مع تضييق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هامش المناورة الدبلوماسية أمام إيران ومضيها باتجاه إحياء الاتفاق النووي والعمل على توسعته ليشمل أنشطة طهران في المنطقة وتسلحها البالستي، كشف «الحرس الثوري» الإيراني، عن مدينة جديدة للصواريخ تحت الأرض تابعة للقوات البحرية.

وأشارت المؤسسة العسكرية الخاضعة لهيمنة التيار المتشدد والتي تسعى إلى وضع «خطوط حمراء» قبل 5 أيام من موعد مرتقب، حددته مصادر غربية، لجمع طهران وواشنطن على طاولة مفاوضات غير رسمية، بهدف بحث إحياء الاتفاق النووي، إلى أن «القاعدة مزودة بمعدات للحرب الإلكترونية، وأنها قادرة على إطلاق الصواريخ والألغام البحرية من الأعماق».

Ad

وذكرت أن المدينة «تضم مجموعة كبيرة من الصواريخ البالستية، وصواريخ كروز بمديات مختلفة».

وقال قائد «الحرس» اللواء حسين سلامي في تصريح أمس: «ما تضمه القاعدة الجديدة هو جزء بسيط من القدرات الكبيرة الواسعة الصاروخية للقوات البحرية للحرس». كما أوضحت القوات البحرية أن «تزود قواتها بمعدات الحرب الإلكترونية، سيمكنها من رصد الاتصالات الداخلية للعدو، وتتبع إشاراته المنطفئة».

اتهام بحري

وجاء الكشف عن المدينة وقدرتها البحرية في خضم ما وصف بـ «حرب بحرية سرية متصاعدة» بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل في البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، والخليج.

ووجه المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أصابع الاتهام إلى إسرائيل باستهداف سفينة إيرانية تجارية كانت متجهة إلى أوروبا عبر «المتوسط» الأربعاء الماضي.

وقال زادة، معلقاً على الحادث، إن «أصابع الاتهام موجهة للكيان الصهيوني وسلوكه العدواني في حادث استهداف سفينة شهر كرد»، مضيفاً أن «جميع الخيارات مطروحة للدفاع عن أنفسنا إذا تأكد ضلوع أي طرف في هذا الحادث».

والسبت الماضي تحدث أحد أعضاء الفريق التقني المعني بمتابعة الحادث عن احتمال تورط إسرائيل بالهجوم، مشيرا إلى احتمال أن تكون مواد متفجرة قد ألقيت باتجاه «شهركرد» من جسم طائر.

وفي وقت سابق، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» شهادة من مسؤولين أميركيين لم تسمهم بأن ما لا يقل عن 12 سفينة إيرانية استهدفتها إسرائيل خلال العامين الماضيين خلال إبحارها باتجاه سورية، في حين اتهمت الدولة العبرية إيران باستهداف سفينة إسرائيلية بمياه الخليج نهاية فبراير الماضي بألغام بحرية تسببت بأضرار في جسم الحاوية التجارية.

تكرار ظريف

في هذه الأثناء، اختار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مركز السياسات الأوروبية لمخاطبة الأطراف الأوروبية والولايات المتحدة وتوجيه رسائل لها بشأن تنفيذ الاتفاق النووي وقضايا أخرى، في مقدمتها الأزمة اليمنية.

وقال ظريف، في حواره مع المركز الأوروبي، إنّ السياسة الأميركية تجاه الاتفاق النووي بعد مغادرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب السلطة «لم تتغير»، مضيفاً أنّ إدارة بايدن «تمارس الضغوط التي كانت تمارسها إدارة ترامب وتتحمل ذلك».

وكرر الوزير دعوة طهران لواشنطن بالعودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات، مؤكداً أن «الوقت بات ينفد أمامها»، رافضاً الدعوات الأميركية لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، ليتساءل: «لماذا نتفاوض على موضوع تفاوضنا عليه من قبل وتوصلنا إلى اتفاق؟».

وأكد أنّ الإدارة الأميركية «لا يمكنها مطالبتنا بالعودة إلى التفاوض من الصفر»، معتبراً أنّ الاتفاق النووي المبرم مع السداسية الدولية عام 2015 «كان أفضل اتفاق»، وداعياً واشنطن إلى الالتزام به «إذا أرادت كسب ثقتنا».

وأعلن ظريف استعداد بلاده للعمل مع مفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل لحلحلة أزمة الاتفاق النووي، مؤكداً أنّ طهران مستعدة للعودة عن جميع خطواتها النووية لخفض التعهدات إذا رفعت العقوبات المفروضة عليها.

وشدد على أنّ إيران «لا تسعى إلى صناعة الأسلحة النووية، ولا يمكن أن نستخدمها، ولن نستخدم أيضاً الأسلحة الكيميائية»، مصرّحاً بأنّ طهران «تنتظر أفعالاً من الإدارة الأميركية لا أقوالاً».

وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، أعلن ظريف استعداد طهران للحوار مع السعودية ودول المنطقة بشأن هذه القضايا، متهماً الرياض بأنها لم تقم بما هو ضروري لأجل التوصل إلى حل في اليمن.

وأضاف: «قدّمنا حلولاً ومقترحات حول اليمن، ونحن مستعدون للحوار مع السعودية والإمارات».

نفي ذري

وفي وقت سابق، علّق زادة، على حديث مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أخيراً، حول مفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران، نافياً وجود هذه المفاوضات.

وأكد المتحدث الإيراني: «لن نتفاوض مع واشنطن بشكل مباشر أو غير مباشر»، مضيفاً أنّ «أميركا انسحبت من الاتفاق النووي فعليها أن تقبل ظروفاً لعدم تكرار هذا الوضع، وحينئذ يمكن التفاوض في إطار الاتفاق النووي».

من جانب آخر، رد زادة على ما ذكره المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، بأن إنتاج إيران لليورانيوم بمستويات أعلى من التخصيب يجعلها أقرب لتطويره في الاستخدامات العسكرية، بالقول إن «مسألة الرقابة فنية، ومنحت إيران جميع حالات الوصول بموجب الضمانات وبعض الوصول بموجب البروتوكول الإضافي، الذي تم تعليقه بقرار برلماني في الـ 23 من فبراير الماضي».

تجسس وتسييس

إلى ذلك، أكد المحامي سعيد دهقان أن السلطات القضائية الإيرانية تلاحق مواطناً فرنسياً اسمه بنجامان بريير بتهمة «التجسس» أمس. وجاء ذلك بعد أن قالت باريس الشهر الماضي إن بريير أوقف خلال رحلة سياحية في الجمهورية الإسلامية مايو 2020. وجاء ذلك في وقت طالب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية لندن بعدم تسييس قضية البريطانية من أصل بريطاني نازانين زاغاري- راتكليف بعد توجيه المزيد من الاتهامات لها أمس الأول بالدعاية ضد طهران.