جبران باسيل يفرغ «الحياد» من مضمونه ويتمسّك بسياسته الهجومية

• الراعي: سلاح الجيش هو الوحيد الشرعي
• مدخول 75٪ من أسر لبنان بات تحت 200 دولار

نشر في 15-03-2021
آخر تحديث 15-03-2021 | 00:04
لبنانية ترشق مبنى مجلس النواب بالحجارة خلال تظاهرة أمس الأول في وسط بيروت	 (أ ف ب)
لبنانية ترشق مبنى مجلس النواب بالحجارة خلال تظاهرة أمس الأول في وسط بيروت (أ ف ب)
تمسك رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي تتهمه بعض القوى السياسية بأنه سبب رئيسي في عملية عرقلة تشكيل حكومة جديدة، بنهجه الهجومي، في وقت مرت ذكرى 14 آذار على لبنان، وسط استعصاء سياسي مع استمرار التدهور الاقتصادي والمالي.
في الذكرى الـ 16 لانتفاضة 14 آذار، بدا لبنان، أمس، كأنه في حالة استعصاء شاملة؛ فلا السياسيون راغبون أو حتى قادرون على تقديم أي حلول لأسوأ أزمة اقتصادية ومالية تعيشها البلاد في تاريخها الحديث، ولا الشارع قادر على تحقيق أي اختراق.

وكان لافتاً أمس الإشارات، التي أرسلت إلى الجيش وتذكيره بالموقف، الذي اتخذه الجيش قبل 16 عاماً، عندما قرر السماح لآلاف اللبنانيين بالتدفق إلى ساحة الشهداء، وهي الأحداث التي أدت الى زلزال في ذلك الوقت غيّر المشهد السياسي بالكامل.

في هذا السياق، شدد البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظة الأحد، على أن «الجيش هو جيش الديمقراطية، ولا يحق لأحد أن يحوله جيش التدابير القمعية»، في إشارة إلى موقف الجيش من التظاهرات، لكنه دعا في الوقت نفسه المحتجين إلى وقف قطع الطرقات.

وأشار الراعي إلى أن «الجيش هو القوة الشرعية المناط بها مسؤولية الدفاع عن لبنان، فلا يجوز تغطية وجود أي سلاح غير شرعي إلى جانب سلاحه»، في اشارة واضحة الى حزب الله.

من ناحية أخرى تساءل الراعي «كيف أنّ السلطة تحوّل الدولة عدوّة لشعبها؟”، مشيراً إلى أنّه “إذا كان المسؤولون، بسبب انعدام الثقة، عاجزين عن الجلوس معاً لمعالجة النقاط الخلافيّة التي تراكمت حتى الانفجار النهائي اليوم، فلابدّ من اللجوء إلى مؤتمرٍ دوليّ برعاية الأمم المتّحدة، لإجراء هذه المعالجة، مثلما جرى في ظروف سابقة”.

إلى ذلك اختار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ذكرى «14 آذار» لعقد المؤتمر السياسي للتيار وإطلاق ورقته السياسية.

ورأى مراقبون ان كلمة باسيل تفرغ مبدأ الحياد، الذي يدعو إليه الراعي، من مضمونه، فقد ربط باسيل الحياد بتوافق داخلي وموافقة خارجية، ودعا ضمنيا الى تحييد حزب الله وسلاحه من هذا المبدأ، على قاعدة أنه لا يمكن الحياد في قضية الصراع مع إسرائيل.

وفي هذا السياق، قال باسيل إن «الحياد مفهومٌ له أصوله وقواعده في القوانين الدولية، وهو يقتضي توافقاً في الداخل وقبولاً من الجوار وموافقةً دولية»، مضيفا «فإن التيار، الى حينه، يريد تحييد لبنان والاتفاق بين اللبنانيين على مفهوم واحد: يعني مفهوم عدم انغماس لبنان في قضايا لا ارتباط له ولمصالحه بها، بل تأتي عليه بالضرر دون اي فائدة، دون ان يعني هذا المفهوم الغاء دوره او حياده عن القضايا التي تطاله وتضرّ بمصلحته او تلك المتعلّقة بالصراع مع اسرائيل».

وقال مراقبون ان باسيل يعيد طرح مفهوم النأي بالنفس في مواجهة طرح الراعي بالحياد، متناسيا ان النأي بالنفس فشل بانخراط حزب الله الواسع بالحرب السورية وبقدر اقل في حرب اليمن.

ووسط الضغوط والانتقادات التي توجه للتيار، دعا باسيل محازبيه الى الصمود والى اعتماد سياسة هجومية بدل الدفاعية، في كلام فهم منه ان التيار ليس بوارد تقديم تنازلات سياسية من اي نوع، بما في ذلك تنازلات قد تسمح بتشكيل حكومة جديدة.

