء، وهذه أمور كانت سببا آخر لهجرة الناس لمكتبات القرطاسية تزامنا مع تطبيق التعليم عن بعد واستخدام التكنولوجيا التي كان لها دور كبير في عدم الحاجة إلى الدفاتر والكراريس والأقلام وغيرها من الأدوات المدرسية التي اعتاد الطلاب والمعلمون استخدامها طوال العام الدراسي»، مشيرا إلى ان «الوقت الحالي عملنا قائم على الشركات فقط، والقرطاسية لم يعد لها وجود!».وأضاف أن «الحركة خلال فترة الإجازة الماضية، شهدت تطورا طفيفا من قبل بعض الطلاب من محبي هواية الرسم، إذ كان الإقبال على الكراريس وأدوات الرسم بأنواعها جيدا مقارنة بالأدوات المدرسية الأخرى، كما حاولنا إدخال بعض التغييرات في المكتبة، وبالفعل نجحت الفكرة من خلال بيع الألعاب المسلية للأطفال، لكن هذه الأمور بكل الأحوال، لن تكون سببا في عودة مكتبات القرطاسية إلى وضعها السابق».