وقال في هذا السياق: «لقد عانى التيار ظلماً كبيراً جرّاء اتهامه زوراً بما ليس هو فيه، وذلك بسبب سياساته في استعادة الحقوق (من الخارج وفي الداخل)، ورفض التوطين ومحاربة الفساد والخروج عن الرتابة التي عانت منها حياتنا الوطنية، وكسر قيودها؛ وبهذا لا يكون التيار في موقع الدفاع عن النفس، بل عليه ان يكون في موقع الهجوم على الذين ارهقوا البلاد على مدى الثلاثين عاماً المنصرمة، والتذكّر دوماً انّ التيار والحق والحقيقة متلازمون، ولا بدّ لنضال الحق ان ينتصر».

وبينما تواصلت التظاهرات ومحاولات قطع الطرقات من قبل المحتجين، ووسط غياب أي أمل لإعادة توحدهم في جبهة واحدة، استذكر اركان «قوى 14 اذار» السابقة الذكرى عبر «تويتر». فكتب ريس الحكومة الملف سعد الحريري»: 14 اذار فتحت أبواب المنافي والسجون، ورفعت سيف الوصاية عن الدولة، وكسرت حواجز الولاءات الطائفية والمناطقية، لتعيد الاعتبار للوحدة الوطنية ومفاهيم العيش المشترك والولاء للبنان».

أما القيادي في «القوات» النائب جورج عدوان فكتب: «14 اذار انتفاضة شعب يعشق العيش بحريّة ويريد دولة قادرة قويّة عادلة. روح 14 اذار لن تنطفئ، وستبقى بأشكال وظروف مختلفة ومتعددة».

بدوره، قال رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميّل «العبرة بعد 16 سنة أن الاستقلال تحقق في حين غابت المحاسبة، وأُجلت الإصلاحات فعدنا ووقعنا في المحظور».

في سياق آخر، تراجع سعر الدولار قليلا بعد الارتفاع الجنوني امس، اذ سجل ١٢ الف ليرة مقابل الدولار الواحد.

وسجل أمس وصول الدولار الى 11500، لكن التحذيرات تواصلت من ان التراجع في سعر الصرف لن يتوقف من تلقاء نفسه.

ونشر الصحافي الاقتصادي محمد زبيب تقديرات لادارة الاحصاء المركزي للعام 2019 تظهر إنه في حال بلغ سعر صرف الدولار 12 الف ليرة، وهو ما حصل فعلا امس الاول، فإن الدخل الشهري لثلاثة ارباع الاسر تقريبا في لبنان سيقل عن 200 دولار اميركي.

وبذلك وحسب التقديرات نفسها، فإن الدخل الشهري لنحو ثلث الاسر اصبح يقل عن 83 دولارا، اي 2.77 دولار في الشهر للاسرة (3.82 افراد في الاسرة الواحدة كمتوسط عام).

وتشير التقديرات الى انه في حال بلوغ سعر الصرف 25 الف ليرة (على سبيل المثال)، سيكون الدخل الشهري لاكثر من 93% من الاسر اقل من 200 دولار، وسيتهاوى دخل ثلاثة ارباع الاسر الى اقل من 100 دولار في الشهر.

وعلق زبيب على الاحصائية قائلا: «طبعا، هذه التقديرات لا تعكس صور الواقع بدقّة، ولاسيما ان هناك مصادر للدخل يمكنها التكيّف مع التضخم وتعويض الخسارة كليا او جزئيا، الا ان هذه المرونة قد لا تشمل (في احسن الاحوال) سوى ثلث الاسر، وفق التقديرات نفسها». ويضيف: «مصادر دخل نحو ثلثي الاسر لا تتمتع بأي مرونة تجاه التضخم وانهيار سعر الصرف، لانها مداخيل بالليرة اللبنانية وتأتي من الاجور واشباه الاجور ومعاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية (في العمل الدائم والمؤقت، النظامي وغير النظامي، في القطاعين الخاص والعام)».

ويختم: «مهما كانت القراءة التحليلية لهذه التقديرات، فهي تفيد بإعطائنا فكرة عمّا نحن فيه والى اين نحن ذاهبون، وما الذي علينا القيام به لتفادي فصول الازمة المقبلة، التي تبدو اشدّ فتكا بكثير من الفصول السابقة».

وبدأت بوادر أزمة بنزين تلوح في الأفق بانتظار رفع الدعم عن البنزين، الذي سيؤدي الى ارتفاع الأسعار. وبعد أيام من الطوابير الطويلة أمام بعض المحطات، أفادت تقارير بأن معظم محطات الوقود في مختلف المناطق اللبنانية أقفلت أمس، بينما اعتمدت بعض المحطات التعبئة المحدودة.

أزمة البنزين تتفاقم مع إقفال معظم محطات الوقود
back to top